زراعة "القمح المبرد" تثير أزمة داخل الحكومة المصرية

05 فبراير 2017
أزمة القمح وصلت إلى البرلمان المصري (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -





أكدت لجنة فنية شكلها وزير الزراعة المصري، الدكتور عصام فايد، عدم جدوى زراعة القمح مرتين، المعروفة باسم "قمح التبريد" الذي جرت زراعته في منطقة التل الكبير بمحافظة الإسماعيلية.

وأوضحت اللجنة المكونة من المركز القومي للبحوث، وعدد من أساتذة الجامعات المختصة بالزراعة، في تقريرها، أنه مشروع فاشل ويعد إهداراً للمال العام، وأن القمح موسمي يزرع مرة واحدة في الشتاء ويتم حصده مع بداية الصيف.

وأضاف التقرير الذي صدر اليوم الأحد أن نتائج الفحص الظاهري لحبوب "القمح المبرد" أظهرت أن عدد حبات العود الواحد لا تتجاوز 7 حبات في مقابل 80 حبة في سنبلة القمح المزروع بالطرق العادية، وأن طول العود 4 سنتيمترات، بينما يصل في الزراعات العادية إلى 11 سنتيمتراً.
وأشار التقرير إلى أن تناول تلك الحبوب يضر بالصحة العامة للمستهلك لكونها مليئة بالرطوبة ولا تصلح للاستهلاك.

وكشف التقرير أن حبات تلك الحبوب تضر كثيرًا بالأراضي الزراعية لكون أن الأرض غير معتادة عليها، وأن زراعة القمح بتلك التقنية التي أعلنتها وزارة الموارد المائية والري مخالف تمامًا للنظام البيئي لزراعة القمح في مصر، كما أنه مضيعة للوقت، وإهدار للمال العام من زراعة وتقاوى وأسمدة ومبيدات، واستنزاف لمواد المياه، ومصاريف حصاد، وأشار التقرير إلى أن حبوب القمح المبرد تصلح لعلف الحيوان فقط.

وتسبب التقرير في حالة صراع بين وزير الزراعة الدكتور عصام فايد الذي رفض الفكرة منذ البداية، ووزير الري الدكتور محمد عبد العاطي الذي تبنى المشروع مع محافظ الإسماعيلية اللواء ياسين طاهر، والمركز القومي لبحوث المياه، وقام وزير الزراعة بدوره بإرسال التقرير البحثي الذي أعده عدد من أساتذة الزراعة إلى رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل، والذي أمر بالتحقيق في تلك الواقعة بعيدًا عن أعين الإعلام تحت شعار "سرى للغاية"، خاصة أن وزارة الري ليس لها شأن بالزراعة ولا بالقمح.

ووصلت الأزمة إلى البرلمان المصري الذي طالب بسرعة استدعاء وزير الري للجنة الزراعة والري، فيما طالب عضو اللجنة محمد تمراز بسرعة إقالة ومحاكمة كل من تسبب في تلك الأزمة، مشيرًا إلى أن الحكومة تشيع بين المواطنين أفكار ومعلومات ليس لها أساس أو جدوى على أرض الواقع، حيث لا يمكن زراعة القمح مرتين في العام فهو محصول شتوي.

وقال تمراز إن وزير الري والتموين اللواء محمد علي الشيخ قام بعمل تمثيلية في ظل وجود اللواء ياسين طاهر محافظ الإسماعيلية بنجاح "القمح المبرد" في التل الكبير وسط حشد إعلامي كبير، وتبين بعد ذلك أنه مشروع فاشل وحذر منه الكثير من خبراء الزراعة.

وبدوره قال أستاذ الزراعة والمياه بجامعة القاهرة الدكتور نادر نور الدين، إن قيام مركز بحوث المياه بزراعة "القمح المبرد" في محافظة الإسماعيلية يعد كارثة، لكون المركز غير مخصص للزراعة، ودوره العمل في بحوث المياه فقط، موضحًا أن ما حدث يعد إهدارًا للمال العام وضياعًا للوقت، وعدم إعطاء زراعة الأراضي للمتخصصين، وهو ما يؤكد فشل الزراعة في مصر، حتى زراعة المليون فدان التي أعلن عنها النظام العام الماضي كانت فاشلة، لكونها زرعت في أماكن صحراوية، فضلًا عن عدم توفير المياه اللازمة لزراعتها، وهو ما يؤكد سياسة التخبط التي تقوم بها الحكومة المصرية حاليًا في الزراعة.

وأضاف نور الدين أن مصر بها العديد من مراكز بحوث الزراعة، فضلًا عن وجود أكثر من 18 كلية زراعة بها خبراء متخصصون في الزراعة، إلا أن الحكومة في وادٍ وهؤلاء في وادٍ آخر، وأن هناك الكثير من دول العالم تستعين بخبراء زراعة من الجامعات المصرية للعمل بها، ونجح هؤلاء كثيرًا، خاصة في عدد كبير من الدول العربية والإسلامية والأفريقية.

ولفت إلى أن محصول القمح هو محصول استراتيجي قومي مهم لغذاء المواطن، ولا يجب العبث به وبمصالح المزارعين، وما تمت مشاهدته العام الماضي من وجود قمح في الشوارع وأمام الشون، وصراخ من قبل المزارعين يؤكد فشل الحكومة في عدم الاهتمام بزراعة القمح بصفة خاصة، وباقي الزراعات الأخرى بصفة عامة مثل قصب السكر والقطن وعدد من الخضروات.

وقال أستاذ الزراعة والمياه بجامعة القاهرة أن القمح محصول شتوي يتطلب إنباته تحت درجة حرارة منخفضة في الشتاء لا تزيد عن 20 درجة مئوية، وليس في عمل شبيه بـ"الصوبات" التي قامت بها وزارة الري، لافتًا إلى أن إنتاجية المحصول من القمح المبرد يقل عن 4 أرادب للفدان مقابل 28 أردبًا في الزراعات العادية.

وأضاف أنه كان من المفترض أن يتم تكريم وزير الري وقسم بحوث المياه على هذا الاختراع الكبير، وهو ما حذرت منه المراكز القومية المتخصصة في الزراعة في كافة المحافظات حتى كلية الزراعة بجامعة الإسماعيلية التي جرت بها زراعة هذا النوع من القمح المبرد.



دلالات
المساهمون