سبعة أشهر مرّت على حكم محمد ولد الغزواني الذي استلم رئاسة موريتانيا في آب/ أغسطس الماضي. آمال كثيرة علقها المواطنون على الرئيس الجديد، مدعّمة بوعود إطلاق الاقتصاد الموريتاني نحو النمو. ولكن، بين بطء تنفيذ البرامج الاقتصادية وتحجج الحكومة بتأثير الديون والالتزامات الكبيرة التي وضعت على كاهل الدولة في الفترة الماضية، بدأ الشارع يعيش حالة تململ تلقي بثقلها على مستوى الثقة والتفاؤل.
وللتغطية على فشل الحكومة في تنفيذ تعهدات الرئيس خلال الأشهر الماضية، وتداركا لأي تأثير سلبي على نظرة الموريتانيين للحكم الجديد، أطلق الرئيس الغزواني برنامج "الأمان الاجتماعي" بغلاف مالي يبلغ 4.1 مليارات أوقية (110 ملايين دولار)، قال إنه يستجيب للأولويات الملحة للناس، ويقدم حلولاً سريعة للمشاكل المستعجلة.
ويهدف البرنامج إلى إنجاز أكثر من 30 مشروعا لدعم الأمن الغذائي والتزويد بالماء الصالح للشرب، وتشييد الطرق في الأحياء النائية والتكافل الاجتماعي بدعم المواطنين الأكثر فقراً.
إضافة إلى وضع برامج مجانية لطبابة ذوي الدخل المحدود وتوسيع التحويلات النقدية الاجتماعية لتشمل 70 ألف أسرة بدلاً من 30 ألفاً. وكذا، خفض سعر الكهرباء بنسبة 20% لصالح ذوي الاشتراكات الاجتماعية وهو ما يمثل نسبة 60% من مجموع الاشتراكات المنزلية، والتوزيع المجاني للمواد الغذائية لصالح حوالي 100 ألف أسرة.
وعود لم تتحقق
لم ينجز الرئيس الغزواني من مجمل برنامجه الانتخابي (تعهداتي) إلا القليل، رغم أن بعض المشاريع لا يحتاج إلى تمويلات ضخمة أو إلى وقت طويل للتنفيذ بقدر ما يحتاج إلى قرارات، يرى المراقبون أنها ستحدث تغييراً إيجابياً ملموساً في الظروف المعيشية للمواطن، وسيوفر تنفيذها العديد من فرص العمل وستعيد ثقة المواطنين بالحكومة.
اقــرأ أيضاً
فقد سبق أن وعد الرئيس ببناء 10 آلاف مسكن وتقديم إعانات شهرية لنحو 100 ألف أسرة فقيرة، كما وعد بمحاربة الطبقية المتفشية في المجتمع من خلال مشاريع اقتصادية تحارب التهميش والفقر في مناطق تسكنها الطبقات المحرومة.
ووعد بزيادة الرواتب وإطلاق تأمين صحي لذوي الدخل المحدود، وتشييد المدارس والجامعات وخفض أسعار المواد الأساسية. وهي وعود لم يتحقق منها شيء حتى الآن. بل شهدت الأسعار ارتفاعاً كبيراً واستمر مسلسل تدوير المناصب بين النخبة السابقة و"رموز الفساد" كما يسميهم المعارضون، فيما لا تزال وعود توظيف الكفاءات وتوطين المهن حبراً على ورق.
ويقول الباحث الاقتصادي أحمد ولد الخليفة إنه "بعد ستة أشهر من حكم الغزواني لم نلمس جدية من هذه الحكومة في تنفيذ أي من تعهدات الرئيس، ولحد الساعة لم يتم إطلاق المشاريع المهمة التي سبق أن أعلن عنها كتشييد الجسور والطرق والموانئ والمطارات...".
اقــرأ أيضاً
ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "أسعار المواد الأساسية ارتفعت بنسبة قاربت الربع، فيما ما زال قرار إنشاء اللجنة الوزارية المكلفة بملف الأسعار حبراً على ورق.. ورغم تفشي الفقر والظلم والتهميش الاجتماعي واصلت السلطات الإمعان في تجاهل هذه الوضعية، وكرست سياسة توارث وتدوير الوظائف والمناصب واستغلال النفوذ في مجال الصفقات العمومية".
ويشير الباحث إلى أن وعود الحكومة بفتح ملفات الفساد المالي لا تعدو كونها شعارات. إذ رغم تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لكنها لم تقم بأي إجراء، ما يؤكد أن إطلاقها جاء بهدف تصفية الحسابات وإرغام بعض المسؤولين السابقين على تسويات غير معلنة".
ويؤكد أن الحكومة ليست جادة فيما يخص الكثير من الوعود، ومن بينها وقف خسائر ثروات البلاد بسبب الاتفاقيات السابقة المجحفة، والتي تم توقيعها لاستغلال مناجم الذهب والنحاس والثروة السمكية. ما يطرح تساؤلات حول المستفيد من الإبقاء على هذه الاتفاقيات التي استنزفت ثروات البلاد ولم تستفد منها خزينة الدولة.
تناقض وتراجع
يرى بعض المراقبين أن هناك تناقضا في تصريحات المسؤولين حول وضعية الاقتصاد الموريتاني، بين أنه يعيش أزمة بسبب ارتفاع الدين العام المستحق، وبين متانة القطاعات ونمو المؤشرات الاقتصادية. حتى إن الرؤية والحلول التي اقترحت على مستوى المسار الاقتصادي كانت متباينة كثيرا، وحصيلة عمل الحكومة خلال الفترة الماضية والآفاق المستقبلية لبرامجها لم تكن محل إجماع.
اقــرأ أيضاً
ويؤكد المراقبون أن حجم التضخم والعجز في ميزان الدولة أعلى مما هو مصرح به. فتأثيراته التي تلامس الشارع كارتفاع الأسعار مستمرة وقوية. ويعتبرون أن فرضية معدل النمو الاقتصادي بعيدة عن الواقع، كما أن التدابير المالية والنقدية التي وضعت لمعالجة الاختلالات الهيكلية لم تعط نتائج حتى الآن.
غير أن المدافعين عن النظام يرون أن الحكومة حققت حصيلة جيدة في فترة وجيزة وقياسية بإطلاق برنامج "الأمان الاجتماعي الفوري" الذي يتكون من 20 مشروعا يغطي مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية والبيئة والتكافل الاجتماعي.
إصلاحات تتطلب وقتاً
يقول الخبير الاقتصادي محمد محمود ولد سيداتي إن "السياسة الاقتصادية للحكومة خلال الفترة الماضية تركز على دعم المواطنين الأكثر فقرا وهشاشة من خلال إيجاد حلول عاجلة لمشاكلهم، وبدء تنفيذ برامج كخفض أسعار الكهرباء بنسبة 20% وتوسيع شبكات التزويد بالماء الصالح للشرب في المناطق التي تعاني من شح المياه، ومواجهة العشوائية والفقر وإطلاق مشاريع التوظيف".
ويضيف أن البرنامج الاستعجالي الشامل الذي يستهدف أساسا طبقات المجتمع الفقيرة كان الشغل الشاغل للحكومة خلال الأشهر الماضية، بهدف تحقيق العدالة وتحسين أوضاع المواطنين المعيشية، ومكافحة مخلفات الرق والإرث الإنساني من خلال خلق فرص للعمل وتمويل أنشطة مدرة للدخل.
اقــرأ أيضاً
ويشير الخبير إلى أن الحكومة أعطت أهمية كبيرة لمجال التوظيف، حيث تم اكتتاب 5 آلاف مدرس وتوقيع اتفاقية مع اتحاد أرباب العمل لتوظيف 6 آلاف شاب في النصف الأول من السنة الجارية.
ويؤكد أن سياسة الحكومة أفضت إلى تحقيق نتائج جيدة على الصعيد الاقتصادي الكلي، حيث وصلت نسبة النمو إلى 6.9%، ومن المتوقع أن يحافظ الاقتصاد على معدل نمو قريب من نفس النسبة أي 6.3% العام الحالي، وذلك بدعم من قطاعات الزراعة والصيد والصناعة والخدمات.
ويشير إلى أنه بفضل اعتدال أسعار الاستيراد وصرامة السياسة النقدية، فإن نسبة التضخم التي بلغت 3% العام الماضي يتوقع ألا تسجل سوى ارتفاع طفيف يصل إلى 3.4% العام الجاري.
ويهدف البرنامج إلى إنجاز أكثر من 30 مشروعا لدعم الأمن الغذائي والتزويد بالماء الصالح للشرب، وتشييد الطرق في الأحياء النائية والتكافل الاجتماعي بدعم المواطنين الأكثر فقراً.
إضافة إلى وضع برامج مجانية لطبابة ذوي الدخل المحدود وتوسيع التحويلات النقدية الاجتماعية لتشمل 70 ألف أسرة بدلاً من 30 ألفاً. وكذا، خفض سعر الكهرباء بنسبة 20% لصالح ذوي الاشتراكات الاجتماعية وهو ما يمثل نسبة 60% من مجموع الاشتراكات المنزلية، والتوزيع المجاني للمواد الغذائية لصالح حوالي 100 ألف أسرة.
وعود لم تتحقق
لم ينجز الرئيس الغزواني من مجمل برنامجه الانتخابي (تعهداتي) إلا القليل، رغم أن بعض المشاريع لا يحتاج إلى تمويلات ضخمة أو إلى وقت طويل للتنفيذ بقدر ما يحتاج إلى قرارات، يرى المراقبون أنها ستحدث تغييراً إيجابياً ملموساً في الظروف المعيشية للمواطن، وسيوفر تنفيذها العديد من فرص العمل وستعيد ثقة المواطنين بالحكومة.
فقد سبق أن وعد الرئيس ببناء 10 آلاف مسكن وتقديم إعانات شهرية لنحو 100 ألف أسرة فقيرة، كما وعد بمحاربة الطبقية المتفشية في المجتمع من خلال مشاريع اقتصادية تحارب التهميش والفقر في مناطق تسكنها الطبقات المحرومة.
ووعد بزيادة الرواتب وإطلاق تأمين صحي لذوي الدخل المحدود، وتشييد المدارس والجامعات وخفض أسعار المواد الأساسية. وهي وعود لم يتحقق منها شيء حتى الآن. بل شهدت الأسعار ارتفاعاً كبيراً واستمر مسلسل تدوير المناصب بين النخبة السابقة و"رموز الفساد" كما يسميهم المعارضون، فيما لا تزال وعود توظيف الكفاءات وتوطين المهن حبراً على ورق.
ويقول الباحث الاقتصادي أحمد ولد الخليفة إنه "بعد ستة أشهر من حكم الغزواني لم نلمس جدية من هذه الحكومة في تنفيذ أي من تعهدات الرئيس، ولحد الساعة لم يتم إطلاق المشاريع المهمة التي سبق أن أعلن عنها كتشييد الجسور والطرق والموانئ والمطارات...".
ويضيف في حديثه لـ "العربي الجديد" أن "أسعار المواد الأساسية ارتفعت بنسبة قاربت الربع، فيما ما زال قرار إنشاء اللجنة الوزارية المكلفة بملف الأسعار حبراً على ورق.. ورغم تفشي الفقر والظلم والتهميش الاجتماعي واصلت السلطات الإمعان في تجاهل هذه الوضعية، وكرست سياسة توارث وتدوير الوظائف والمناصب واستغلال النفوذ في مجال الصفقات العمومية".
ويشير الباحث إلى أن وعود الحكومة بفتح ملفات الفساد المالي لا تعدو كونها شعارات. إذ رغم تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في فترة حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لكنها لم تقم بأي إجراء، ما يؤكد أن إطلاقها جاء بهدف تصفية الحسابات وإرغام بعض المسؤولين السابقين على تسويات غير معلنة".
ويؤكد أن الحكومة ليست جادة فيما يخص الكثير من الوعود، ومن بينها وقف خسائر ثروات البلاد بسبب الاتفاقيات السابقة المجحفة، والتي تم توقيعها لاستغلال مناجم الذهب والنحاس والثروة السمكية. ما يطرح تساؤلات حول المستفيد من الإبقاء على هذه الاتفاقيات التي استنزفت ثروات البلاد ولم تستفد منها خزينة الدولة.
تناقض وتراجع
يرى بعض المراقبين أن هناك تناقضا في تصريحات المسؤولين حول وضعية الاقتصاد الموريتاني، بين أنه يعيش أزمة بسبب ارتفاع الدين العام المستحق، وبين متانة القطاعات ونمو المؤشرات الاقتصادية. حتى إن الرؤية والحلول التي اقترحت على مستوى المسار الاقتصادي كانت متباينة كثيرا، وحصيلة عمل الحكومة خلال الفترة الماضية والآفاق المستقبلية لبرامجها لم تكن محل إجماع.
ويؤكد المراقبون أن حجم التضخم والعجز في ميزان الدولة أعلى مما هو مصرح به. فتأثيراته التي تلامس الشارع كارتفاع الأسعار مستمرة وقوية. ويعتبرون أن فرضية معدل النمو الاقتصادي بعيدة عن الواقع، كما أن التدابير المالية والنقدية التي وضعت لمعالجة الاختلالات الهيكلية لم تعط نتائج حتى الآن.
غير أن المدافعين عن النظام يرون أن الحكومة حققت حصيلة جيدة في فترة وجيزة وقياسية بإطلاق برنامج "الأمان الاجتماعي الفوري" الذي يتكون من 20 مشروعا يغطي مجالات التعليم والصحة والبنى التحتية والبيئة والتكافل الاجتماعي.
إصلاحات تتطلب وقتاً
يقول الخبير الاقتصادي محمد محمود ولد سيداتي إن "السياسة الاقتصادية للحكومة خلال الفترة الماضية تركز على دعم المواطنين الأكثر فقرا وهشاشة من خلال إيجاد حلول عاجلة لمشاكلهم، وبدء تنفيذ برامج كخفض أسعار الكهرباء بنسبة 20% وتوسيع شبكات التزويد بالماء الصالح للشرب في المناطق التي تعاني من شح المياه، ومواجهة العشوائية والفقر وإطلاق مشاريع التوظيف".
ويضيف أن البرنامج الاستعجالي الشامل الذي يستهدف أساسا طبقات المجتمع الفقيرة كان الشغل الشاغل للحكومة خلال الأشهر الماضية، بهدف تحقيق العدالة وتحسين أوضاع المواطنين المعيشية، ومكافحة مخلفات الرق والإرث الإنساني من خلال خلق فرص للعمل وتمويل أنشطة مدرة للدخل.
ويشير الخبير إلى أن الحكومة أعطت أهمية كبيرة لمجال التوظيف، حيث تم اكتتاب 5 آلاف مدرس وتوقيع اتفاقية مع اتحاد أرباب العمل لتوظيف 6 آلاف شاب في النصف الأول من السنة الجارية.
ويؤكد أن سياسة الحكومة أفضت إلى تحقيق نتائج جيدة على الصعيد الاقتصادي الكلي، حيث وصلت نسبة النمو إلى 6.9%، ومن المتوقع أن يحافظ الاقتصاد على معدل نمو قريب من نفس النسبة أي 6.3% العام الحالي، وذلك بدعم من قطاعات الزراعة والصيد والصناعة والخدمات.
ويشير إلى أنه بفضل اعتدال أسعار الاستيراد وصرامة السياسة النقدية، فإن نسبة التضخم التي بلغت 3% العام الماضي يتوقع ألا تسجل سوى ارتفاع طفيف يصل إلى 3.4% العام الجاري.