يخشى رجال الأعمال في تونس من ضياع فرص الولوج إلى السوق الليبية، بعد أن شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تراجعا كبيراً بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية في السنوات الأخيرة.
وبهدف حماية حظوظهم إزاء المنافسة الدولية الشرسة، يسعى رجال الأعمال إلى إنشاء تكتلات من أجل حلحلة الصعوبات التي تحول دون عودة تونس إلى موقعها المتقدم في تزويد السوق الليبية، التي تشهد تعافيا تدريجياً جلب لها أنظار المستثمرين من دول عدة.
وأعلن رجال أعمال من البلدين يوم الجمعة الماضي عن إنشاء مجلس مشترك للأعمال، ينتظر أن يساهم في إعادة النشاط للعلاقات التجارية، وفق ما صرح به رئيس مجلس الأعمال التونسي الأفريقي بسام الوكيل.
ولا يعد مجلس الأعمال التونسي الليبي الهيكل الاقتصادي المشترك الأول من نوعه بين تونس وجارتها الجنوبية، فقد سبق لرجال أعمال على امتداد السنوات السبع الماضية أن قدموا مبادرات لتنسيق المجهودات وإعطاء دفع لاقتصادات البلدين، غير أن اضطراب حركة تدفق السلع عن طريق المعابر البرية أفشلت جزءا من هذه المبادرات.
لكن الوكيل قال لـ"العربي الجديد"، إن المجلس الجديد يهدف إلى الاستفادة من عودة الحياة لشرايين الاقتصاد الليبي، الذي يتطلع إلى نسبة نمو في حدود 5%، مشيرا إلى أن تعثر الشركات التونسية في الحفاظ على مكانتها التقليدية في هذه السوق فسح المجال إلى بلدان أخرى لاكتساح الموقع.
وأضاف الوكيل أن حجم المبادلات بين البلدين تراجع إلى 166 مليون دولار حالياً، بينما بلغ خلال عام 2010 نحو 1.25 مليار دولار، وهو ثاني شريك تجاري لتونس بعد الاتحاد الأوروبي.
وأشار إلى أن هناك اتفاقا على ضرورة تشخيص الوضع وإيجاد حلول لأسباب تعطل النشاط الاقتصادي بين البلدين وخروج الشركات التونسية من الأعمال الليبية، لافتا إلى أن البنك المركزي الليبي وافق عل فتح اعتمادات مستندية بقيمة 4 مليارات دولار لاستيراد المواد الغذائية فقط في 2018، وهي فرصة مهمة للشركات التونسية لتسويق منتجاتها.
وتترافق الرغبة في تعزيز الشراكة الاقتصادية المتقدمة بين تونس وجارتها الجنوبية ليبيا مع محاولات الاستفادة أيضا من عمليات إعادة الإعمار في البلد الطامح إلى الاستقرار، وإنهاء الصراعات التي مزقته على مدار سبع سنوات ماضية.
وتولي العديد من الدول الكبرى على غرار فرنسا وتركيا اهتماما كبيراً بالوضع السياسي والاقتصادي في ليبيا، أملا في المساهمة في إعادة الإعمار، على أن تكون تونس بوابة العبور نحو هذه السوق التي توقع البنك الدولي أن تحقق نسبة نمو لن تقل عن 3% العام الحالي 2018.
وقال رجل الأعمال الليبي جيلاني العكروتي في حديث لـ"العربي الجديد" إنه لا بد من إعادة إحياء التعاملات بين البلدين وفسح المجال أمام الشركات الشابة لأخذ موقعها.
وأضاف العكروتي أن كل تأخر في إصلاح العلاقات الاقتصادية المتبادلة، يساعد في توسع السوق الموازية وأنشطة التهريب، مؤكدا أن أكثر من 60 % من النشاط التجاري ابتلعه التهريب، ما يعد خسارة فادحة لاقتصاد البلدين.
ويندرج التبادل التجاري بين تونس وليبيا في إطار اتفاقية منطقة التبادل الحر الموقعة بينهما عام 2001، والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2002، وتمنح العديد من الامتيازات للمستثمرين والموردين والمصدرين من البلدين.
كما يرتبط البلدان باتفاقية تسيير وتنمية المبادلات التجارية بين الدول العربية والبرنامج التنفيذي لإرساء منطقة تجارة حرة عربية، والتي تنص على تحرير كافة السلع المتبادلة، وفقا لمبدأ التحرير التدريجي الذي بدأ تطبيقه.
كان محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، قد أكد في مارس/آذار الماضي، على أهمية التعويل على الصادرات بمختلف أنواعها لضمان استمرارية تدفق العملة، مشيرا إلى ضرورة تنسيق الجهود بين البنك المركزي والوزارات المكلفة بالاقتصاد من أجل تحسين المؤشرات الاقتصادية.
ووصف العباسي مؤشرات تونس الاقتصادية بالمخيفة، لافتاً إلى أن عجز ميزان المدفوعات بلغ 10% للمرة الأولى. وصعد إجمالي العجز التجاري لتونس في 2017، بنسبة 23% مقارنة مع العام السابق له، إلى 6.49 مليارات دولار، بحسب بيانات صادرة عن المعهد التونسي للإحصاء الشهر الماضي.
ويعاني الدينار التونسي من تراجع حاد أمام الدولار الأميركي واليورو الأوروبي، وخسر خلال 2017 ما نسبته 9.5% مقارنة بمستوياته في العام 2016.