أفادت مصادر تجارية وشركات بأن مصافي أوروبية توقف تدريجيا مشترياتها من النفط الإيراني، وهو ما يغلق الباب أمام خمس صادرات إيران من الخام بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على طهران.
وعلى الرغم من أن الحكومات الأوروبية لم تحذ حذو واشنطن في فرض عقوبات جديدة، إلا أن مصارف وشركات للتأمين والنقل البحري تقطع روابطها تدريجيا مع إيران تحت ضغط من القيود الأميركية، وهو ما يجعل التجارة مع طهران معقدة ومحفوفة بالمخاطر.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 4 مايو/ أيار قراره الانسحاب من اتفاقية 2015 النووية بين إيران وقوى عالمية، وأعاد فرض عقوبات على طهران. ويبدأ سريان العقوبات على قطاع النفط الإيراني بعد "فترة تصفية" 180 يوما تنتهي في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني.
وحث وزراء من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مسؤولين أميركيين على حماية الشركات الأوروبية من العقوبات، لكن المصافي لا تترك مجالا للمجازفة.
مصدر بارز في ساراس الإيطالية، التي تدير مصفاة ساروش في سردينيا وطاقتها 300 ألف برميل يوميا، قال: "لا نستطيع تحدي الولايات المتحدة".
وتابع المصدر أن ساراس تدرس أفضل السبل لوقف مشترياتها من النفط الإيراني في غضون مهلة المئة والثمانين يوما المسموح بها، مضيفا "لم يتضح بعد ما الذي تستطيع الإدارة الأميركية فعله، لكن من الناحية العملية، فإننا يمكن أن نواجه متاعب".
وقد يتسبب هبوط في تجارة الخام بين إيران وأوروبا في تعقيد الجهود التي تبذلها الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لإنقاذه.
وقالت المصادر إن مصافي تابعة لشركات توتال الفرنسية وإيني وساراس الإيطاليتين وريبسول وسيسبا الإسبانيتين وهيلينيك بتروليوم اليونانية تستعد لوقف مشترياتها من النفط الإيراني بمجرد سريان العقوبات.
وتشكل تلك المصافي معظم مشتريات أوروبا من الخام الإيراني، وهو ما يعادل نحو خُمس صادرات إيران النفطية.
وأظهرت بيانات جمعتها وكالة رويترز ومكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات)، أن مبيعات الخام الإيراني إلى المشترين الأجانب بلغت نحو 2.5 مليون برميل يوميا في المتوسط في الأشهر القليلة الماضية، فيما اتجه الجزء الأكبر من الصادرات إلى آسيا.
وقالت المصادر إن الشركات، ومعظمها لديها عقود طويلة الأجل مع شركة النفط الوطنية الإيرانية، ستواصل شراء شحنات حتى سريان العقوبات.
ولا تعتزم توتال، صاحبة أكبر مصفاة نفطية في أوروبا، طلب إعفاء لتواصل تجارة النفط الخام مع إيران بعد 4 نوفمبر، بحسب مصادر مطلعة. وهذا يعني أنها لن تستطيع الاستمرار في شراء الخام.
وقالت إيني إن لديها عقد إمداد قائما لشراء مليوني برميل شهريا، ينتهي أجله بنهاية العام، بينما امتنعت ريبسول وهيلينيك بتروليوم عن التعقيب.
وقال متحدث باسم سيسبا: "نشاطنا التجاري مستمر كالمعتاد... نواصل الالتزام الصارم بالقوانين والقواعد التنظيمية الأوروبية والدولية".
مصادر تجارية أفادت بأن الخام الإيراني يمكن استبداله بخام الأورال الروسي، الذي ارتفع سعره في أعقاب الإعلان الأميركي، وأيضا الخام من السعودية.
طلب إعفاء
في غضون ذلك، تدرس بعض المصافي، ومن بينها سيسبا، طلب إعفاء من السلطات الأميركية لمواصلة الشراء بعد الموعد النهائي في نوفمبر، بهدف استكمال اتفاقاتها الآجلة.
وقال مصدر في قطاع النفط قريب من سيسبا، إنه "مع وجود عقود طويلة الأجل، نأمل في الحصول على إعفاء لستة أشهر. اعتبارا من نوفمبر، لا نعرف ما إذا كان أي خفض سيكون جزئيا أم كاملا".
وارتفعت تجارة النفط الخام بشكل كبير بين إيران وأوروبا منذ رفع العقوبات عن طهران في 2015.
لكن البنوك وشركات النقل البحري والتأمين تنأى بنفسها الآن عن الجمهورية الإسلامية، وهو ما لا يترك أمام المصافي الأوروبية خيارات تذكر سوى وقف مشتريات النفط الإيراني.
وقال مصدر لدى ريبسول "إنها مسألة إيجاد ناقلة وشركة تأمين تغطيها. إنها بالقطع ليست أمرا سهلا الآن".
مصدر مطلع صرح بأن هيلينيك عليها أن تُوقف الواردات، لأن البنك السويسري الذي تستخدمه لم يعد يقوم بإجراءات الدفع إلى إيران.
ومن المتوقع أيضا أن يخفض مستوردون آسيويون مشترياتهم. وتخطط ريلاينس إنداستريز الهندية، مالكة أكبر مجمع للتكرير في العالم، لوقف استيراد النفط من إيران، حسبما قال مصدران مطلعان الأسبوع الماضي.
(رويترز)