تداعيات العقوبات الأميركية... الأسواق الإيرانية نحو المجهول والعملة تهوي وتصاعد احتجاجات التجّار
زاد الارتباك في أسواق إيران بشكل متصاعد، خلال الأيام الأخيرة، على وقع تزايد مخاطر العقوبات الأميركية التي هوت بمختلف المؤشرات الاقتصادية.
ولم تفلح رسائل الطمأنة الحكومية في إقناع التجّار الذين توعّدوا بمزيد من الإضرابات والاحتجاجات في حالة استمرار تهاوي العملة المحلية وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وفي تصعيد احتجاجي جديد، لم يفتح تجار بازار طهران الشعبي الواقع جنوب العاصمة محلاتهم، اليوم، ونظموا وقفة اعتراضا على الوضع الاقتصادي المتدهور، وانهيار سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار وتفاقم ركود الأسواق وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين. ووصفت وكالة الأنباء الإيرانية (فارس)، هذا التجمع الاحتجاجي بالسلمي.
وظلت الأجواء في السوق الشعبي متوترة، رغم أن مصادر رسمية كثيرة حاولت التفريق بين المحتجين من التجار وبين من وصفتهم بالسماسرة، أو بمستغلي الأوضاع من جهة ثانية، في محاولة لتضييق دائرة الاحتجاجات.
اقــرأ أيضاً
وقال متسوقون إيرانيون لـ"العربي الجديد"، إن السوق الشعبي أصبح يخلو من البضائع الجديدة، ويتذرع التجار بأن أسعار الدولار المتغيرة بشكل يومي تمنع حصولهم على الواردات، حتى أن المصانع تعطيهم البضائع بأسعار مرتفعة ومتغيرة.
وقد نقلت وكالات إيرانية عن بعض تجار البازار في سوق الأقمشة قولهم إنهم باتوا مضطرين لبيع البضاعة للزبائن دون أخذ سعرها كاملا والاكتفاء بدفعة على الحساب.
وتعليقا على ذلك، قال رئيس غرفة نقابات إيران علي فاضلي، إن الوضع في بازار طهران هادئ وعاد إلى نشاطه الطبيعي، واصفا الاعتراض على الوضع الاقتصادي بالمشروع وبأنه يجب الفصل بين التجار المتضررين وبين مستغلي الأوضاع.
ونقل موقع وكالة تسنيم الإيرانية عن فاضلي قوله كذلك إن المشرفين من النقابات المعنية موجودون في البازار (السوق الشعبي) لمراقبة التطورات، مؤكدا أنه سيتم التعامل بصرامة مع من يحاول استغلال هذه المطالب بشكل غير قانوني.
وفي سياق متصل، أرسل نواب من البرلمان الإيراني رسالة لرئيسه علي لاريجاني طالبوه فيها بعقد جلسة طارئة وسريعة بين رؤساء السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتشكيل لجنة خاصة لمتابعة ملف المشكلات الاقتصادية ومحاولة ضبط سوق الصرف.
اقــرأ أيضاً
وخلال جولة في أحد أسواق العاصمة، لاحظت "العربي الجديد" أن حركة المشترين لم تعد كما كانت عليه سابقاً، فمنذ أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الماضي، انعكس ذلك على الاقتصاد الإيراني، فوصل سعر الدولار الواحد إلى عشرة آلاف تومان، أي ما يعادل 100 ألف ريال، أول من أمس، وهو ما رفع صوت المحتجين من التجار.
الجدير بالذكر أن احتجاجات واسعة كانت قد خرجت في مناطق إيرانية عدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي اعتراضا على الوضع الاقتصادي وعلى الفساد والسياسات الحكومية.
وما يزيد من مخاوف الأسواق اقتراب دخول حزمة العقوبات الأولى المفروضة على طهران حيز التنفيذ بتاريخ 6 أغسطس/ آب المقبل، حيث لن تتمكن الحكومة الإيرانية اعتبارا من هذا التاريخ من شراء الدولار، كما لن تستطيع التجارة بالذهب والمعادن الثمينة.
وإلى جانب ذلك، ستفرض واشنطن عقوبات تحظر بموجبها طهران تجارة الألمنيوم، والفولاذ، والفحم، فضلا عن عقوبات في قطاع تصنيع السيارات، وفرض قيود على المعاملات بالريال الإيراني خارج إيران.
كما ستُطبق الحزمة الثانية من العقوبات على طهران بتاريخ 4 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث ستُفرض بموجبها قيود دولية على الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، فضلا عن حظر شراء النفط والمواد البتروكيميائية ومنتجات البترول من إيران، وعقوبات على قطاع الطاقة الإيراني بشكل عام.
وفي إطار محاولات الحكومة للحد من أزمة تهاوي العملة المحلية، صدر قرار بتشكيل سوق ثانوية مساندة للعملة الصعبة خلال أسبوع، عقب اجتماع حكومي بحضور الرئيس حسن روحاني، أول من أمس، ليتم عبر هذا السوق بيع وشراء الدولار وفق سعر يتم التوافق عليه، وهو ما قد يحسن سعر الصرف وأسعار الذهب.
وقد أعلن محافظ المصرف المركزي الإيراني ولي الله سيف، أنه سيتم الاتفاق على أسعار ثابتة لمعظم البضائع غير الرئيسة المستوردة، وهو ما قد ينعكس إيجابا على السوق ويوقف التذرع بتذبذب وتغير سعر الصرف.
وعادت العملة الإيرانية للتخبط منذ الإعلان عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، فضعفت مقابل الدولار من حوالي 65 ألف ريال قبيل صدور قراره، ووصلت إلى 80 ألفا الأسبوع الفائت، قبل أن تصل، أول من أمس، إلى 10 آلاف تومان، أي ما يعادل 100 ألف ريال للدولار، ما أدى إلى تذبذب شديد في السوق.
وأقر البنك المركزي في وقت سابق، تثبيت سعر الصرف في محاولة لكبح السوق السوداء، فحدد سعر الدولار الواحد بـ42 ألف ريال إيراني، لكن السماسرة ما زالوا يتلاعبون بالأسعار، ويعقدون الأمور على من يريدون شراء الدولار بالذات، ويبدو واضحا أن الحكومة غير قادرة على ضخ الدولار في السوق بما يؤدي لاتزان الأوضاع، رغم تأكيدها أن لديها المخزون الكافي وأنها قادرة على التحكم بما يحصل.
حكوميا، ذكر مستشار الرئيس الإيراني حسام الدين آشنا، أنه يجب الاستماع لصوت الشارع والأسواق التجارية.
وأكد نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، أن الحكومة ستوفر الكمية اللازمة من العملة الصعبة لشراء السلع الأساسية، كما دعا الشارع الإيراني للهدوء وللاطمئنان، فلدى الحكومة برامجها لضخ العملة الصعبة، كما أنها ستتعامل بشكل صارم وقاطع مع من وصفهم بالفاسدين.
وإلى جانب ذلك، اتخذت وزارة الاتصالات الإيرانية خطوة عملية بعد خروج تجار سوق الهواتف الخليوية في تجمعات اعتراضية، فأسعار هذه الهواتف في ارتفاع ملموس، رغم أن عددا من التجار يستوردونها وفق السعر الرسمي الذي حدده المصرف المركزي في وقت سابق، فنشرت الوزارة لائحة بأسماء الشركات المستوردة وفقا لهذا السعر، داعية للتبليغ عن أي حالة مخالفة.
أما المديرية العامة للجرائم الإلكترونية في محافظة طهران، فأعلنت عن أنها تحقق في قائمة وزارة الاتصالات، وأنها ستتعامل مع الأشخاص الذين يرفعون الأسعار بأنفسهم.
ورغم كل هذه المبررات الحكومية، إلا أن خبراء اقتصاد يرون أن وراء ما يجري عوامل داخلية وأخرى خارجية ناجمة عن القرار الأميركي. ويحمل الخبراء مسؤولية الوضع، للحكومة أولا، وللسماسرة ثانيا، ولتخوف المواطنين وفزعهم ومسارعتهم لشراء الذهب والعملة الصعبة ثالثا.
اقــرأ أيضاً
وعن ذلك، قال خبير الاقتصاد شريف خسروي لـ"العربي الجديد"، إن المؤشرات في إيران تخضع لمسألة العرض والطلب، مضيفاً أن الحديث عن عودة العقوبات الأميركية انعكس على أسعار السلع في الداخل، فيجب قبول حقيقة أن الولايات المتحدة تتحكم باقتصاد العالم، كما أن علاقاتها السياسية مع الآخرين تؤثر على طهران، فهي تستخدم الكثير من الأدوات التي تترك تأثيرا سلبيا على الاقتصاد.
وتوقع أن الضغوطات الأميركية ستترك نتائج على تعاون إيران مع الشركات والمستثمرين الذين سيتخوفون من أن تطاولهم العقوبات الأميركية في الفترة المقبلة، ما يؤدي لإضعاف الاقتصاد مستقبلا.
ورأى أن الحل يكمن في تعاون كل الأطراف في إيران، من الحكومة والشارع، كما أنه يكون بمحاربة السماسرة، داعيا لإدارة المشكلات ولوضع برنامج واضح للتعامل مع القادم.
وفي السياق ذاته، قال المحلل الاقتصادي حسين أنصاري فرد، إن السوق الإيراني في حالة صدمة واضطراب في الوقت الراهن، وهذا يعني انتظار تضخم اقتصادي مرتقب، معتبرا أن العوامل الحقيقية التي تتسبب به لم تحصل بعد، لذلك تظهر التبعات في السوق أولا وعلى الأسعار.
وأكد أنصاري فرد لـ"العربي الجديد"، أن اضطراب الأسواق يرتبط بالقلق من عودة العقوبات وبالتخوف من تضييق الخناق على إيران مجددا.
ومع ذلك رأى أن وضع مخزون إيران من العملة الصعبة جيد للغاية، كما أن أرقام المعدلات المتعلقة بالتضخم والنمو الاقتصادي والإنتاج ما زالت أفضل من سنوات سابقة، مطالباً الحكومة والسلطة القضائية بالتصرف بشكل حاسم مع من يؤثرون على الاقتصاد ويتلاعبون بالأسعار.
وظلت الأجواء في السوق الشعبي متوترة، رغم أن مصادر رسمية كثيرة حاولت التفريق بين المحتجين من التجار وبين من وصفتهم بالسماسرة، أو بمستغلي الأوضاع من جهة ثانية، في محاولة لتضييق دائرة الاحتجاجات.
وقد نقلت وكالات إيرانية عن بعض تجار البازار في سوق الأقمشة قولهم إنهم باتوا مضطرين لبيع البضاعة للزبائن دون أخذ سعرها كاملا والاكتفاء بدفعة على الحساب.
وتعليقا على ذلك، قال رئيس غرفة نقابات إيران علي فاضلي، إن الوضع في بازار طهران هادئ وعاد إلى نشاطه الطبيعي، واصفا الاعتراض على الوضع الاقتصادي بالمشروع وبأنه يجب الفصل بين التجار المتضررين وبين مستغلي الأوضاع.
ونقل موقع وكالة تسنيم الإيرانية عن فاضلي قوله كذلك إن المشرفين من النقابات المعنية موجودون في البازار (السوق الشعبي) لمراقبة التطورات، مؤكدا أنه سيتم التعامل بصرامة مع من يحاول استغلال هذه المطالب بشكل غير قانوني.
وفي سياق متصل، أرسل نواب من البرلمان الإيراني رسالة لرئيسه علي لاريجاني طالبوه فيها بعقد جلسة طارئة وسريعة بين رؤساء السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتشكيل لجنة خاصة لمتابعة ملف المشكلات الاقتصادية ومحاولة ضبط سوق الصرف.
الجدير بالذكر أن احتجاجات واسعة كانت قد خرجت في مناطق إيرانية عدة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي اعتراضا على الوضع الاقتصادي وعلى الفساد والسياسات الحكومية.
وما يزيد من مخاوف الأسواق اقتراب دخول حزمة العقوبات الأولى المفروضة على طهران حيز التنفيذ بتاريخ 6 أغسطس/ آب المقبل، حيث لن تتمكن الحكومة الإيرانية اعتبارا من هذا التاريخ من شراء الدولار، كما لن تستطيع التجارة بالذهب والمعادن الثمينة.
وإلى جانب ذلك، ستفرض واشنطن عقوبات تحظر بموجبها طهران تجارة الألمنيوم، والفولاذ، والفحم، فضلا عن عقوبات في قطاع تصنيع السيارات، وفرض قيود على المعاملات بالريال الإيراني خارج إيران.
كما ستُطبق الحزمة الثانية من العقوبات على طهران بتاريخ 4 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث ستُفرض بموجبها قيود دولية على الشركة الوطنية الإيرانية للنفط، فضلا عن حظر شراء النفط والمواد البتروكيميائية ومنتجات البترول من إيران، وعقوبات على قطاع الطاقة الإيراني بشكل عام.
وفي إطار محاولات الحكومة للحد من أزمة تهاوي العملة المحلية، صدر قرار بتشكيل سوق ثانوية مساندة للعملة الصعبة خلال أسبوع، عقب اجتماع حكومي بحضور الرئيس حسن روحاني، أول من أمس، ليتم عبر هذا السوق بيع وشراء الدولار وفق سعر يتم التوافق عليه، وهو ما قد يحسن سعر الصرف وأسعار الذهب.
وقد أعلن محافظ المصرف المركزي الإيراني ولي الله سيف، أنه سيتم الاتفاق على أسعار ثابتة لمعظم البضائع غير الرئيسة المستوردة، وهو ما قد ينعكس إيجابا على السوق ويوقف التذرع بتذبذب وتغير سعر الصرف.
وعادت العملة الإيرانية للتخبط منذ الإعلان عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، فضعفت مقابل الدولار من حوالي 65 ألف ريال قبيل صدور قراره، ووصلت إلى 80 ألفا الأسبوع الفائت، قبل أن تصل، أول من أمس، إلى 10 آلاف تومان، أي ما يعادل 100 ألف ريال للدولار، ما أدى إلى تذبذب شديد في السوق.
وأقر البنك المركزي في وقت سابق، تثبيت سعر الصرف في محاولة لكبح السوق السوداء، فحدد سعر الدولار الواحد بـ42 ألف ريال إيراني، لكن السماسرة ما زالوا يتلاعبون بالأسعار، ويعقدون الأمور على من يريدون شراء الدولار بالذات، ويبدو واضحا أن الحكومة غير قادرة على ضخ الدولار في السوق بما يؤدي لاتزان الأوضاع، رغم تأكيدها أن لديها المخزون الكافي وأنها قادرة على التحكم بما يحصل.
حكوميا، ذكر مستشار الرئيس الإيراني حسام الدين آشنا، أنه يجب الاستماع لصوت الشارع والأسواق التجارية.
وأكد نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، أن الحكومة ستوفر الكمية اللازمة من العملة الصعبة لشراء السلع الأساسية، كما دعا الشارع الإيراني للهدوء وللاطمئنان، فلدى الحكومة برامجها لضخ العملة الصعبة، كما أنها ستتعامل بشكل صارم وقاطع مع من وصفهم بالفاسدين.
وإلى جانب ذلك، اتخذت وزارة الاتصالات الإيرانية خطوة عملية بعد خروج تجار سوق الهواتف الخليوية في تجمعات اعتراضية، فأسعار هذه الهواتف في ارتفاع ملموس، رغم أن عددا من التجار يستوردونها وفق السعر الرسمي الذي حدده المصرف المركزي في وقت سابق، فنشرت الوزارة لائحة بأسماء الشركات المستوردة وفقا لهذا السعر، داعية للتبليغ عن أي حالة مخالفة.
أما المديرية العامة للجرائم الإلكترونية في محافظة طهران، فأعلنت عن أنها تحقق في قائمة وزارة الاتصالات، وأنها ستتعامل مع الأشخاص الذين يرفعون الأسعار بأنفسهم.
ورغم كل هذه المبررات الحكومية، إلا أن خبراء اقتصاد يرون أن وراء ما يجري عوامل داخلية وأخرى خارجية ناجمة عن القرار الأميركي. ويحمل الخبراء مسؤولية الوضع، للحكومة أولا، وللسماسرة ثانيا، ولتخوف المواطنين وفزعهم ومسارعتهم لشراء الذهب والعملة الصعبة ثالثا.
وتوقع أن الضغوطات الأميركية ستترك نتائج على تعاون إيران مع الشركات والمستثمرين الذين سيتخوفون من أن تطاولهم العقوبات الأميركية في الفترة المقبلة، ما يؤدي لإضعاف الاقتصاد مستقبلا.
ورأى أن الحل يكمن في تعاون كل الأطراف في إيران، من الحكومة والشارع، كما أنه يكون بمحاربة السماسرة، داعيا لإدارة المشكلات ولوضع برنامج واضح للتعامل مع القادم.
وفي السياق ذاته، قال المحلل الاقتصادي حسين أنصاري فرد، إن السوق الإيراني في حالة صدمة واضطراب في الوقت الراهن، وهذا يعني انتظار تضخم اقتصادي مرتقب، معتبرا أن العوامل الحقيقية التي تتسبب به لم تحصل بعد، لذلك تظهر التبعات في السوق أولا وعلى الأسعار.
وأكد أنصاري فرد لـ"العربي الجديد"، أن اضطراب الأسواق يرتبط بالقلق من عودة العقوبات وبالتخوف من تضييق الخناق على إيران مجددا.
ومع ذلك رأى أن وضع مخزون إيران من العملة الصعبة جيد للغاية، كما أن أرقام المعدلات المتعلقة بالتضخم والنمو الاقتصادي والإنتاج ما زالت أفضل من سنوات سابقة، مطالباً الحكومة والسلطة القضائية بالتصرف بشكل حاسم مع من يؤثرون على الاقتصاد ويتلاعبون بالأسعار.