الأردنيون متخوفون من وضع الحكومة يدها على أموال المتقاعدين

09 ابريل 2018
محاولة من الحكومة لوضع يدها على أموال الضمان(صلاح ملكاوي/Getty)
+ الخط -
يتخوف الأردنيون من حدوث أزمة في "المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي" ما قد يهدد أموالهم ومستقبلهم، خصوصاً بعدما قرر "ديوان تفسير القوانين" حصر التصرفات الاستثمارية لأموال المؤسسة بالمجلس الاستثماري من دون تدخل مجلس إدارة المؤسسة، في خطوة فسرها مراقبون بأنها محاولة من الحكومة لوضع يدها على أموال الضمان الاجتماعي والتحكم بالقرارات الاستثمارية.

وكان ديوان تفسير القوانين اتخذ قراراً الأسبوع الماضي يقضي بحصر إدارة ملف الاستثمار لمؤسسة الضمان في وحدتها الاستثمارية، ومن دون أي صلاحية لمجلس إدارة المؤسسة الذي يضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص والعمال، مخالفاً بذلك قراراً صدر قبل عام تقريباً اعتبر أن القرارات الاستثمارية ليست محصورة بالوحدة الاستثمارية، وأن الإدارة تُعتبر مرجعية للقرارات الاستثمارية.

وتدار المؤسسة من خلال مجلس إدارة يرأسه وزير العمل، فيما استُحدث قبل سنوات وحدة استثمارية لأموال المؤسسة، وتم اعطاؤها صفة الاستقلالية استثمارياً واعتبارها جهة منفصلة في هذا المجال عن الإدارة العامة، التي وبحسب قرار الديوان تبقى معنية بأمور إدارية فقط.

وأنشئت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي عام 1978 لتوفير الحماية الاجتماعية للعاملين في القطاع الخاص، لكنها توسعت في التسعينيات لتشمل العاملين في الجهاز العسكري بعدما واجهت الحكومة أعباء كبيرة في النفقات التقاعدية.

وقال موسى الصبيحي الناطق الرسمي باسم "مؤسسة الضمان الاجتماعي" في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إن عدد المتقاعدين مبكراً وصل إلى أكثر من 98 ألف متقاعد، ما نسبته 47% من العدد الإجمالي لمتقاعدي الضمان الذين بلغوا حوالى 208 آلاف متقاعد من مختلف القطاعات ودرجات الرواتب.

ويبلغ عدد المشمولين تحت مظلة الضمان الاجتماعي حوالي 2.3 مليون شخص من القطاعين العام والخاص.

وتملك المؤسسة أكبر صندوق استثماري في الأردن، وقالت سهير العلي مدير إدارة أموال الضمان الاجتماعي، إن موجودات الصندوق تبلغ نحو 13.5 مليار دولار، لكن تزايد النفقات على التقاعد المبكر بات يمثل تهديداً لأصول المؤسسة.

وحذرت فعاليات اقتصادية ونيابية وحزبية من القرار وخطورته على مستقبل المؤسسة، وخاصة مع إلغاء الحكومة نظام التقاعد المدني منذ أكثر من 20 عاماً.

وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي لـ"العربي الجديد"، إن تفرّد جهة واحدة بالقرار الاستثماري في الضمان الاجتماعي مؤشر خطير ويهدد مستقبل المؤسسة، لافتاً إلى وجود استثمارات خاصة بالمؤسسة متعثرة، وحمّلتها أعباء مالية وخسائر كبيرة، ما يتطلب إعادة النظر بالسياسة الاستثمارية وآلية اتخاذ قرارات الاستثمار وعدم حصرها برئيس وأعضاء الوحدة الاستثمارية.

وعبرت لجنة العمل النيابية عن مخاوفها من تضارب القرارات الصادرة عن ديوان تفسير القوانين، حيال صلاحية صندوق استثمار الضمان الاجتماعي باتخاذ قرارات مستقلة عن مجلس إدارة المؤسسة.


وقال رئيس اللجنة النائب خالد الفناطسة إن لجنته تلقت ملاحظات من المهتمين تتعلق بمستقبل أموال الضمان في ضوء منح الصلاحية لصندوق استثمار الضمان باتخاذ قرارات مستقلة.

وأضاف أن ما يثير الريبة والمخاوف هو صدور قرار أول للديوان الخاص بتفسير القوانين أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي تضمن فتوى تشترط موافقة مجلس إدارة الضمان على قرارات صندوق استثمار الضمان، لكنه لم يُنشر في الجريدة الرسمية، في حين أن القرار الثاني الذي تم نشره في الجريدة الرسمية، يناقض الأول وينص على أن صندوق الاستثمار له صلاحية اتخاذ قراره الاستثماري من دون موافقة أو مصادقة مجلس إدارة المؤسسة.

وحسب النائب الفناطسة فإن الحديث عن مرجعية الاستثمار بعد 38 عاماً من إنشاء مؤسسة الضمان و15 عاماً من إنشاء صندوق الضمان مقلق ويذهب باتجاهات شرعنة تدخل الحكومة بأموال المواطنين، وإلا فما الحاجة لهذه التساؤلات وما أهدافها؟

وقال إن مشاريع سابقة للضمان لم تأت بنتائج إيجابية كما حصل في مشاريع سكن "كريم" و"سرايا العقبة" و"العبدلي"، على حد تعبيره، محذراً من العبث بآخر ما تبقى للمواطن الأردني من ضمان لمستقبله وعائلته في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه المملكة، والارتفاع الجنوني للأسعار، ونية فرض مزيد من الضرائب.

وحذر حزب "جبهة العمل الإسلامي" الذراع السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين" في بيان من "أي تدخل أو مساس بأموال الأردنيين التي جمعوها على مدار عقود من الزمن بعرق جبينهم بمشاريع فاشلة أو ذات مخاطر عالية". ودعا الحكومة للبحث عن حلول أخرى لحل مشاكلها وفشلها المالي والاقتصادي بعيداً عن حقوق المواطنين.

وقال النائب صداح الحباشنة المعروف بمعارضته للحكومة، إن اموال الأردنيين باتت في مهب الريح، وإن هذا الأمر مخالف لكافة الأطر والقواعد الدستورية.
وتعتبر القرارات التي يتخذها الديوان الخاص بتفسير القوانين نافذة وملزمة للحكومة فور نشرها في الجريدة الرسمية.

في المقابل، اعتبر وزير العمل ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الضمان سمير مراد في حديث إلى "العربي الجديد" أن "الحكومة حريصة على أموال المؤسسة، وملتزمة بتطبيق القانون الذي يحصّن العمليات الاستثمارية للمؤسسة"، مضيفاً أن الضمان الاجتماعي مؤسسة وطنية عريقة ومهمة من جهة الحماية الاجتماعية للأردنيين، ولها دور فاعل في دعم الاقتصاد الوطني من خلال استثماراتها المتعددة والتي تساهم بتوفير الكثير من فرص العمل.

وقال رئيس اتحاد النقابات العمالية المستقلة عزام الصمادي، إن الاتحاد يستشعر وجود نيّة مبيّتة لدى الحكومة من أجل وضع يدها على أموال الضمان الاجتماعي.

وأصدر الاتحاد بياناً حذر فيه من خطورة ربط استثمارات الضمان والتوحد بالقرار من قبل الوحدة الاستثمارية لما لذلك من إعطاء صلاحية مطلقة للحكومة للتدخل بالقرار الاستثماري وتوجيهه بالشكل الذي تريده بعيداً عن مصلحة المواطنين.

وفي سياق متصل، لا تزال المخاوف تساور الأردنيين من تعديلات محتملة على قانون الضمان الاجتماعي تستهدف رفع سن التقاعد من 60 إلى 65 عاماً والتقاعد المبكر من 50 إلى 60 عاماً، إضافة الى تخفيض معادلة احتساب الرواتب التقاعدية وبشكل يخفض قيمتها.

وأبلغ العديد من الخاضعين للضمان الاجتماعي "العربي الجديد" أنهم سارعوا بإحالة أنفسهم على التقاعد المبكر هرباً من التعديلات المحتملة، والتي من بينها رفع سن التقاعد وتخفيض الرواتب التقاعدية، على رغم نفي المؤسسة ذلك أكثر من مرة.
المساهمون