الفيدرالية تلتهم ثروات السوريين.."روج آفا" تستحوذ على النفط والغذاء

27 مارس 2016
التقسيم يحرم السوريين من ثروات بلدهم (فرانس برس)
+ الخط -


يقول محللون سوريون إن إعلان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، منطقة "روج آفا"، إقليماً فيدرالياً، يمثل استغلالاً للأمر الواقع وللظروف الدولية، بعد توسع النفوذ الكردي في سورية، خاصة أن تلك المنطقة تستأثر بأهم ثروات سورية النفطية والمائية والغذائية.

واستغل الحزب الكردي، فرصة الهدنة المفروضة بسورية وما يجري من مباحثات في جنيف، ليعلن، عن الانتقال من الإدارة الذاتية إلى النظام الاتحادي، في مناطق سيطرته، مطلقاً اسم "روج آفا" أي غربي كردستان، على فيدراليته التي تمتد على ثلاثة تجمعات رئيسية، جزء من محافظة الحسكة، ومنطقتي عفرين وعين العرب "كوباني".

ويقول عضو الائتلاف الوطني المعارض، محمد خطيب بدلة، لـ "العربي الجديد": "فضلاً عن أن ما أعلنه حزب صالح مسلم من (فيدرالية) تستأثر بأهم ثروات سورية، فهي حالة انفصالية أقرب للاحتلال، لأنها فرضت بالقوة وليس بموافقة الشعب السوري".
وتعتبر ما سُميت "روج آفا"، المصدر الأساسي لأهم مكونات الأمن الغذائي والمائي والنفطي، وتشكل مصدر ما لا يقل عن 65% من الناتج المحلي الإجمالي.


ويشير الخبير الاقتصادي حسين جميل من اسطنبول، إلى الصعوبات على الأرض، التي تحول دون استمرار فيدرالية "روج آفا"، أو انتقال عدواها لبقية الجغرافيا السورية، فما تم إعلانه من جغرافيا، لا تقتصر على المكون الكردي فحسب، بل غالبية السكان، فضلاً عن أن معظم ثروات سورية الطبيعية والزراعية في المنطقة الشمالية الشرقية.

ويضيف جميل خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، أن قابلية عيش هذه الفيدرالية صعبة ومستحيلة، فعلى الرغم من غناها بالموارد الاقتصادية، إلا أنها تعتمد على المناطق السورية الأخرى فيما يتعلق بالمشاريع الخدمية، على الموارد البشرية الآتية من الداخل بسبب انخفاض المستوى التعليمي فيها وارتفاع معدلات الأمية وتواضع معدلات التنمية البشرية بشكل عام.

ويتساءل الاقتصادي محمود حسين، خلال تصريح لـ "العربي الجديد"، "إن انطلقنا جدلاً من واقع الفيدرالية الكردية، فما هو مصير الفيدراليات الأخرى في دمشق والساحل التي تعتبر الأكثر كثافة للسكان والأكثر استثماراً، أو ما يسمى الفيدرالية السنية في إدلب، بعد أن تخسر الحدود مع تركيا والثروة النفطية ومصادر المياه وحتى الساحل على البحر المتوسط؟".

وأشار حسين إلى أن الفيدرالية الكردية على مساحة بنحو 23 ألف كيلو متر مربع، من ثلاث محافظات هي الرقة والحسكة وحلب، وتستأثر بمعظم ثروات البلاد، في حين الفيدرالية المقترحة الثانية "السنية" على مساحة تزيد عن 60 ألف كيلو متر مربع، وفيها نحو 8 ملايين من سكان سورية، لكنها بلا ثروات باطنية توازي المساحة والسكان، لتبقى الفيدرالية الثالثة "سورية المفيدة" تستحوذ على الحدود البرية مع لبنان والبحرية ومعظم المنشآت الصناعية ومراكز الدولة الاقتصادية والحكومية.

والحل، في رأي الاقتصادي حسين، هو إعادة إنتاج دولة سورية واحدة ديمقراطية تحقق شرط المواطنة وحسن توزيع الثروة لكل مواطنيها، تنطلق من إعادة إعمار البلاد أولاً بعد التهديم والخسائر التي تجاوزت 250 مليار دولار.

وقدر المركزي السوري لبحوث السياسات، في دراسة حديثة، إجمالي الخسائر التي لحقت بسورية 254.7 مليار دولار منذ بداية الأزمة في مارس/آذار 2011 حتى نهاية 2015. هذه الخسائر تعادل نحو 4.68 مرات قيمة الناتج المحلي في 2010، والذي قدره التقرير بنحو 54.4 مليار دولار، وهو ما يجعل من الفيدرالية، تقسيماً للخسائر، ويجعل تطبيقها، قبل تعافي الاقتصاد، أمراً مستحيلاً.

في المقابل، يرى الكاتب الصحافي السوري، سردار ملا درويش، من محافظة الحسكة، أن ما تم إعلانه لا يعني الانفصال عن الوطن الأم سورية، بل أكثر من 90% من الأكراد السوريين، يعلمون أن الانفصال انتحار، فضلاً عن صعوبته، نظراً للتقاطعات ووجود غير السوريين الأكراد في "روج آفا".

ويستدرك درويش بقوله، إن الفيدرالية ممكنة شريطة ألا تكون وفق اعتبار قومي جغرافي قسري، بل يحدد شكلها السوريون بتلك المناطق، لتكون بذلك محرضاً على التنمية بين الفيدراليات السورية الأخرى، فمدن شمال شرق سورية "الرقة، الحسكة ودير الزور"، لاقت خلال العقود الماضية إهمالاً وتهميشاً ولم يستفد سكانها من ثرواتهم.

وتوقع درويش خلال حديث مع "العربي الجديد"، أن تكون الفيدرالية حلاً في إعادة توزيع الثروة، على أن يتم التعامل فيما بين الفيدراليات وفق عقد اجتماعي ونص دستوري، كما يتم الاتفاق على حصة الفيدرالية من ثرواتها وحصة المركز.


اقرأ أيضا: "دويلات سورية" تصطدم بعدم كفاية الثروات
المساهمون