بشير الراشدي... الرجل الذي يعوّل عليه المغرب لمكافحة الفساد

16 يونيو 2020
محمد بشير الراشدي (إنترنت)
+ الخط -

عندما عُين محمد بشير الراشدي، من قبل العاهل المغربي محمد السادس، قبل عام ونصف العام، على رأس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، صرح بأنه يجب تغيير القانون الذي يؤطر تدخلات تلك الهيئة. فقد كانت محرومة من حق التحقيق والتحرّي التلقائي في حالات الفساد.

الخميس الماضي، استجابت الحكومة لمطلب لم يكف عن الإلحاح عليه. فقد صادقت على مشروع قانون تعديلي، يوسع اختصاصات الهيئة، حيث منحها حق التصدي التلقائي للفساد، عوضا عن الاكتفاء بالتحري في البلاغات والشكايات التي تنتهي إلى علمه، إذ يفتح مشروع القانون أمام الهيئة إمكانية التصدي التلقائي لكل حالة من حالات الفساد.

كما سيوسع اختصاصاتها ويمكنها القيام أو طلب القيام من أية جهة معنية تعميق البحث والتحري في الحالات التي ترى الهيئة أنها تشكل حالات فساد، وترتيب الآثار القانونية بناء على النتائج التي يتوصل إليها.

سيحال مشروع القانون الجديد على البرلمان كي يقول كلمته، غير أن الكثيرين سيرون فيه تحقيقا لمطلب عبّر عنه الراشدي.

ففي فبراير/شباط الماضي، صرح، في مقابلة مع "العربي الجديد"، بأنه "حصل إجماع على ضرورة إعادة النظر في الإطار القانوني الذي ينظم عمل الهيئة"، مشددا على أنه تم الإلحاح على أن تكون للهيئة صلاحيات واسعة واستقلالية كاملة.


غير أن الراشدي ينبّه إلى أن "الاستقلالية لا تعني أن تكون الهيئة منعزلة عن الهيئات والسلطات الأخرى المعنية بالقضايا التي تمسّ الفساد، بل تعمل في إطار تركيبة تكون ضامنة للفعالية والتكامل، وتعطي قوة للعمل الذي يجري القيام به."

ويعتبر الراشدي أن تقييم استراتيجية محاربة الرشوة التي تبنتها الحكومة في 2015، أفضى إلى التوصل إلى أن ثمة إنجازات كبيرة تحققت، غير أنه يؤكد على أن الآثار مازالت غير ظاهرة للشارع.

حديثه ذاك يؤكده ترتيب المملكة في مؤشر ملامسة الرشوة، حسب منظمة "ترانسبارنسي" (منظمة الشفافية الدولية)، حيث جاءت في المرتبة 80. بينما ذهب رئيس الحكومة إلى أن الفساد يكلف الاقتصاد الوطني 5 مليارات دولار سنويا، أي حوالي 5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

الراشدي يحظى باحترام كبير في الأوساط الاقتصادية والجمعيات الأهلية، فهو الذي انشغل منذ سنوات بالشفافية والأخلاقيات، حيث كان تحمّل مسؤولية الكاتب العام لفرع "تراسبارنسي" الدولية في المملكة، كما اشتغل على العديد من الملفات، مثل التقاعد والسياسة الصناعية وإصلاح العقار، عندما كان عضوا في المجلس الاقتصادي والاجتماعي.

ناهيك عن توليه رئاسة لجنتي "الأخلاقيات والحكامة الجيدة" و"مناخ الأعمال"، عندما كان عضوا في الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

وفي مساره في مجال محاربة الرشوة، دافع عن تصور يقوم على أن تحقيق ذلك الهدف، يمر عبر التربية والتواصل والتوعية أولا، ثم الوقاية ثانيا، فالعقاب الذي يتيح الخروج من حالة اللاعقاب ثالثا.

لم يأت إلى عالم محاربة الفساد بالصدفة، فقد انبرى، هذا الستيني المنحدر من مدينة خريبكة، للدفاع عن قيم الديمقراطية والتغيير منذ شبابه، وحرم لفترة من الحصول على شهادة مهندس في الهندسة الكهربائية والمعلومات الصناعية، عندما كان طالبا في المدرسة المحمدية للمهندسين، حيث كان سكرتيرا عاما لاتحاد طلبة المغرب على مستوى مدينة الرباط.

معانقته للقضايا المجتمعية، دفعته إلى تبنّي قضايا الشباب المطالبين بالعدالة الاجتماعية في ظل الربيع العربي.

غير أن الراشدي حافظ على علاقات طيبة مع كل التيارات والشخصيات التي تقاسمه تطلّعه إلى الرقي بوضعية البلد، وهو الذي تمكّن رغم الهزات التي عرفها مساره الدراسي من تأسيس شركة متخصصة في البرامج المعلوماتية، حيث أدرجت "إنفوليس" في بورصة الدار البيضاء، بعدما كان بدأ مسارة المهني في 1984، بمكتب للدراسات، الذي مكّنه من تطوير برنامج معلوماتي موجه لقطاع البناء، وهو البرنامج الذي كان الطلب كبيرا عليه إلى درجة فتح فرعين لتسويقه في المغرب وفرنسا تحت اسم "باتيسوفت"، قبل أن يحوله الراشدي إلى "إنفوليس".

دلالات
المساهمون