ووفق تعليمات أرسلها المركزي الجزائري للمصارف الناشطة في الجزائر في 30 إبريل/نيسان، فإنه بدءاً من 15 مايو/أيار الحالي، سيتراجع حجم احتياطي المصارف الإلزامي من 8% من الوعاء الإجمالي لاحتياطي جميع المصارف إلى 6%، ما يعني أن المصارف ستضخ ربع احتياطها من العملة الصعبة والدينار في السوق المصرفية.
وحسب الوثيقة التي اطلع عليها "العربي الجديد"، أرجع المصرف المركزي الجزائري هذه الخطوة إلى "تراجع عائدات النفط والجباية النفطية التي تمثل 60% من الوعاء الجبائي بسبب انهيار الأسعار، التي أدت بالقطاع المصرفي إلى عيش نوعٍ من "جفاف في السيولة" المصرفية منذ سنة 2015.
وتستهدف كل هذه الإجراءات تحرير هوامش إضافية من السيولة بالنسبة للمصارف حتى تموّل الاقتصاد المتعثر، كما يقول البنك المركزي في تعليماته المرسلة إلى جميع المصارف. وكان المركزي الجزائري قد تدخل مطلع إبريل/نيسان المنصرم، في السوق المصرفية، بإلزامه المصارف بخفض احتياطياتها من السيولة من 12% إلى 8%، وذلك تحت ضغط نقص السيولة.
وتعد هذه المرة الخامسة التي يقرر فيها المصرف المركزي الجزائري التدخل لتعديل سقف احتياطي المصارف العمومية والخاصة خلال 28 شهراً، بهدف توفير السيولة المطلوبة داخل القنوات الرسمية، أي البنوك.
وتعمل في الجزائر 20 مؤسسة مصرفية، منها سبعة مصارف عمومية (حكومية)، وأكثر من 11 مصرفاً أجنبياً من دول الخليج على وجه الخصوص، وأخرى فرنسية، وواحد بريطاني.
وبلغ احتياطي الصرف الجزائري من العملة الصعبة 60 مليار دولار، مطلع مارس/آذار المنصرم، وبهذا الرقم يسجل احتياطي الصرف الجزائري تراجعاً بـ 12 مليار دولار في أقل من سنة، حيث استقر الاحتياطي مع نهاية إبريل/نيسان 2019، عند 6. 72 مليار دولار مقابل 88. 79 مليار نهاية 2018 و 33. 97 مليار دولار نهاية 2017.
وتوقعت الحكومة الجزائرية في موازنة سنة 2020، تراجع احتياطي الصرف إلى 6. 51 مليار دولار مع نهاية العام الجاري.
وكانت احتياطات الجزائر من النقد الأجنبي عند مستوى 97.33 مليار دولار، في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017، وفق بيانات البنك المركزي الجزائري. وبدأت احتياطات الجزائر بالتراجع منذ النصف الثاني من سنة 2014، متأثرة بانخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، لتنهي بذلك ثماني سنوات متتالية من الارتفاع، إذ تخطت الاحتياطات 194 مليار دولار في نهاية 2013.
رفض الاستدانة الخارجية
في السياق، جدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفضه التوجه الى الاستدانة من الخارج ومن المؤسسات المالية الدولية، وكشف عن خفض واردات البلاد إلى حدود تسعة مليارات دولار، وسط سعي لبعث شبكة قوية للمؤسسات المصغرة ومؤسسات الابتكار، مشيرا إلى أن الكارتل المالي لا يزال يحاول خلق قلاقل في البلاد.
وقال الرئيس تبون في مقابلة مع مجموعة من الصحافيين الجزائريين بثت مساء الجمعة على التلفزيون الجزائري "يمكن أن نحتاج إلى قروض، لكنني لا أميل وأرفض أن نتوجه إلى المديونية، لا لصندوق النقد الدولي ولا البنك العالمي". وأشار إلى أن "المديونية ترهن السيادة، بحيث لن يكون في إمكانك لا أن تتحدث عن فلسطين ولا عن الصحراء الغربية، عشنا التجربة السيئة في التسعينيات، شعبنا حر يرفض أن تمس سيادته". وكشف أن "هناك بعض الدول اقترحت علينا منح قروض، لكننا رفضنا في الوقت الحالي".
وأوضح تبون أنه يفضل الاستدانة الداخلية، من القطاع الخاص غير المهيكل، والذي يحوز على ما معدله 30 مليار يورو يتم تدويرها في السوق السوداء أو خارج القطاع البنكي، بعضها مرتبط برفض التعامل مع البنوك الربوية. وقال إنني "مستعد لمنح ضمانات للقطاع الخاص غير المهيكل الذي يريد ضخ أمواله في البنوك؛ بما فيها فتح الباب لمن أراد أن يفتح بنكا إسلاميا بدون فوائد، فليتفضل البنك المركزي سيمنحه الرخصة، نحن نشجع كثيرا البنوك الإسلامية". وأشار تبون إلى أن الأزمة لن "توقف مشاريع السكن، لأننا لن نسمح ببقاء إقامة وعيش الجزائريين في أكواخ".