تدخل أزمة النفط السعودي مرحلة غير مسبوقة، لتتحول المملكة من أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى مستورد كبير للمنتجات المكررة، بعد الهجوم الذي استهدف، يوم السبت الماضي، منشأتين نفطيتين رئيسيتين شرق البلاد، وتسبب في توقف نحو نصف إنتاج السعودية وتعطل الصادرات.
ووفق مذكرة لشركة "إنرجي أسبكتس" للاستشارات، التي تتخذ من سنغافورة مقرا لها، فإن من المرجح أن تشتري شركة النفط الحكومية أرامكو، كميات كبيرة من البنزين والديزل، وربما زيت الوقود، بينما تخفض صادراتها من غاز البترول المسال.
وأشارت إنرجي أسبكتس، إلى ان السعودية تتجه لأن تصبح مشترياً كبيراً للمنتجات النفطية المكررة، بعد الهجوم الأخير، مضيفة أن "فاقد الغاز أثر على عمليات المصافي، وربما خفض معدلات الاستهلاك بها بمقدار مليون برميل يومياً".
وتوقف إنتاج نحو 5.7 ملايين برميل يومياً من الخام، ما يعادل نحو نصف الإنتاج في المملكة وفق البيانات الرسمية. وقالت إنرجي أسبكتس إنه بجانب النفط، عطلت الهجمات 18 في المائة من إنتاج الغاز الطبيعي و50 بالمائة من إنتاج الإيثان وسوائل الغاز في المملكة.
ولفتت إلى أن الاستئناف الكامل لإنتاج الخام السعودي سيستغرق أسابيع على الأرجح. وذكرت أن جودة الخام العربي الخفيف والخام العربي الخفيف جداً السعوديين ربما تأثرت أيضا بكثرة كبريتيد الهيدروجين، مما قلل من شهية المصافي.
في هذه الأثناء، قالت ثلاثة مصادر تجارية لرويترز، أمس الإثنين، إن وحدة التجارة التابعة لأرامكو تطلب منتجات نفط للتسليم الفوري.
وذكر مصدران أن أرامكو أصدرت استفسارات بشأن تسليم شحنات ديزل. وصرح مصدر ثالث بأن الشركة قد تكون اشترت شحنتين من وقود الديزل الذي يحتوي على نسبة كبريت منخفضة جداً.
ووفق الموقع الإلكتروني لشركة أرامكو، تشمل المنتجات المكررة الأساسية في الشركة "غاز البترول المسال، النفتا، البنزين، الكيروسين، وقود الطائرات، الديزل، زيت الوقود، والأسفلت".
وذكرت أرامكو أن "الطاقة التكريرية للشركة تصل إلى 5.4 ملايين برميل في اليوم، ما يجعلها رابع أكبر شركة تكرير في العالم"، مشيرة إلى أنها "تواصل تعزيز قدرتها التكريرية للوفاء بالطلب المحلي المتزايد والتوسع في الاقتصادات سريعة النمو، مثل الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا من جهة، والمحافظة على صادراتها لكل من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية من جهة أخرى".
وتظهر البيانات الرسمية أن حجم الاستهلاك المحلي من المنتجات النفطية يتجاوز 3 ملايين برميل يومياً، ما يضع السعودية في مأزق كبير لجهة تلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات المكررة.
والهجوم الأخير، هو الأكبر من نوعه والأفدح بالنسبة للسعودية، حيث أضحى قطاع الطاقة خلال الأشهر الأخيرة في مرمى هجمات الحوثيين في اليمن، فيما تقود السعودية بالتحالف مع الإمارات حرباً ضدهم منذ عام 2015.
وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، يوم الأحد الماضي، إن المملكة ستلجأ إلى استخدام مخزوناتها النفطية لتعويض عملائها غداة الهجوم.
وتسبب الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين في بقيق وخريص (شرق المملكة) بتوقف ضخ كمية من إمدادات الخام تقدر بنحو 5.7 ملايين برميل، أي ما يعادل نحو 50 في المائة من الإنتاج السعودي وقرابة 6 في المائة من إمدادات الخام العالمية.
وتعد منشأة بقيق، الأكبر في العالم لمعالجة النفط وهي قادرة على إدارة نحو سبعة ملايين برميل يومياً، أي ما يعادل نحو 70 في المائة من إجمالي إنتاج السعودية. وتقع بالقرب من حقل الغوار، الأكبر بالعالم والذي يحتوي على احتياطي يقدر بأكثر من 60 مليار برميل بينما تقدّر قدرته الإنتاجية بقرابة 6 ملايين برميل في اليوم.
وأعلنت أرامكو، في أغسطس/ آب الماضي، لأول مرة في تاريخها، عن إيراداتها خلال النصف الأول من العام الجاري، مشيرة إلى تراجع أرباحها الصافية إلى 46.9 مليار دولار، مقابل 53.0 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.
وقد يدفع تعطل الإمدادات لفترة طويلة، الولايات المتحدة ودولاً أخرى إلى السحب من مخزوناتها النفطية الاستراتيجية لزيادة الكميات المتاحة تجارياً على مستوى العالم.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، السبت الماضي، إنها على استعداد للسحب من المخزون الاستراتيجي إذا اقتضت الضرورة.
وقبل استهداف المنشأتين النفطيتين في السعودية بيومين، قالت وكالة الطاقة الدولية، الخميس الماضي، إن الولايات المتحدة تفوقت على السعودية كأكبر مصدر للنفط في العالم، لفترة وجيزة في يونيو/ حزيران الماضي.
وفي العام الماضي، تجاوزت صادرات أرامكو سبعة ملايين برميل يومياً من النفط الخام، مع تسليم ثلاثة أرباع هذه الصادرات لزبائن في آسيا. وتملك السعودية مخزونا احتياطياً يبلغ حوالي 188 مليون برميل يغطي نحو 33 يوما.
بينما تقول وزارة الطاقة الأميركية إن المخزون الاستراتيجي الأميركي يبلغ الآن نحو 644 مليون برميل، تعادل ما يقرب من إنتاج الولايات المتحدة في 52 يوماً.
ويتجاوز الإنتاج الأميركي الآن 12 مليون برميل يومياً وتتجاوز الصادرات الثلاثة ملايين برميل يومياً، لكن ليس من الواضح ما إذا كان بإمكان منشآت التصدير الأميركية استيعاب الشحنات الإضافية.