مأزق دول النفط ... تهديد ترامب وعقوبات إيران "يلغمان" اجتماع أوبك

22 سبتمبر 2018
واشنطن تريد زيادة الإنتاج بمليوني برميل يومياً(حيدر محمد/فرانس برس)
+ الخط -

تدخل الدول المنتجة للنفط داخل منظمة "أوبك" وخارجها، اجتماع الجزائر غدا الأحد، بكثير من المخاوف، في ظل تواصل الضغوط الأميركية على المنتجين لزيادة الإنتاج لتعويض حصة إيران التي تنتظرها العقوبات بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل وأيضا لخفض الأسعار، بينما يخشى الكثير من المنتجين من أن تؤدي زيادة الإنتاج إلى تهاوي الأسعار مجددا في ظل التوقعات بتباطؤ النمو العالمي وما يتبعه من تراجع الطلب على النفط.

ويبدو أن تغريدة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الخميس الماضي، لن تكون بمنأى عن كواليس الاجتماع، لاسيما أنها كانت الأكثر وضوحا في ضغوطه على دول أوبك، التي تعد السعودية أكبر منتجي ومصدري الخام بينها، بضرورة زيادة الإنتاج، قائلاً: "نحن نحمي دول الشرق الأوسط، وبدوننا لن يكونوا آمنين في الأمد الطويل، ومع ذلك هم يواصلون دفع أسعار النفط للارتفاع! سنتذكر ذلك".

ويسعى ترامب إلى خفض أسعار الوقود في الولايات المتحدة، قبيل موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وتواصل أسعار النفط الاقتراب من حاجز 80 دولاراً للبرميل، وتضع الرئيس الأميركي في مأزق حقيقي، حيث إن حزبه ربما يفقد الأغلبية في الكونغرس بسبب غلاء الوقود.

وحسب تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت" قبل يومين، فإن فاتورة الوقود ارتفعت خلال العام الجاري بحوالى 400 دولار للعائلة الأميركية في المتوسط مقارنة بالعام الماضي.

ويزداد قلق ترامب بشكل أكبر من صعود أسعار النفط، إذا ما دخلت العقوبات الأميركية على نفط إيران حيز التطبيق في الرابع من نوفمبير/تشرين الثاني، دون أن يكون قد ضمن ضخ دول أوبك وعلى رأسها السعودية كميات تعادل حصة إيران التصديرية والتي تستهدف واشنطن حجبها تماما عن الأسواق.

ووفق بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة، يوم الأربعاء، فإن مخزونات الخام الأميركية انخفضت للأسبوع الخامس على التوالي إلى أدنى مستوى في 3 أعوام ونصف العام في الأسبوع المنتهي يوم 14 سبتمبر/ أيلول، بينما تراجعت مخزونات البنزين بمعدل أكبر من المتوقع بفعل طلب قوي في غير موسمه.

وكانت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، قد ذكرت أن وزير الطاقة الأميركي جاك بيري طلب من نظيره الروسي خلال الأسبوع الماضي زيادة الإنتاج الروسي.

وسبق أن ترامب من السعودية قبل أسابيع زيادة الإنتاج بمليوني برميل لتغطية النقص الذي سيطرأ بعد تفعيل الحظر على النفط الإيراني. ولكن ما يغضب ترامب أن الإنتاج السعودي لم يرتفع بالمستوى الذي يغطي الفاقد الإيراني، وفق محللين، لاسيما أن الرياض تخشى تراجع الأسعار، بينما تعاني من تراجع الإيرادات وتزايد الإنفاق في ظل الحرب المستمرة التي تقودها ضد الحوثيين في اليمن والصراعات السياسية التي دخلتها في المنطقة وأضرت باقتصادها.

وفي ظل هذه الأجواء، يبدو اجتماع أوبك في الجزائر اليوم محاطا بـ"الألغام" على حد وصف محللين في قطاع الطاقة تحدثوا لـ"العربي الجديد".

في هذه الأثناء، قال مصدر في وزارة الطاقة الجزائرية في تصريح خاص إن "وزير الطاقة الجزائري مصطفي قيطوني أجرى اتصالات هاتفية قبل انعقاد الاجتماع مع نظرائه الروسي والسعودي والإيراني من أجل إيجاد حل للمأزق الحالي".

كما أشار عبد المجيد عطار، المدير العام الأسبق لمجمع سوناطراك النفطي في الجزائر، ونائب رئيس الجمعية الجزائرية لصناعة الغاز، إلى أن هناك مشكلة تتعلق بالطلب على النفط في الفترة المقبلة، موضحا أن تقارير صندوق النقد الدولي تتوقع أن نسبة النمو العالمي ستنخفض من 3.8% في 2018 إلى 3.6% العام المقبل، وهو ما يعني أن استهلاك الطاقة سيقل، وبالتالي فإن قرار رفع إنتاج النفط لن يكون قرارا صائبا في حال ما أرادت دول أوبك المحافظة على السعر الحالي للبرميل قرب 80 دولارا.

ورأى في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن "الصراع الدائر بين السعودية وإيران، واستعداد الولايات المتحدة لفرض عقوبات على طهران في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، من العوامل التي ستجعل المجتمعين في الجزائر مترددين في اتخاذ قرار مؤثر، على اعتبار أن الجميع عاجز على توقع الحصة التي ستفقدها إيران كدولة منتجة للنفط".

وقال إن "طهران ستكون نقطة التحول في اجتماع الجزائر حيث ستسعى كل من السعودية وروسيا إلى الاستحواذ على حصة إيران الضائعة في السوق والمقدرة بحوالي مليوني برميل يوميا، في حال فرضت العقوبات الأميركية على إيران".

ومن المنتظر أن تشارك 24 دولة في اجتماع الجزائر، حيث قررت 10 دول المشاركة بوزراء طاقتها، وهي الجزائر، عمان، الكونغو، الكويت، فنزويلا، الإمارات، قطر، أذربيجان، روسيا والسعودية، فيما أشارت مصادر ايرانية أن طهران تريد تخفيض تمثيلها بعد تراجع وزير الطاقة الإيراني بيجين زنغه عن الحضور.

وبدأ الأعضاء في أوبك ومنتجون مستقلون على رأسهم روسيا، مطلع 2017، بخفض إنتاج النفط بنحو 1.8 مليون برميل يومياً، لإعادة الاستقرار لأسعار النفط، على أن ينتهي أجل الاتفاق، في اجتماع رسمي يعقد مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وكانت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، قد ذكرت قبل يومين أن وزير الطاقة الأميركي جاك بيري طلب من نظيره الروسي، ألكسندر نوفاك، خلال الأسبوع الماضي زيادة الإنتاج الروسي. وتنتج روسيا بمعدل نحو 11.21 مليون برميل يومياً قرب أعلى مستوى في حقبة ما بعد الاتحاد السوفيتي.

ونقل موقع وزارة النفط على الإنترنت (شانا) عن حسين كاظم بور أردبيلي قوله يوم السبت الماضي: "تزعم روسيا والسعودية أنهما تسعيان لتحقيق توازن في سوق النفط العالمية ولكنهما تحاولان أخذ جزء من حصة إيران"، مضيفا: "جهود ترامب لقطع وصول إيران إلى سوق الخام العالمية دفعت روسيا والسعودية إلى ارتهان السوق".

وأكد وزیر النفط الإیرانی بیجن زنغنه يوم الخميس الماضي، أن "إیران لن تتردد أبدا فی استخدام الفیتو ضد أي قرار تتخذه أوبك إذا عرّض مصالحها للخطر حتى في أدني مستوى كان".

لكن جيمي ويبستر، كبير المديرين في مركز بوسطن للاستشارات في مجال الطاقة في واشنطن قال لوكالة بلومبيرغ يوم الجمعة: "إيران غاضبة. لكنها ضعيفة. عندما تكون ضعيفًا، ما الذي يمكنك فعله غير الصراخ والصراخ؟".

وأضاف أنه بسبب قوة روسيا النفطية وصداقتها الجديدة مع السعوديين، فإن اجتماعات لجنة أوبك مع روسيا والدول الأخرى من خارج أوبك بدأت تصبح بنفس أهمية اجتماعات أوبك الرسمية.

ورجح عصام المرزوق الخبير النفطي في الكويت في حديث لـ"العربي الجديد" أن يتم إقرار زيادة إنتاج للنفط بأكثر من مليون برميل يومياً، لتعويض خسارة الإمدادات الإيرانية وانخفاض إنتاج فنزويلا.

وفي هذا السياق، رأى خبير الطاقة ناصر العدواني، أن اقتحام رجال الأعمال الروس السوق النفطي خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد تعديل قانون المحروقات بموسكو، سيرفع نسبة الإنتاج في روسيا، ما سيلعب دورا مفصليا في رفع نسبة إنتاج النفط الروسي، وهو ما يعزز من سيناريوهات رفع الإنتاج.

المساهمون