رضخت الحكومة الجزائرية لضغط سكان الجنوب المطالبين بدعم أسعار المواد واسعة الاستهلاك، التي تشهد ارتفاعا غير مسبوق في الأشهر الأخيرة جراء ارتفاع تكاليف النقل، إذ قررت حكومة تصريف الأعمال توسيع قائمة المواد المعنية عبر دعم نقلها لتشمل الخضر والفواكه بالإضافة إلى اللحوم بأنواعها وبعض المواد الغذائية الأساسية الأخرى، مثل بعض الحبوب الجافة.
وكشف مدير التخطيط في مديرية ضبط النشاطات التجارية بوزارة التجارة الجزائرية عبد الرحمان مكاديم، أن "الحكومة قررت في اجتماعها الأسبوع الماضي توسيع قائمة المواد المستفيدة من صندوق تعويض تكاليف النقل لولايات الجنوب، لتشمل الخضر بكل أنواعها والفواكه المنتجة محليا وحتى المستوردة، بالإضافة إلى لحوم الخرفان والبقر واللحوم البيضاء للدواجن والديك الرومي، وذلك حماية للقدرة الشرائية للمواطنين في الجنوب ".
وأضاف المتحدث نفسه لـ"العربي الجديد"، أن "المحافظات المعنية بالقرار هي أدرار (1412 كلم عن العاصمة)، تمنراست (1917 كلم عن العاصمة)، بشار (1025 كلم عن العاصمة)، إليزي (1822 كلم عن العاصمة)، ورقلة (784 كلم عن العاصمة)، الوادي (641 كلم عن العاصمة)، غرداية (597 كلم عن العاصمة)، النعامة (719 كلم عن العاصمة)، البيض (800 كلم عن العاصمة) وتندوف (1417 كلم عن العاصمة)".
وأكد مكاديم أن "صندوق تعويض تكاليف النقل لولايات الجنوب يدعم نقل العديد من المواد الغذائية وغير الغذائية لمواطني الجنوب الكبير، على غرار القمح، الطحين، مسحوق الحليب (للصغار والكبار)، الحليب، البن، الشاي، السكر، الطماطم المركزة، العجائن الغذائية، الزيوت الغذائية، الأدوات المدرسية، مواد تغذية الأنعام ومواد البناء (الإسمنت، الخرسانة، الخشب) بالإضافة للغاز والأدوية".
وحسب المصدر نفسه، فإن "ميزانية الصندوق للسنة الماضية بلغت 5.2 مليارات دينار (500 مليون دولار)، و23 مليار دينار (2.1 مليار دولار)، بالنسبة للسنوات الأخيرة في الفترة من 2010 إلى 2018".
وكان سكان الجنوب الجزائري المنقسمين على 10 محافظات، قد نظموا العديد من الاحتجاجات على غلاء أسعار المواد واسعة الاستهلاك والخدمات، في مقدمتها الخضر والفواكه والغاز بالإضافة إلى تسعيرة الكهرباء. ودامت الاحتجاجات في بعض المحافظات لأكثر من شهرين، مستغلين بذلك الحراك الشعبي الذي تعيشه البلاد منذ نهاية فبراير/ شباط الماضي والذي أطاح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وإلى ذلك، قال مدير شعبة الزراعة في محافظة أدرار، لعموري دهكال، إن "سكان الجنوب مجبرون على دفع عشرات الدنانير الإضافية لشراء ما يحتاجون إليه من خضر وفواكه ومواد غذائية مقارنة بالأسعار المعمول بها في الشمال، ففي وقت يشتري فيه سكان الشمال البطاطا بسعر 50 دينارا (0.45 دولار أميركي) للكيلوغرام الواحد، يشتريها سكان المحافظة بين 100 و130 دينارا".
وأضاف دهكال لـ"العربي الجديد"، أن "الفارق في أسعار اللحوم الحمراء بين محافظات الشمال والجنوب يصل إلى 300 دينار (2.8 دولار)، والشيء نفسه لأسعار الدواجن، وبالتالي سكان الجنوب الجزائري ذهبوا ضحية الجغرافيا، وتهميشهم من طرف الحكومة التي عجزت بعد أكثر من 50 سنة من الاستقلال عن توزيع الثروات بطريقة منصفة، حيث ركزت الاستثمار في الشمال، وهي السياسة التي يدفع ثمنها سكان الجنوب".
وسبق للحكومة الجزائرية أن قررت الدعم بنسبة 50 بالمائة على أسعار الكهرباء سارية المفعول، لجميع كميات الاستهلاك التي تتجاوز 12 ألف كيلواط في محافظات الجنوب، بعدما كانت تخص فقط الاستهلاك الذي لا يتجاوز هذه الكمية، وذلك بهدف مساعدة سكان هذه المحافظات على دفع فواتير الكهرباء، التي أنهكت جيوبهم جراء استعمالهم الدوري للمكيفات الهوائية، خاصة في فصلي الربيع والصيف.
وتسعى الحكومة إلى إطفاء غضب سكان الجنوب الجزائري الذي يعد مصدر العملة الصعبة الوحيد للجزائر، لاحتوائه حقول الغاز والنفط.
وفي هذا السياق، يرى رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، الحاج محمد الطاهر بلنوار، أن "سكان الجنوب يعانون من ارتفاع كبير في الأسعار مقارنة مع الولايات الشمالية، رغم أن بعض المحافظات الصحراوية أضحت رائدة في إنتاج بعض المنتجات الزراعية، على غرار ولايتي الوادي وغرداية اللتين تنتجان البطاطا والطماطم"، مشيراً إلى أن قرار دعم نقل الخضر والفواكه واللحوم وبعض المنتجات الغذائية من شأنه القضاء على التذبذب الذي يسجل في توزيع هذه المواد بشكل متكرر، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى حدوث مضاربة على هذه السلع.
وأضاف المتحدث نفسه لـ"العربي الجديد"، أن "الجمعية ستبدأ بالتنسيق مع الدواوين المهنية التابعة لوزارة الزراعة، على غرار الديوان الجزائري المهني للحبوب والبقول الجافة، والديوان الوطني المهني للحوم والخضر والفواكه بهدف التحكم في أسعار السلع والخدمات بمحافظات الجنوب".