اقتصاد غزة نحو مزيد من الانهيار

16 سبتمبر 2019
تدهور معيشة سكان غزة (عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

 

لا تتوقف التقارير المحلية والدولية عن الإشارة إلى تدهور الواقع الاقتصادي في قطاع غزة وتحوّله إلى بقعة جغرافية غير صالحة للحياة الآدمية، في ضوء استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يضرب القطاع، للعام الثالث عشر على التوالي.

وتدنت نسبة السيولة النقدية المتوفرة في أيدي سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، والتي بالكاد تجعل الشريحة الأوسع منهم يلبون احتياجات أسرهم الأساسية، في ضوء ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.

وأصدرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، تقريراً قالت فيه إن قطاع غزة أصبح مكانًا غير صالح للحياة الآدمية، في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية والمتفاقمة في أعقاب الانكماش الاقتصادي وتراجع نصيب الفرد من الدخل.

وبحسب المنظمة، فإن معدل البطالة في القطاع تجاوز أكثر من 50 في المائة، في حين بلغت نسبة الفقر في صفوف السكان أكثر من 53 في المائة، رغم أن معظم الأشخاص المصنفين ضمن الفقراء يتلقون مساعدة من الحكومة والمنظمات الدولية.

في الأثناء، يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة معين رجب، إن النتائج الصادرة عن تقرير المنظمة الأممية تعكس صورة المشهد بشكلٍ دقيق في القطاع وتثبت صحة التحذير التي خلصت قبل سنوات إلى أن غزة ستتحول إلى بقعة جغرافية غير صالحة للحياة.

ويوضح رجب لـ"العربي الجديد" أن المطلوب حالياً هو ردة فعل تجاه المشهد والوضع المعيشي الصعب الذي وصل إليه القطاع، خصوصاً في السنوات الأخيرة، في ضوء استمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام الداخلي.

ويشير أستاذ الاقتصاد إلى أن ارتفاع معدلات البطالة والفقر هو من أوصل القطاع إلى الحالة التي هو عليها اليوم، بحيث تحول إلى مكان غير صالح للحياة، إلى جانب انعدام كل مقومات الحياة الأخرى وانسداد الأفق بالنسبة للسكان.

ويبين الأكاديمي الفلسطيني أن الموظفين في القطاعين العام والخاص ليسوا ببعيد عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية ويعانون كغيرهم من الأشخاص، إذ يواجه جزء كبير منهم الفقر نتيجة انخفاض نسب الرواتب التي يتحصلون عليها شهرياً.

ويرى رجب أنه في ضوء المعطيات القائمة حالياً فإن القطاع سيبقى يسير نحو المجهول ومزيد من الانهيار في المشهد الاقتصادي والاجتماعي، خصوصاً في ظل استمرار ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

ومنذ إبريل/نيسان 2017، تراجع الواقع الاقتصادي في القطاع بشكلٍ مختلف عما سبقه من الأعوام في أعقاب قيام السلطة الفلسطينية بتقليص فاتورة الرواتب المدفوعة، إلى جانب تحويل آلاف الموظفين للتقاعد المبكر، الأمر الذي رفع عجز السيولة النقدية المتوفرة في أيدي المواطنين.

وتعتمد شريحة واسعة من السكان تزيد عن 80 في المائة على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية والعربية العاملة في القطاع المحاصر إسرائيليًا، في الوقت الذي لا يتجاوز فيه متوسط دخل الفرد اليومي دولارين أميركيين.

في السياق، يؤكد مدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة غزة التجارية، ماهر الطباع، أن كل المؤشرات القائمة حالياً تؤكد أن القطاع لم يعد مكاناً صالحاً للعيش، خصوصاً أن هناك حالة من الموت السريري أصابته خلال الأعوام الأربعة الأخيرة.

ويقول الطباع لـ "العربي الجديد" إن حالة من الانهيار أصابت القطاع في شتى المجالات، خصوصاً الخدماتي منها، إلى جانب المجال الصحي، فضلاً عن وجود أكثر من ربع مليون شخص عاطلين عن العمل بلا أي مصدر دخل لهم ولعوائلهم.

ويلفت المسؤول في غرفة غزة التجارية إلى حجم البطالة المرتفع في صفوف آلاف الخريجين من الجامعات والكليات المحلية بغزة والذين تجاوزت نسبتهم 70 في المائة، إلى جانب تدني أجور العاملين في مختلف المجالات في ضوء تراجع الطلب.

ويرجح الطباع أن يتجه القطاع نحو مزيد من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، في ضوء استمرار الواقع السياسي بغزة على ذات الحالة وانسداد أفق الحل.

المساهمون