تسابق الحكومة المغربية الزمن، من أجل معالجة مشاكل أسعار البنزين والسولار، عبر ضبط مستوياتها ووضع حد أقصى لأرباح شركات المحروقات، في سياق ليس منفصلاً عن حملات مقاطعة منتجات التي طاولت محطات وقود أفريقيا المملوكة لمجموعة أكوا، التابعة لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، عزيز أخنوش.
وتوالت، على مدى العشرة أيام الأخيرة، الاجتماعات بين الحكومة وشركات توزيع المحروقات ومسؤولي محطات الوقود، من أجل الوصول إلى نوع من التوافق حول قرار تحديد سقف أعلى لأسعار البنزين والسولار في المغرب.
ولم تتوقف الاجتماعات رغم طلب وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، الذي يعود إليه قيادة هذا المشروع، إعفاءه من مسؤوليته الوزارية، حيث أضحى من الملفات الرئيسية التي سيركز عليها رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، من أجل الحسم فيها.
هذا التوجه يحظى بدعم قادة أحزاب الأغلبية الحكومية، الذين وافقوا في اجتماع لهم على تحديد سعر أعلى للمحروقات وحد أقصى لأرباح شركات توزيع المحروقات في المغرب، حيث اشترطوا أن يتم ذلك بتوافق مع الأطراق المعنية، أي الشركات ومحطات الوقود.
وأبدت الحكومة، في الفترة الأخيرة، إصرارا كبيرا على الوصول إلى اتفاق مع تلك الأطراف، على اعتبار أن قرار وضع حد أقصى للأسعار والأرباح، جاهز لديها، حيث يبقى النقاش دائراً حول تفاصيل.
وأخبرت وزارة الشؤون العامة والحكامة، أصحاب محطات الوقود، بالتوجه الذي يريد المغرب الانخراط فيه، حيث استغل أصحاب المحطات الفرصة من أجل تقديم مقترحات للحكومة.
وقال المكتب الفيدرالي لمسيّري محطات الوقود، إن السلطات العمومية تخطط للعودة إلى صيغة تحديد الأسعار، التي كانت سارية قبل تحرير الأسعار، مع الاتفاق على حد أقصى للأرباح.
واعتبر أصحاب المحطات، أن هوامش الأرباح التي يستفيدون منها حالياً ضعيفة، معتبراً أن إعادة النظر فيها نحو الانخفاض قد يفضي إلى إفلاس العديد من المحطات.
واقترحوا على الحكومة رفع الحد الأقصى لأرباحهم إلى 0.70 درهم في اللتر الواحد من البنزين والسولار، من دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة، علما أن أرباحهم تصل إلى 0.55 درهم حاليا، من 0.34 درهم قبل التحرير.
ويؤكد مسؤول في محطة وقود، سعيد الحاحي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هامش ربح المحطات ظل في حدود 3% من ثمن البيع، مؤكدا أن أصحابها يتحمّلون تكاليف كبيرة، تهدد بإفلاس بعض المحطات.
اجتماعات مماثلة تعقد مع شركات توزيع المحروقات، حيث أخبر مسؤولو وزارة الشؤون العامة والحكامة، ممثلي تلك الشركات بما عقدت عليه الحكومة العزم من سعي لتحديد حد أقصى لأرباحهم.
غير أن الشركات تخشى من تراجع هوامش أرباحها، حيث ذكّرت الوزارة بالاستثمارات التي أنجزتها من أجل توفير قدرات إضافية للتخزين، وإحداث محطات وقود جديدة، ليبقى الترقب سائدا حول ما ستسفر عنه تلك المشاورات.
وتسعى الحكومة التي تريد استلهام النموذج البلجيكي، إلى تحديد أسعار البنزين والغازولين، مرة كل خمسة عشر يوماً في الشهر، مع حصر أرباح الشركات والمحطات في مستوى معين.
ورغم تحرير الأسعار، منذ ديسمبر/كانون الأول من العام 2015، إلا أنها ترتفع أو تنخفض في الأول والسادس عشر من كل شهر، وتختلف حسب وزن كل شركة والقرب أو البعد من محطات التخزين.
ويأتي سعي الحكومة لتحديد سقف الأسعار والأرباح، بعد صدور تقرير برلماني حول سوق المحروقات في المغرب، وحملة المقاطعة التي شملت شركة رائدة في القطاع.
ويرى مراقبون أن ضبط أرباح الشركات سيكون حلا صائباً، حيث يتخوفون من أن تقفز الأسعار إلى مستويات لا قبل للمستهلكين بها، في حال تجاوزت أسعار برميل النفط المستوى الحالي في السوق الدولية.
واعتبر نواب أن التقرير البرلماني لم يحط بجوانب ذات صلة بسوق المحروقات في المغرب، حيث لم يتناول الأرباح، التي يرون أنها وصلت إلى مستويات غير مسبوقة منذ التحرير.
وقرر مجلس النواب إحالة التقرير إلى الجلسة العامة، كي يبدي النواب آراءهم فيما تضمّنه من استنتاجات وتوصيات، ما سيحمي النقاش مرة أخرى حول أسعار المحروقات.
وحسب تقارير رسمية، يستورد المغرب 96% من احتياجاته من النفط المكرر، منذ إغلاق المصفاة الوحيدة التي تتوفر عليها المملكة.