لماذا علّقت تونس مفاوضات "أليكا" مع أوروبا؟

13 يوليو 2019
المزارعون رفضوا الاتفاقية مع أوروبا (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
بعد أربع سنوات من المفاوضات الصعبة حول اتفاقية التجارة الحرة الشاملة مع الاتحاد الأوروبي "أليكا"، قررت تونس تعليق العملية إلى أجل غير مسمى، بعدما لاحظت "خللاً" في سير التفاوض مع الشريك الأوروبي الذي كان ينتظر أن توقع معه الجزء الأخير من الاتفاقية قبل نهاية العام الحالي.

ويأتي قرار تونس بتعليق التفاوض أو إرجائه إلى مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية، تحت ضغط داخلي مارسته منظمات مهنية وجمعيات مدنية رأت في الاتفاق تهديدا لمصالحها، وخاصة فيما يتعلق بتحرير قطاعي الخدمات والزراعة.

وتخضع المبادلات التجارية بين تونس ودول الاتحاد الأوروبي، إلى اتفاقية شراكة أبرمت في تموز/ يوليو 1995، تنص على وقف التعريفة الجمركية للمنتجات الصناعية، على أن ينتقل الطرفان إلى مرحلة التبادل الحر والشامل بعد توقيع اتفاق تكميلي للـ "أليكا" يشمل مختلف القطاعات الاقتصادية. وفي أبريل/ نيسان الماضي دخل وفد من المفاوضين التونسيين في مباحثات مع نظرائهم في الاتحاد الأوروبي من أجل النظر في التوصل إلى اتفاق تبادل تجاري حر وشامل.

ووفق مصدر حكومي مطلع فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن تونس لم تلاحظ "ردود فعل إيجابية" من شريكها الأوروبي على "تحديات" معينة يطرحها تحرير قطاعي الزراعة والخدمات كجزء من التنمية الشاملة في البلاد.

وقال المصدر في تصريح لـ "العربي الجديد" إن تونس طلبت تمديد تطبيق خفض التعريفات الجمركية على المواد الزراعية والخدمات على 15 عاما، حتى تتمكن هذه القطاعات من تأهيل نفسها، مع الحصول على الدعم المالي والفني من الاتحاد الأوروبي لإجراء عملية التأهيل، غير أن هذه المطالب لم تحظ بالقبول اللازم من أوروبا.

وأضاف المصدر الحكومي أن الجانب الأوروبي لم يستجب بشكل إيجابي لمساهمة مالية كبيرة ترفع مستوى القطاع الزراعي، مشيرا إلى أن تونس لن يكون بإمكانها فتح أسواقها أمام المنتجات الأوروبية، إذا لم تتلق الإعانات اللازمة لعدم التكافؤ في الفرص والحظوظ بين المزارع التونسي، ونظيره الأوروبي الذي يتمتع بدعم كبير من سلطات بلاده في إطار السياسة الزراعية المشتركة التي تمثل أكبر ميزانية للاتحاد الأوروبي.

أما فيما يتعلق بالخدمات، رأى الجانب التونسي أنه يجب توفير شرط ضمان القدرة التنافسية للشركات التونسية، عبر الرفع الكامل للقيود الأوروبية المفروضة على حرية تنقل الأشخاص، بالإضافة إلى الاعتراف بالديبلومات والمهارات التونسية.

واعتبر الجانب التونسي وفق مصدر "العربي الجديد" أن إلغاء التأشيرات يعد ضرورة إذا كان الاتحاد الأوروبي جادا فعلا في الحديث عن توازن المصالح بين الطرفين.

وإبان مناقشة اتفاق التبادل الحر والشامل بين تونس والاتحاد الأوروبي كثفت أحزاب ومنظمات مجتمع مدني حملاتها داخل المحافظات التونسية من أجل إشعار التونسيين بالخطر المحدق بهم، فيما رفع نشطاء سياسيون من المعارضة اليسارية شعارات الرفض للاتفاق داخل قاعة المفاوضات داخل البرلمان الأوروبي ببروكسل.

وينص مشروع الاتفاق الخاص بالقطاع الزراعي وفق نسخة اطلعت عليها "العربي الجديد" على إجبارية التقيد بالمعايير الأوروبية في كل مراحل الإنتاج الفلاحي وجودة المنتج، سواء كانت موجهة للسوق المحلية أو الأوروبية، وذلك عن طريق استنساخ المنظومة القانونية الأوروبية.

البنود ذاتها المتعقلة بتحرير الأنشطة الزراعية تنص على إدماج مكتسبات الاتحاد الأوروبي (التشريعات والقواعد) ضمن التشريع التونسي، وإجراء الإصلاحات الإدارية والمؤسساتية الضرورية لدخول هذا الاتفاق حيز النفاذ والنقل التدريجي لمجموع المواصفات الأوروبية، مع إلغاء كل المواصفات المحلية المخالفة لتلك المعتمدة في القارة العجوز.

وقال سفير الاتحاد الأوروبي في تونس باتريس برغاميني في مقابلة الأسبوع الماضي مع صحيفة "لوموند" الفرنسية إن هدف الاتحاد الأوروبي من بناء مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية مع تونس هو مساعدتها على دعم النمو وزيادة فرص العمل ورفع المستوى الاقتصادي.

واعتبر المسؤول الأوروبي أن تعثر المفاوضات مرده الحملة الانتخابية التونسية، مؤكدا أن الهجوم لم يكن على أساس الحجج، بل اعتمد على مبررات لا أساس لها من الصحة أو عن سوء النية، بحسب قوله.

وأكد برغاميني أن دراسة أجرتها مؤسسة بحثية نمساوية للبحوث في مجال التنمية حول "أليكا" أكدت أن تونس ستحقق 1.5 نقطة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي في حالة التحرير الفوري للتجارة.
المساهمون