"الحقيقة والكرامة" ترفض تدخل الحكومة التونسية في ميزانيتها

09 نوفمبر 2016
الهيئة لا تمانع في اعتماد سياسات التقشف(فيسبوك)
+ الخط -

دافعت هيئة الحقيقة والكرامة، اليوم الأربعاء، خلال جلسة استماع لجنة الحقوق والحريات عما اعتبرته "استقلاليتها" المالية والتي تعكس بدورها استقلاليتها عن مركز القرار والسلطة السياسية بالبلاد.

ولم تناقش الجلسة المخصصة للنظر في ميزانية الهيئة المسائل المالية بقدر ما ركزت التساؤلات من النواب والردود من طرف مجلس الهيئة على مسائل متعلقة بمصداقيتها وطرق التسيير وما شابها من انتقادات وصلت إلى القضاء.

وكما دأبت عليه جلسات الاستماع السابقة لهيئة الحقيقة والكرامة، انقسم النواب إلى مساند ومعارض لطريقة تسييرها من قبل رئيستها سهام بن سدرين ليهمش بذلك الموضوع الرئيسي المتعلق بميزانيتها والذي طرح بدوره عدة إشكاليات.

ولم تتقبل الهيئة أن تقدم وزارة المالية مشروعا لميزانيتها الخاصة، معتبرة أن ذلك يمس باستقلاليتها ويجعلها تابعة للحكومة لتتحول الميزانية الى وسيلة ضغط من جهة، إضافة إلى أنها، الجهة الوحيدة القادرة على ضبط ميزانيتها ومعرفة احتياجاتها المادية للفترة المقبلة.

وقالت رئيسة الهيئة سهام بن سدرين خلال  جلسة الاستماع إن عمل الهيئة خلال العام القادم يتطلب مبلغا يقدر بـ 27 مليون دينار (حوالي 13 مليون دولار)، في حين اقترحت وزارة المالية 10.9 ملايين دينار (حوالي 4.5 ملايين دولار) فقط، وهو ما يعد فارقا شاسعا.

وأردفت بن سدرين أن الهيئة لا تمانع في اعتماد سياسة التقشف لكن ليس على حساب مسار العدالة الانتقالية، مشيرة إلى أن المجلس صادق على ميزانيات وزارات سجلت ارتفاعا مقارنة بالسنوات الماضية في حين يرتئي البعض أن الميزانية التي تطلبها الهيئة متضخمة ويدعو للتقليص منها.

من جانبه، اعتبر رئيس لجنة حفظ الذاكرة بالهيئة عادل المعيزي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هيئة الحقيقة والكرامة مكلفة بإنجاز مرفق عام خصوصي بالعدالة الانتقالية وهي هيئة مؤقتة ومستقلة ويقتضي القانون أن تكون مستقلة ماليا وإداريا حتى تتمكن من إنجاز مهمتها الرئيسية، غير أن التحكم في تحديد مواردها يعتبر بابا لتغيير أهدافها والتقليص من مهامها.

 وشدد المعيزي على أن التحجج بالوضع الاقتصادي لا يعد سببا منطقيا طالما أن الهيئة نفسها قد توفر حلا لهذا الوضع من خلال عائدات التحكيم والمصالحة الاقتصادية.

وساندت النائب عن التيار الديمقراطي سامية عبو في مداخلتها استقلالية الهيئة، معتبرة أنها المفتاح الرئيسي لقيامها بعملها في حياد تام، وأن تدخل الحكومة في ذلك وإعداد مشروع ميزانية لها غير ملائم تماما لاحتياجاتها.

وانتقدت عبو أيضا تباطؤ البرلمان في مناقشة تقريرها الصادر منذ يوليو الماضي وسد الثغرات الحاصلة فيه.

في المقابل اعتبر النائب عن نداء تونس حسن العماري أن بطء عمل الهيئة هو المتسبب في عدم تعويض الأعضاء المستقيلين أو المقالين منها، مبرزا أن ذلك أدى إلى تعطيل الدور الرقابي للبرلمان على الهيئة التي تتهرب من كل رقابة حتى تلك القضائية، كما أعاق تفعيل لجنة التحقيق البرلمانية للتحقيق في شبهة فساد مالي وإداري.

وردت رئيسة الهيئة على الانتقادات الموجهة إليها شخصيا وإلى الهيئة ككل، معتبرة أن كل حديث عن المصداقية لا أساس له من الصحة حيث بينت استطلاعات رأي أنها تحظى بثقة 80 % من التونسيين.

وعقبت على الاتهامات المتعلقة بالتهرب من الرقابة قائلة إن "الهيئة تطلب الرقابة ولا ترفضها، غير أن ذلك يتم وفق القانون أي لا مجال لمراقبتها إلا من خلال مناقشة تقرير عملها لدى البرلمان أو عند مناقشة ميزانيتها في الجلسة العامة، أو عبر مراقب الحسابات المنتمي إليها والذي يتمتع باستقلالية كافية أو عبر القضاء المالي (دائرة المحاسبات).

وعرجت بن سدرين على مسألة منح عقد احتكار لقناة الجزيرة لنقل جلسات الاستماع للضحايا في الحقبة الماضية، موضحة أنه تم الاتصال بالتلفزة الوطنية التونسية، ولكن لم يتسن بعد إمضاء اتفاق حول ذلك إلى الآن.

ووقعت الهيئة اتفاقيات نقل مع وسائل إعلام محلية خاصة وعمومية، وقنوات تليفزيونية أجنبية على غرار الجزيرة والبي بي سي وفرانس 24.

ودعت النواب إلى التدخل من أجل تسريع الإمضاء مع التلفزة المحلية ملمحة إلى أن التعطيل الحاصل في ذلك قد يكون مرده ضغوطات من أطراف سياسية. 


المساهمون