مصر ترجئ زيادة أسعار الوقود إلى العام المقبل

03 أكتوبر 2015
أزمة وقود متكررة في مصر مع زيادة الاستهلاك (أرشيف/الأناضول)
+ الخط -


حالت أسعار النفط، التي فقدت أكثر من نصف قيمتها، خلال السنة الماضية، دون إقرار الزيادة الثانية في أسعار المحروقات في مصر، والتي كانت مُبرمجة في خطة الحكومة للسنة المالية الجارية، وفق ما كشفت مصادر خاصة.

وذكر مصدر في وزارة المالية لـ"العربي الجديد"، رفض نشر اسمه: "كان من المقرر أن نبدأ العمل بالزيادة الجديدة في أسعار الوقود مع بداية العام المالي الجاري (يوليو/تموز)، لكن تراجع أسعار الخام وفّر جزءا كبيرا من مخصصات دعم الوقود، ما أعطى مساحة لتأجيل القرار إلى بداية 2016".

وقال وزير التخطيط والإصلاح الإداري المصري، أشرف العربي، في تصريحات خاصة لمراسل "العربي الجديد" بالقاهرة، إن انخفاض أسعار النفط عالمياً أعطى مرونة كافية للحكومة في حرية اختيار الوقت المناسب لخفض دعم الطاقة.

وواصلت أسعار النفط العام الجاري شوط الانخفاض الذي بدأته في يونيو/حزيران 2014، وبلغت أقل مستوياتها في ست سنوات، ليتراوح سعر البرميل بين 45 و50 دولارا.

وأضاف وزير التخطيط، أن الحكومة ستخفض دعم الطاقة خلال العام المالي الجاري 2015-2016، وذلك تماشيا مع الخطة التي أعلنتها سابقا حول إلغاء الدعم، في خلال فترة من 3 إلى 5 سنوات.

ويبدأ العام المالي في مصر مطلع يوليو/تموز، وينتهي في نهاية يونيو/حزيران.
وأوضح الوزير، أن خفض دعم الطاقة يتماشى مع تطبيق كروت الوقود الذكية، مما يقلل الكميات المهربة للسوق السوداء، ويضبط ويحدد الكميات المستهلكة بشكل فعلي وحقيقي.

وقال مصدر في وزارة البترول، رفض نشر اسمه، إنه من المتوقع أن يتم خفض الدعم بعد انتخابات مجلس الشعب، حتى يُقر بطريقة صحيحة ويجنب الحكومة الحرج، أي بداية العام المقبل 2016، لكن المصدر ذاته لم يستبعد تطبيق منظومة كروت الوقود قبل زيادة الأسعار، وذلك لتوفير معلومات دقيقة حول حجم الاستهلاك الفعلي للوقود، وإحكام الرقابة على المراحل المختلفة لتداول المنتجات البترولية لمنع تسرّبها وتهريبها، وهو ما سيوفر أيضا من فاتورة الدعم.

وأوضح المصدر، أن سبب تأجيل زيادة أسعار الوقود يرجع إلى انخفاض الأسعار العالمية من جانب، وعدم توفير الطاقة بشكل كامل للمصانع من جانب أخر، خاصة أن سعر الغاز للمصانع بعد زيادة العام الماضي، بات يقترب من سعر التكلفة.

وقال رئيس الحكومة، شريف إسماعيل، في تصريحات سابقة، إن إجمالي دعم المنتجات البترولية انخفض بحوالى 30 مليار جنيه على مدار العام الماضي (3.8 مليارات دولار)، ليسجل حوالى 70 مليار جنيه، نتيجة لانخفاض أسعار النفط عالميا.

وتوقع البنك الدولي أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع معدلات التضخم والفقر، لكنه يؤدي في الوقت نفسه إلى تراجع أعداد السائحين المحتملين من دول الخليج، وإلى انخفاض تحويلات المصريين المغتربين في المنطقة، ويتوقف حجم الأخير على مدى استمرار انخفاض أسعار النفط.

وأوضح البنك الدولي أنه في حال استمر السعر الحالي للنفط في حدود 50 دولارا للبرميل، سيكون بمقدور مصر توفير 25% من المبلغ المرصود لدعم الطاقة.
 
وتشهد مصر زيادة في معدل الاستهلاك للمنتجات البترولية تبلغ في المتوسط 3% سنويا، ومن المرجح أن يتيح تراجع أسعار النفط لمصر إمكانية الحصول على إمدادات إضافية من مصادر أكثر تنوعا للإيفاء بالطلب المتزايد لديها، إذ تسعى الحكومة إلى الحد من انقطاع التيار الكهربائي هذا الصيف، لتجنب الغضب الجماهيري.

اقرأ أيضاً: المصريون يستقبلون العيد بأزمة وقود خانقة

وخصصت الحكومة 61.7 مليار جنيه لدعم الطاقة في موازنة العام المالي الجاري، بما يوفر 9 مليارات جنيه فقط عن العام الماضي.

وتقدر وزارة المالية، في موازنة العام المالي الجاري، متوسط سعر برميل خام برنت بنحو 75 دولاراً في 2015 و70 دولارا في 2016.

وقال خبير النفط الوكيل السابق لوزارة البترول المصرية، إبراهيم زهران، لـ"العربي الجديد"، إن تراجع أسعار النفط عالميا أدى إلى تخفيف العبء عن الموازنة المصرية، فبالإضافة إلى انخفاض قيمة الدعم، يقلص فاتورة مشتريات الحكومة من النفط الخام والمشتقات، والتي لا تتم إلا عبر صفقات خارجية تُجريها مصر بالعملة الصعبة.

وأشار إلى أن الحكومة المصرية كانت تنفق يوميا 60 مليون دولار لاستيراد مواد بترولية وغاز، وتقلص هذا المبلغ إلى قرابة النصف، بسبب انخفاض أسعار النفط.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، إن قرار تأجيل الزيادة الثانية في أسعار الوقود بمصر لمدة عام لن يمتص معدلات التضخم التي تسببت فيها الزيادة الأولى، لأن الأسعار ستظل عند مستوياتها الحالية، فضلا عن وجود ارتفاعات أخرى غير مؤشر الطاقة، خاصة السلع الغذائية.

وأوضح عبدالمطلب، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن أسعار الوقود في مصر حاليا تقترب من مثيلتها في السوق العالمية.

وأضاف عبدالمطلب، أنه من الأفضل أن تتراجع الحكومة عن الزيادة طالما بقيت أسعار النفط العالمية تحوم حول مستوياتها الحالية خلال السنوات الثلاث المقبلة، وفق تقديرات كثير من التقارير الدولية، مشيرا إلى أن أي زيادة قد تحدث خلال الشهور القليلة المقبلة، كفيلة بإثارة الشارع الذي يعاني ارتفاعات كبيرة في أسعار جميع السلع. وقال إن زيادة أسعار الوقود، تهدد بموجة جديدة من ارتفاع الأسعار.

وتستورد مصر منتجات بترولية من الخارج بقيمة 1.3 مليار دولار شهرياً، وتقدر الاحتياجات الشهرية للسوق المحلية من السولار بحدود 500 ألف طن، وغاز الطهو (البوتاجاز) 300 ألف طن، والبنزين 150 ألف طن، بخلاف 500 ألف طن مازوت، وفقاً لتقرير سابق صادر عن الهيئة العامة للبترول.

ويبلغ الاستهلاك المحلي من البنزين 6.1 ملايين طن سنوياً، ويستحوذ بنزين 80 على ما يقرب من نصف تلك الكميات، بإجمالي 2.7 مليون طن سنوياً، يليه بنزين 92 بحوالى 2.5 مليون طن، وبنزين 95 بنحو 400 ألف طن، وفقاً لأرقام موازنة الحساب الختامي للعام المالي 2014-2015.


اقرأ أيضاً: المصريون يستقبلون العيد بأزمة وقود خانقة

دلالات
المساهمون