هل تحولت مبادرة "الحزام والطريق" الصينية من نعمة إلى لعنة ومن مصدر قوة ناعمة إلى مصدر ضعف بالنسبة لبكين؟ هذا التساؤل بدأ يطرح نفسه في العديد من الدول التي تلقت تمويلات من الصين خلال السنوات الماضية.
و"مبادرة الحزام والطريق" هي واحدة من الاستراتيجيات الضخمة التي نفذتها الصين في السنوات الأخيرة للتمدد الاقتصادي عالمياً، عبر بناء فضاء تجاري وأسواق لصناعاتها وربط دول العالم باقتصادها وتدويل عملتها اليوان ضمن المنافسة مع الولايات المتحدة.
وتستهدف المبادرة تحويل الصين من دولة ناشئة إلى قوة اقتصادية عظمى تنافس أميركا في تشكيل وبناء "نظام عالمي" جديد. كذلك تستهدف المبادرة تعزيز "القوة الناعمة للصين"، في مقابل ماكينة القوة الناعمة متعددة الأذرع التي تتحرك بها واشنطن.
وعلى الرغم من أن العديد من دول العالم نظرت في البداية للقروض والتمويلات ذات الشروط المخففة والمشاريع التي قدمتها بكين في إطار "الحزام والطريق"، على أساس أنها أموال شبه مجانية، ولكن ثبت لاحقاً أنها مكلفة جداً لهذه الاقتصاديات، كما أن هذه المشاريع تكبلها مالياً واقتصادياً في الواقع، إذ تربط خطوط إنتاجها المحلية بالاقتصاد الصيني وترهن مستقبلها التجاري للشركات الصينية.
وحسب بيانات مؤسسة "آر دبليو آر أدفايسري" الأميركية للأبحاث الاقتصادية المتخصصة في الصين وروسيا، فإن بكين أنفقت منذ عام 2013 وحتى أكتوبر/ تشرين الماضي نحو 700 مليار دولار في مشروعات بنى أساسية في أكثر من 60 دولة.
ويشير تقرير لموقع "فورن بوليسي" في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى أن المبادرة أصبحت تواجه انتقادات على الصعيدين المحلي والخارجي.
على الصعيد المحلي، يرى العديد من الصينيين أنها تبذير للموارد المالية الصينية في تمويل مشروعات ضخمة في دول قد لا تكون حليفة للصين في المستقبل، وسط المناخ الجيوسياسي المتقلب وضغوط واشنطن المتصاعدة على دول العالم في عهد الرئيس دونالد ترامب وسياسات "أميركا أولاً" و"الولاء مقابل الدعم". وعلى الصعيد الدولي أصبحت دول عدة تتخوّف من الهيمنة الصينية على اقتصادها.
وعلى الرغم من أن القروض التي تقدمها بكين لتمويل المشروعات الواقعة ضمن الحزام والطريق تختلف في شروطها عن شروط الإقراض الغربية، إذ إن بكين لا تطالب شركاءها بتلبية شروط مثل محاربة الفساد وحقوق الإنسان والاستقرار المالي، مثلما هو الحال بالنسبة لقروض صندوق النقد والبنك الدوليين، إلا أن هناك كلفة كبرى تدفعها الدول وربما الشعوب للتمويلات الصينية.
اقــرأ أيضاً
وبسبب الأزمة المالية، دخلت الحكومة الباكستانية في محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ محتملة في وقت تعاني من أزمة في ميزان المدفوعات وعجز في حسابها الجاري، وذلك حسب تقرير نشرته وكالة فرانس برس.
وتنفذ الشركات الصينية في باكستان مشروع "الممر الاقتصادي" الذي يستهدف نقل الطاقة والمواصلات بين منطقة شينغيانغ في غرب الصين وبحر العرب عبر باكستان، ومشروع "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" هو مشروع يكلف مليارات عدة من الدولارات يدخل في إطار مبادرة التمدد الصيني في آسيا وانتزاع باكستان من معسكر واشنطن.
وفي أفريقيا، رغم الترحاب الذي وجدته المبادرة الصينية في البداية، ثبت لاحقاً أنها قتلت مئات المشاريع الصغيرة في الصناعة والزراعة والتربية واللحوم، إذ سيطرت الشركات الصينية على هذه الصناعات وأنهت مشاريع "الاقتصاد الاكتفائي".
ومن بين الانتقادات التي وجهت إلى المشروعات الصينية في أفريقيا كذلك أن الشركات الصينية تستخدم العمال والموظفين الصينيين بدلاً من المحليين في العديد من الدول الأفريقية، كما أنها في نفس الوقت ساهمت في إثراء الساسة والمسؤولين الحكوميين في المناطق التي نفذت فيها مشروعات.
وفي أوغندا وزامبيا بدأت العديد من مؤسسات النخبة تتساءل عن كيفية إنفاق القروض الصينية وتتذمر من عدم وجود شفافية في حجم القروض الصينية المتصاعدة التي يتصرف فيها الساسة دون محاسبة تذكر.
وتثار احتجاجات في أوغندا حيث ارتفعت القروض الصينية إلى 3 مليارات دولار، وتنوي الحكومة استدانة 2.3 مليار دولار أخرى.
وترهن الحكومة الأوغندية النفط المكتشف حديثاً والذي من المتوقع أن يبدأ التدفق في عام 2020 للصين مقابل هذه القروض. وتدور التساؤلات في العاصمة كمبالا، وفقاً لتقرير نشرته رويترز، حول تمويلات طريق سريع من العاصمة كمبالا إلى المطار بكلفة 588 مليون دولار.
وفي ماليزيا سقطت حكومة نجيب رزاق، المتهم حالياً بالفساد وسرقة المال العام، عبر حملة انتخابية شرسة ضد مشاريع "الحزام والطريق" الصينية قادها مهاتير محمد. وتمكن الأخير عبر هذه الحملة من كسب الانتخابات وإقناع الجماهير الماليزية بمخاطر الكلفة الباهظة التي ستدفعها بلادها للتمدد الصيني .
ومنذ وصوله إلى السلطة، ألغى رئيس الوزراء الماليزي مهاتير عدة مشاريع صينية في ماليزيا، من بينها مشروع سكك حديدية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، تبلغ كلفته 20 مليار دولار. ومشروع آخر لأنابيب الغاز الطبيعي بكلفة 2.3 مليار دولار.
وتسعى الولايات المتحدة لاستغلال الغضب الجماهيري من الفساد في دول "الحزام والطريق" لصالحها، إذ سلطت واشنطن الضوء خلال قمة "آبيك" على محاولة هيمنة بكين على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ووجه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس انتقادات مباشرة للمبادرة الصينية على هامش القمة، موضحاً أن "دول المنطقة يجب ألا تقبل بديون تعرض سيادتها للخطر".
كذلك تعهّد بنس بإطلاق مبادرة تمويلية مع حلفاء غربيين لرد منسق على مبادرة الحزام والطريق الصينية، من خلال التعهد بتمويل مشترك تبلغ قيمته 1.7 مليار دولار لمشروع للكهرباء والإنترنت في بابوا غينيا الجديدة.
من جانبها ردت وزارة الخارجية الصينية بالقول إن "التعاون مع بكين لن يؤدي إلى وقوع دول نامية في فخ الديون". وتشير مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين في عام 2013 إلى الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، وتهدف إلى بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية تربط آسيا مع أوروبا وأفريقيا.
وتسعى الولايات المتحدة عبر الرسوم التجارية إلى عرقلة النمو الاقتصادي الصيني وحرمان بكين من التمدد اقتصادياً في آسيا وأوروبا.
وقد شهد الاقتصاد الصيني تباطؤاً في النمو خلال العام الجاري بسبب الحرب التجارية، كما تسارعت وتيرة هروب الرساميل من الصين. وعانت أسواق المال الصينية من موجة تدهور في الأسعار وشهد اليوان الصيني تراجعاً كبيراً خلال العام الجاري.
وتستهدف المبادرة تحويل الصين من دولة ناشئة إلى قوة اقتصادية عظمى تنافس أميركا في تشكيل وبناء "نظام عالمي" جديد. كذلك تستهدف المبادرة تعزيز "القوة الناعمة للصين"، في مقابل ماكينة القوة الناعمة متعددة الأذرع التي تتحرك بها واشنطن.
وعلى الرغم من أن العديد من دول العالم نظرت في البداية للقروض والتمويلات ذات الشروط المخففة والمشاريع التي قدمتها بكين في إطار "الحزام والطريق"، على أساس أنها أموال شبه مجانية، ولكن ثبت لاحقاً أنها مكلفة جداً لهذه الاقتصاديات، كما أن هذه المشاريع تكبلها مالياً واقتصادياً في الواقع، إذ تربط خطوط إنتاجها المحلية بالاقتصاد الصيني وترهن مستقبلها التجاري للشركات الصينية.
وحسب بيانات مؤسسة "آر دبليو آر أدفايسري" الأميركية للأبحاث الاقتصادية المتخصصة في الصين وروسيا، فإن بكين أنفقت منذ عام 2013 وحتى أكتوبر/ تشرين الماضي نحو 700 مليار دولار في مشروعات بنى أساسية في أكثر من 60 دولة.
ويشير تقرير لموقع "فورن بوليسي" في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلى أن المبادرة أصبحت تواجه انتقادات على الصعيدين المحلي والخارجي.
على الصعيد المحلي، يرى العديد من الصينيين أنها تبذير للموارد المالية الصينية في تمويل مشروعات ضخمة في دول قد لا تكون حليفة للصين في المستقبل، وسط المناخ الجيوسياسي المتقلب وضغوط واشنطن المتصاعدة على دول العالم في عهد الرئيس دونالد ترامب وسياسات "أميركا أولاً" و"الولاء مقابل الدعم". وعلى الصعيد الدولي أصبحت دول عدة تتخوّف من الهيمنة الصينية على اقتصادها.
وعلى الرغم من أن القروض التي تقدمها بكين لتمويل المشروعات الواقعة ضمن الحزام والطريق تختلف في شروطها عن شروط الإقراض الغربية، إذ إن بكين لا تطالب شركاءها بتلبية شروط مثل محاربة الفساد وحقوق الإنسان والاستقرار المالي، مثلما هو الحال بالنسبة لقروض صندوق النقد والبنك الدوليين، إلا أن هناك كلفة كبرى تدفعها الدول وربما الشعوب للتمويلات الصينية.
من بين هذه الكلف التي تدفعها
الشعوب إنعاش الفساد الحكومي وزيادة المديونية المستقبلية. وبدأت الشعوب تظهر غضبها من مشروع الحزام والطريق عبر تغيير حكوماتها في الدول الديمقراطية.
وحسب تقرير "فورن بوليسي"، فإن القروض التي تقدمها الصين تكون الفائدة عليها أعلى بنحو 5.0% عن تلك التي تقدمها المؤسسات الغربية، كما أن الصين تستهدف عائد 30% على المشروعات التي تنفذها ضمن "الحزام والطريق". وبسبب هذه الفائدة المرتفعة والفساد الاقتصادي تواجه باكستان أزمة مالية، ولكن ثمة من يوجهون الاتهامات إلى بكين التي تمنح القروض من دون مطالبة بشفافية في أوجه إنفاقها. الشعوب إنعاش الفساد الحكومي وزيادة المديونية المستقبلية. وبدأت الشعوب تظهر غضبها من مشروع الحزام والطريق عبر تغيير حكوماتها في الدول الديمقراطية.
وبسبب الأزمة المالية، دخلت الحكومة الباكستانية في محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة إنقاذ محتملة في وقت تعاني من أزمة في ميزان المدفوعات وعجز في حسابها الجاري، وذلك حسب تقرير نشرته وكالة فرانس برس.
وتنفذ الشركات الصينية في باكستان مشروع "الممر الاقتصادي" الذي يستهدف نقل الطاقة والمواصلات بين منطقة شينغيانغ في غرب الصين وبحر العرب عبر باكستان، ومشروع "الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني" هو مشروع يكلف مليارات عدة من الدولارات يدخل في إطار مبادرة التمدد الصيني في آسيا وانتزاع باكستان من معسكر واشنطن.
وفي أفريقيا، رغم الترحاب الذي وجدته المبادرة الصينية في البداية، ثبت لاحقاً أنها قتلت مئات المشاريع الصغيرة في الصناعة والزراعة والتربية واللحوم، إذ سيطرت الشركات الصينية على هذه الصناعات وأنهت مشاريع "الاقتصاد الاكتفائي".
ومن بين الانتقادات التي وجهت إلى المشروعات الصينية في أفريقيا كذلك أن الشركات الصينية تستخدم العمال والموظفين الصينيين بدلاً من المحليين في العديد من الدول الأفريقية، كما أنها في نفس الوقت ساهمت في إثراء الساسة والمسؤولين الحكوميين في المناطق التي نفذت فيها مشروعات.
في هذا الصدد ذكرت رويترز، في الشهر الماضي، أن الحكومة الكينية اعتقلت مدير الأراضي ورئيس هيئة السكك الحديد المشرف على خط سكة حديد نيروبي ممباسا، وهو مشروع تنفذه الحكومة الصينية ضمن مشاريع "الحزام والطريق".
اقــرأ أيضاً
وكانت الحكومة الكينية قد بدأت في أغسطس/ آب الماضي حملة تقصٍّ في كيفية إنفاق أموال مشروع السكة الحديد الذي يكلف 3 مليارات دولار. وفي أوغندا وزامبيا بدأت العديد من مؤسسات النخبة تتساءل عن كيفية إنفاق القروض الصينية وتتذمر من عدم وجود شفافية في حجم القروض الصينية المتصاعدة التي يتصرف فيها الساسة دون محاسبة تذكر.
وتثار احتجاجات في أوغندا حيث ارتفعت القروض الصينية إلى 3 مليارات دولار، وتنوي الحكومة استدانة 2.3 مليار دولار أخرى.
وترهن الحكومة الأوغندية النفط المكتشف حديثاً والذي من المتوقع أن يبدأ التدفق في عام 2020 للصين مقابل هذه القروض. وتدور التساؤلات في العاصمة كمبالا، وفقاً لتقرير نشرته رويترز، حول تمويلات طريق سريع من العاصمة كمبالا إلى المطار بكلفة 588 مليون دولار.
وفي ماليزيا سقطت حكومة نجيب رزاق، المتهم حالياً بالفساد وسرقة المال العام، عبر حملة انتخابية شرسة ضد مشاريع "الحزام والطريق" الصينية قادها مهاتير محمد. وتمكن الأخير عبر هذه الحملة من كسب الانتخابات وإقناع الجماهير الماليزية بمخاطر الكلفة الباهظة التي ستدفعها بلادها للتمدد الصيني .
ومنذ وصوله إلى السلطة، ألغى رئيس الوزراء الماليزي مهاتير عدة مشاريع صينية في ماليزيا، من بينها مشروع سكك حديدية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، تبلغ كلفته 20 مليار دولار. ومشروع آخر لأنابيب الغاز الطبيعي بكلفة 2.3 مليار دولار.
وتسعى الولايات المتحدة لاستغلال الغضب الجماهيري من الفساد في دول "الحزام والطريق" لصالحها، إذ سلطت واشنطن الضوء خلال قمة "آبيك" على محاولة هيمنة بكين على منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ووجه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس انتقادات مباشرة للمبادرة الصينية على هامش القمة، موضحاً أن "دول المنطقة يجب ألا تقبل بديون تعرض سيادتها للخطر".
كذلك تعهّد بنس بإطلاق مبادرة تمويلية مع حلفاء غربيين لرد منسق على مبادرة الحزام والطريق الصينية، من خلال التعهد بتمويل مشترك تبلغ قيمته 1.7 مليار دولار لمشروع للكهرباء والإنترنت في بابوا غينيا الجديدة.
من جانبها ردت وزارة الخارجية الصينية بالقول إن "التعاون مع بكين لن يؤدي إلى وقوع دول نامية في فخ الديون". وتشير مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين في عام 2013 إلى الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21، وتهدف إلى بناء شبكة للتجارة والبنية التحتية تربط آسيا مع أوروبا وأفريقيا.
وتسعى الولايات المتحدة عبر الرسوم التجارية إلى عرقلة النمو الاقتصادي الصيني وحرمان بكين من التمدد اقتصادياً في آسيا وأوروبا.
وقد شهد الاقتصاد الصيني تباطؤاً في النمو خلال العام الجاري بسبب الحرب التجارية، كما تسارعت وتيرة هروب الرساميل من الصين. وعانت أسواق المال الصينية من موجة تدهور في الأسعار وشهد اليوان الصيني تراجعاً كبيراً خلال العام الجاري.