يرفع التوتر العسكري في الخليج بين إيران والولايات المتحدة، والحرب التي تخوضها السعودية والإمارات ضد مليشيا الحوثي في اليمن من مخاطر المرور الآمن لسفن النفط والتجارة في منطقة الخليج، خاصة في مضيق هرمز الحيوي لحركة السفن والذي تمر به شحنات نفطية تقدر بأكثر من 17.5 مليون برميل يومياً إلى أسواق الطاقة العالمية.
وتتزايد المخاوف على إمدادات الطاقة العالمية ووصولها الأمن، بعد الحادثة التي تعرضت لها سفينتا نفط أمس الخميس بالقرب من خليج عمان وعند مدخل مضيق هرمز، حيث كسبت أسعار النفط أكثر من دولارين وبما يعادل 4% زيادة عقب الإعلان عن الحادث مباشرة، كما توقعت شركات وساطة في التأمين على المخاطر، أن تزيد هذه الحادثة الجديدة من مخاطر السفن بمنطقة الخليج.
على صعيد كلف التامين، قالت شركة وساطة في التأمين على السفن التجارية في لندن لصحيفة "فاينانشيال تايمز" أمس الخميس، "بعد حادثة التخريب التي تعرضت لها سفن في ميناء الفجيرة الشهر الماضي بدا واضحاً أن التامين على السفن التجارية والحاويات النفطية التي تمر بمنطقة الخليج أصبح غالياً".
وأضافت الشركة في تعليقاتها للصحيفة البريطانية، "من المحتمل أن ترفع هذه الحادثة أيضاً من أسعار التامين على السفن التجارية أكثر".
ورفعت شركة " لويدز اوف لندن"، كبرى شركات التأمين على الحاويات أسعار التامين على مخاطر السفن التجارية والحاويات النفطية بعد عمليات التخريب التي تعرضت لها سفينتان في ميناء الفجيرة في الشهر الماضي. وذلك وفقاً لبيان أصدرته مؤسسة التامين العالمية التي يوجد مقرها في لندن منتصف مايو/آيار الماضي.
وهنالك مخاوف من عودة أسعار التأمين إلى المستويات التي اعتمدتها " لويدز أوف لندن"، أثناء حرب الخليج الثانية بالعام 2003.
وهنالك مخاوف من عودة أسعار التأمين إلى المستويات التي اعتمدتها " لويدز أوف لندن"، أثناء حرب الخليج الثانية بالعام 2003.
وفي هذا الصدد، قال أوليفر جاكوب المدير التنفيذي لشركة الاستشارات النفطية، "بتروماكس جي أم بي أتش" لوكالة بلومبيرغ، " لا أذكر فترة ارتفعت فيها المخاطر الجيوسياسية بمنطقة الخليج مثلما يحدث الآن".
وترفع الحرب التي يخوضها التحالف السعودي الإماراتي في اليمن من مخاطر المرور الآمن للسفن التجارية والنفطية في خليج عدن، كما يهدد المنشآت النفطية في السعودية.
وفي ذات الوقت يزيد التوتر العسكري بين أميركا وإيران من المخاطر في مضيق هرمز الحيوي الذي تمر من خلاله نحو 40% من إنتاج النفط العالمي وبما يعادل 17.5 مليون برميل يومياً.
وعلى الرغم من أن كلاً من أميركا وإيران تقولان إنهما لا ترغبان في خوض الحرب، إلا أن شركات التأمين ترى أن الوجود العسكري المكثف وزيادة التوتر ربما يقودان إلى أخطاء ليست في الحسبان وتشعل فتيل الحرب في المنطقة.
في هذا الصدد، قال المدير التنفيذي لشركة فرونت لاين ليمتد للشحن البحري، روبرت ماكلويد في تصريحات سابقة، "الوضع في المنطقة يرفع من مستويات المخاطر، وبالتالي نرفع من مستويات التحذير للسفن".
وعادة ما تتبع شركات التأمين العالمية على الشحن البحري المستويات السعرية على المخاطر التي تحددها مؤسسة " لويدز أوف لندن". وشركة فرونت لاين ليمتد للشحن البحري، هي إحدى الشركات التي تعرضت إحدى سفنها لحادث أمس بالقرب من خليج عمان.
ووسط المخاوف على وصول إمدادات النفط للأسواق، طمأنت الكويت اليوم زبائنها في سوق النفط العالمي، قائلة إن ناقلاتها تسير بشكل طبيعي.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن شركة ناقلات النفط الكويتية التي تديرها الحكومة قولها إن ناقلاتها تسير بشكل طبيعي بعد هجمات على ناقلتين في خليج عمان.
وأضافت الشركة أنها مستعدة لأي طارئ وأنها اتخذت جميع التدابير الاحترازية اللازمة لضمان سلامة عمليات أسطولها.
كما أوردت نشرة "اس اند بي- بلاتس" التي تعنى بالشؤون النفطية، نقلاً عن عدد من المصادر في مجال النقل البحري في آسيا، أن واحدة من السفن تدعى "فرونت آلتير" وبنيت عام 2016 وترفع علم جزر مارشال، اشتعلت فيها النيران بالقرب من خليج عمان.
بينما أعلنت شركة "بي أس أم" لإدارة السفن في سنغافورة، أن واحدة من ناقلاتها وتحمل اسم "كوكوكا كوريجوس" كانت هدفا لـ "حادث أمني"، وأن أفراد الطاقم وهم 21 شخصاً تركوا السفينة وتم إنقاذهم.
وفي خطوة قد تقلل من المخاطر على السفن النفطية والتجارية، دعت طهران أمس إلى تعاون أمني في المنطقة. وعبر متحدث باسم الحكومة الإيرانية عن القلق، وقال إن طهران مستعدة لتعاون أمني إقليمي لحماية الممرات المائية الاستراتيجية.
ونقلت وكالة فارس للأنباء في هذا الصدد، عن المتحدث علي ربيعي القول "يجب على كل دول المنطقة أن تحذر الوقوع في شرك من يستفيدون من انعدام الأمن الإقليمي".
أما على صعيد تداعيات الهجوم الذي تعرضت له الحاويتان النفطيتان في خليج عمان، فيرى محللون أن الحادثة سترفع من أسعار النفط على الرغم من التأثيرات السالبة التي تركتها الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على الطلب العالمي على النفط.
وحسب رويترز، صعدت أسعار النفط اليوم الخميس، بعد حادثة الهجوم الذي تعرضت له ناقلتا النفط في خليج عمان بالقرب من سواحل إيران. وفي التعاملات الصباحية، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت دولارين أو 3.3% إلى 61.97 دولارا للبرميل. كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 1.41 دولار أو 2.7% إلى 52.55 دولارا للبرميل.
لكن رغم الارتفاع الذي حدث اليوم الخميس، فإن انظار تجار النفط تركز أكثر على التطورات التي يشهدها النزاع التجاري بين أكبر عملاقين في التجارة العالمية والتصريحات المتشددة الصادرة في كل من واشنطن وبكين حول تصعيد الحرب وتداعيات ذلك على الطلب النفطي العالمي.
وفي هذا الصدد أعلنت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأسبوع الماضي، عن ارتفاع التخمة النفطية العالمية إلى 2.2 مليون برميل يومياً.
كما حذرت منظمة التجارة العالمية يوم الثلاثاء، من أن حجم التجارة العالمية ربما سيتقلص بنسبة 17%، في حال تواصل نزاع الرسوم الجمركية بين بكين وواشنطن وتحوله إلى حرب تجارية شاملة.
وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، قد خفضت توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بفعل تصاعد النزاعات التجارية.
وأشارت في تقرير أمس الخميس، إلى احتمال حدوث مزيد من الخفض، مما قد يبرر تمديد القيود المفروضة على الإمدادات لنهاية 2019. وقالت المنظمة في تقريرها الشهري إن الطلب العالمي على النفط سيزيد 1.14 مليون برميل يومياً في العام الحالي، بما يقل 70 ألف برميل يومياً عن التوقع السابق.
وقالت أوبك في التقرير "على مدى النصف الأول من العام الحالي، تصاعدت التوترات التجارية.. ما زالت هناك مخاطر تراجع واضحة من تسرب أثر النزاعات التجارية المتصاعدة إلى نمو الطلب العالمي".
وتدور في أسواق النفط توقعات متشائمة من قبل مسؤولين روس حول احتمال هبوط الأسعار ربما إلى 30 أو 40 دولاراً. وهي توقعات لا تدعمها التقارير الصادرة عن مؤسسات مصرفية كبرى تتاجر في النفط، من بينها مصرفا "سيتي غروب" و"غولدمان ساكس" الأميركيان .
ولا يستبعد محللون غربيون أن يقصد بها المسؤولون الروس ضرب صناعة النفط الصخري في أميركا أو ربما بعث رسالة للرئيس الأميركي دونالد ترامب أنهم يدعمون تغريداته المطالبة بسعر منخفض للنفط.
ويرى خبير أسواق الطاقة بمصرف" غولدمان ساكس"، جيفري كوري، أن الغموض حالياً يحيط بالسوق النفطية، وأن هنالك العديد من المجاهيل تعوق معرفة حجم الإنتاج الذي يحتاجه السوق لإحداث التوازن المطلوب.
ويشير كوري في ذلك إلى قرار "أوبك" المقبل بتمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج بين أعضاء أوبك والمنتجين خارجها والمقدر بنحو 1.2 مليون برميل يومياً.
ويرى كوري أن هنالك غموضاً يحيط بحجم الصادرات الإيرانية حالياً بعد تشديد الحظر، كما أن إنتاج النفط الصخري يواصل الارتفاع.