سجّل الريال اليمني انهياراً قياسياً هو الأكبر منذ عامين، وذلك في أعقاب الخطوات الانقلابية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، وسيطرته على إيرادات الدولة والتحكم بالبنك المركزي في عدن.
وأعلن المجلس الانتقالي، أواخر إبريل/نيسان الماضي، ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" للجنوب، وبموجبها قام بالاستيلاء على أكثر من 17 مليار ريال يمني، فضلا عن السحب من خزانة البنك المركزي لتمويل عملياته العسكرية.
وقال مصرفيون لـ"العربي الجديد"، إن أسعار صرف الريال انخفضت من 650 ريالا للدولار الواحد أواخر الشهر الماضي، إلى 710 ريالات، في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب)، فيما وصل إلى 185 ريالاً أمام الريال السعودي الواحد.
ووفقا لصيارفة في محافظة تعز، فإن الإجراءات الانقلابية تسببت في اضطراب سعر الريال، حتى في المناطق الخاضعة للحكومة الشرعية، والتي ظلت موحدة في تعاملاتها منذ بدء النزاع قبل 5 سنوات، خلافا للمناطق الخاضعة للحوثيين والتي تشهد أسعاراً مختلفة.
وأشارت المصادر إلى أن أسعار الصرف في تعز حافظت على استقرارها منذ أيام، عند 680 ريالاً أمام الدولار الواحد، فيما تشهد العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين استقراراً شبه تام منذ أشهر، وذلك بواقع 600 ريال أمام الدولار.
وكانت تحذيرات أطلقها البنك الدولي، أواخر إبريل الماضي، من مخاطر كبيرة سيتعرّض لها الاقتصاد اليمني، وسيكون الريال عرضة لمزيد من التدهور، في حال عدم وجود مصادر مستقرة للعملات الأجنبية.
وأكدت مصادر حكومية لـ"العربي الجديد"، أن الوديعة السعودية قاربت على النفاد، وأن النهب غير المشروع لموارد الدولة في عدن من قبل المجلس الانتقالي، ضاعف الهزة التي أحدثها فيروس كورونا في البلاد.
وانعكست تأثيرات فيروس كورونا وإجراءات الانتقالي الجنوبي بشكل مباشر على أسعار السلع الأساسية التي قفزت إلى أسعار خيالية خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك.
وأرجع تجار في مدينة تعز، الارتفاع الحاصل في أسعار السلع الأساسية، إلى انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، فضلا عن شح المخزون الغذائي في الأسواق، جراء الإغلاق الذي أحدثه كورونا بين اليمن وباقي الدول، أو عند التنقل بين مدينة يمنية وأخرى.
وقال محمد الشرعبي، وهو تاجر مواد غذائية، لـ"العربي الجديد": "الزيادة في الأسعار تكاد تكون يومية، نحن نشتري بالدولار والريال السعودي، وعند البيع نسأل أولا عن سعر الصرف في ذات اليوم ونبيع على أساسه، حتى لا نتعرض لخسائر كبيرة".
وساهم الانخفاض الكبير في التحويلات النقدية من دول الخليج إلى اليمن، في اهتزاز العملة المحلية. وأكد مصرفيون وخبراء اقتصاد، أن نسبة الانخفاض في التحويلات هذا العام تصل إلى 70 بالمائة عما كانت عليه العام الماضي.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن رمضان من كل عام كان يشهد أكبر نسبة تحويلات خلال أشهر السنة، من أجل الوفاء باحتياجات الشهر المبارك وعيد الفطر، لكن توقف الأعمال في دول الخليج أو تقليص المرتبات، فاقم من معاناة الأسر اليمنية وتسبب في اختفاء القوة الشرائية.
وتوقّع خبراء، أن تؤدي الإجراءات التقشفية السعودية، إلى انهيار أكبر للعملة اليمنية، خصوصا خلال يونيو ومايو القادمين، مع استحالة تجديد الوديعة السعودية، خاصة في حال استمرت سيطرة الانفصاليين التابعين للمجلس الانتقالي على إدارته.
ويرى المحلل الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، أن توجهات وزارة المالية السعودية لخفض المصروفات والاستدانة، تنبئ بعجز متوقع في تجديد الوديعة السعودية للبنك المركزي اليمني، والتي تشكل مصدرا رئيسيا للعملة الصعبة لتغطية اعتمادات الاستيراد.
وقال العوبلي لـ"العربي الجديد": "العجز السعودي يتزامن مع عجز الحكومة اليمنية عن توفير العملة الأجنبية، جراء تأثر إيراداتها النفطية وغير النفطية، بسبب كورونا واضطرابات الجنوب، فضلا عن الانخفاض الحاد في تحويلات المغتربين، وكل هذا سيدفع الريال اليمني إلى انحدار أسوأ".
ومنذ بداية النزاع اليمني قبل 5 سنوات، خسرت العملة اليمنية، أكثر من 230 بالمائة من قيمتها، حيث تراجعت من 215 ريالا أمام الدولار الواحد مطلع 2015، إلى 710 منتصف مايو/أيار الجاري.