تهدد خطط للحكومة المصرية بتسريح نحو 1.9 مليون موظف من القطاع الحكومي، بتفاقم أزمة البطالة في الدولة التي تواجه صعوبات معيشية، ما ينذر بانفجار اجتماعي، وفق خبراء اقتصاد، لا سيما في ظل مؤشرات على عدم قدرة القطاع الخاص على التشغيل، والذي تتصاعد الضغوط عليه مع انحسار أنشطته.
وكشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، عن أنه يعمل على إعادة هيكلة للحكومة، تتضمن تخفيض عدد مجلس الوزراء وموظفي القطاع العام، موضحا أن "38% على الأقل من الموظفين في القطاع العام سيحالون إلى التقاعد في السنوات العشر القادمة".
وقال مدبولي، خلال اجتماع للغرفة التجارية الأميركية في القاهرة، يوم الخميس الماضي، إن مقترحات إعادة الهيكلة مرتبطة بخطط لنقل مقر الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة قيد الإنشاء على بعد حوالي 45 كيلومترا شرقي القاهرة من المقرر افتتاحها في العام المقبل، مضيفا أنه مع بداية 2019 فإن الكثير من الخدمات الحكومية ستكون متاحة عبر الإنترنت.
وتظهر البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي)، أن عدد العاملين في القطاع الحكومي يبلغ حاليا نحو 5 ملايين موظف، الأمر الذي يجعل عدد من سيحالون إلى التقاعد، وفق النسبة التي تحدث عنها رئيس الوزراء، يبلغ نحو 1.9 مليون موظف.
وكانت الحكومة قد أحالت بالفعل نحو 800 ألف موظف إلى التقاعد، خلال العام المالي 2016/2017، وفق ما كشفت عنه بيانات صادرة عن جهاز الإحصاء، في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2017، ما يجعل عدد الموظفين الذين تشملهم خطط التسريح نحو 2.7 مليون موظف.
فقد أظهرت البيانات أن عدد العاملين في القطاع الحكومي تراجع إلى 5 ملايين موظف بنهاية العام المالي 2016/2017، مقابل 5.8 ملايين موظف في عام 2015/2016، بنسبة انخفاض 13%.
وبينما تشير تصريحات رئيس الوزراء إلى أن من سيحالون للتقاعد، خلال السنوات العشر المقبلة، يعادلون نحو 1.9 مليون موظف، إلا أن مسؤولا في وزارة المالية قال، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن هذا العدد قد يجري تسريحه خلال العامين الماليين الحالي والمقبل فقط. ويبدأ العام المالي في الأول من يوليو/تموز.
ووفق بيانات جهاز الإحصاء، فإن الإدارة المحلية تسجل أعلى عدد للعاملين في القطاع الحكومي، حيث بلغت نسبتها 56% من إجمالي عدد العاملين في الحكومة. وبلغ عدد العاملين من الذكور 3.7 ملايين عام 2016/2017 مقابل 4.6 ملايين عام 2015/2016، بنسبة انخفاض قدرها 18.7%، بينما وصل عدد الإناث إلى 1.3 مليون عام 2016/2017 مقابل 1.2 مليون في العام السابق عليه، بزيادة قدرها 9.6%.
وتزايدت تصريحات المسؤولين، في الأشهر الأخيرة، عن ارتفاع أعداد العاملين في القطاع الحكومي. وكانت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، قد قالت، في تصريحات صحافية، في مايو/أيار الماضي، إن الجهاز الإداري في بلادها يضم حالياً موظفاً لكل 22 مواطناً، غير أن الحكومة تستهدف الوصول إلى موظف لكل 80 مواطناً، خلال السنوات المقبلة، على اعتبار أنه المتوسط العالمي.
وقال مسؤول حكومي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة ستقر نظاما بديلا للتعيينات بالتزامن مع عمليات الإحالة إلى التقاعد، موضحا أن هذا النظام يعتمد على التعاقد لمدة عامين، لسد العجز اللازم والضروري إن وجد في التشغيل.
وأشار إلى أن الحكومة ملزمة بتقليص بند الأجور، وفق البرنامج الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، والذي تم بمقتضاه الموافقة على قرض بقيمة 12 مليار دولار تم صرف نحو 8 مليارات دولار منه حتى الآن.
وأقدمت الحكومة على إجراءات مؤلمة لمحدودي الدخل والفقراء منذ اتفاقها على القرض مع صندوق النقد، حيث قامت بتعويم (تحرير) سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ما أدى إلى صعود سعر صرف الدولار للضعف مقارنة بالمستويات السابقة، فضلا عن زيادة أسعار الوقود والكهرباء والغاز وتذاكر المترو وجميع الخدمات بشكل متكرر منذ ذلك التاريخ.
وقال وكيل اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب (البرلمان)، إن مخصصات الأجور للعاملين في القطاع الحكومي في العام المالي الحالي تبلغ نحو 270 مليار جنيه (15.1 مليار دولار) مقابل 266 مليارا العام الماضي، ما يستلزم إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة.
لكن أحمد إبراهيم، الخبير الاقتصادي، أكد أن الزيادة في بند الأجور لا تتناسب مع الزيادة في معدلات الغلاء، حيث تشير التقديرات غير الرسمية إلى ارتفاع التضخم بأكثر من 40%، بينما تقدرها الحكومة بنحو 16% على أساس سنوي في سبتمبر/أيلول الماضي.
وتتصاعد التحذيرات من مضي الحكومة في خطط تسريح العاملين في الجهاز الإداري للدولة، حيث تؤكد المؤشرات الاقتصادية على معاناة القطاع الخاص من تردي الظروف الاقتصادية للدولة وعدم قدرته على التشغيل، بل واضطرار آلاف المصانع إلى الإغلاق في أعقاب تعويم الجنيه، حيث تضاعفت أسعار مدخلات الإنتاج وزادت أسعار الطاقة بنحو غير مسبوق.