انفجرت موجة انتقادات واسعة بعد الإعلان عن نية الحكومة الكويتية لأول مرة في تاريخها مناقشة مشروع قانون يقضي بتخفيض رواتب العاملين في القطاع الخاص (الأهلي)، ضمن إجراءات جديدة لدعم الشركات في مواجهة أزمة تدهور الاقتصاد وتوقف الأعمال بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
وأحال مجلس الوزراء الكويتي إلى البرلمان مشروع تعديل قانون العمل الأهلي، بما يسمح لأصحاب العمل بأخذ موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتية، على طلب تخفيض رواتب الموظفين حتى 50%، في حين يتم تعويض الكويتيين فقط من خلال مضاعفة مبالغ دعم العمالة.
وبحسب مسودة القانون التي اطلعت عليها "العربي الجديد" فإنه سيحق لشركات القطاع الخاص تخفيض أجور العاملين أو منحهم إجازة بدون راتب أو تخفيض عددهم خلال فترات الأزمات والكوارث التي تؤثر على استمرار النشاط التجاري، وإلغاء نص القانون الحالي الذي يمنع إنهاء الخدمات أو الانتقاص من الراتب أو المزايا التي يحصل عليها الموظف.
كما ينص مشروع القانون على منح العمال إجازة خاصة بأجر مخفض لا يقل عن الحد الأدنى للأجور أو بدون أجر، وذلك خلال المدة التي تقررها وزارة الشؤون الاجتماعية كفترة تعثر للنشاط، وعلى أن يصرف في هذه الحالة الأخيرة بدل البطالة المقررة للمخاطبين بأحكامه، وتخفيض أعداد العمال وتسليمهم كل مستحقاتهم والسماح لغير الكويتيين منهم بالالتحاق بعمل لدى صاحب عمل آخر خلال مدة تحددها الوزارة وإلا كان على الوزارة إعادتهم إلى بلادهم على نفقة صاحب العمل.
وفي ظل حالة عدم اليقين بشأن انتهاء أزمة كورونا تحاول الحكومة مساعدة شركات القطاع الخاص من خلال تقديم قروض ميسرة، فيما كشف مصدر حكومي لـ "العربي الجديد" عن نية مجلس الوزراء تقديم دعم للقطاع الخاص سيتم إقراره خلال أيام.
وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إن الدعم الذي سيقدم للقطاع الخاص سيستمر لمدة 6 أشهر، وسيكون مرهوناً بشروط منها عدم تسريح المواطنين، أو الانتقاص من الامتيازات التي يحصلون عليها.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الكويتي، أحمد الهارون، لـ "العربي الجديد" رفضه مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة، بسبب تداعياته السلبية على القطاع الخاص وسوق العمل، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هناك طرقاً كثيرة لدعم الاقتصاد من دون المساس برواتب العاملين.
وعن التداعيات السلبية للخطوة الحكومية، حذّر الهارون من القانون الذي قد يتسبب في حالة انعدام الثقة بين صاحب العمل والموظف التي قد تؤدي إلى هجرة العمالة المميزة وهروب الكفاءات إلى بلدان أخرى.
وفي هذا السياق، عبّر عدد من نواب مجلس الأمة عن رفضهم القاطع المساس برواتب المواطنين العاملين في القطاع الخاص، ودعوا الحكومة إلى التراجع عن الخطوة.
وأعلن النائب البرلماني، يوسف الفضالة، رفضه لأي مساس بأجور الكويتيين العاملين بالقطاع الخاص، مؤكداً أن أي تعديل على قانون قطاع العمل الأهلي يجب أن يكون لمصلحة العمالة الوطنية لا عليها.
من جانبه، قال النائب ناصر الدوسري أن أي تعديل ينتقص من حقوق المواطنين العاملين في القطاع الخاص مرفوض بالنسبة لنا ومطلوب من الحكومة توفير الحماية لهم من بعض الشركات التي تحاول استغلال هذه الأزمة للانتقاص من حقوقهم، ويجب عليها أيضاً الاستماع لوجهة نظرهم ولمن يمثلهم من النقابات.
إلى ذلك، قالت نقابة "إيكويت" التابعة لشركات البتروكيماويات إنّ تعديل قانون العمل الأهلي في ظل الظروف الراهنة وإعطاء الحق لصاحب العمل التفاوض مع العامل على الراتب مرفوض جملة وتفصيلاً.
وفيما أكد النواب رفضهم محاولات المساس برواتب المواطنين فقط، لم تتم الإشارة إلى مصير العمالة الوافدة في القطاع الخاص، ما يعني أن هناك ضوءاً أخضر أو عدم ممانعة بشأن تخفيض رواتب الموظفين الوافدين.
من جانبه، يقول المواطن الكويتي الذي يعمل لدى إحدى شركات القطاع الخاص، محمد الشمري، لـ "العربي الجديد"، إن القانون الجديد سيصبح سيفاً مسلطاً على رقاب الموظفين، رافضاً بشكل قاطع المساس براتبه في ظل الأزمة الحالية وغلاء الأسعار الذي طاول السلع كافة.
على صعيد متصل، قال العضو المنتدب لشركة الأبيار المتحدة فيصل الشريعان لـ "العربي الجديد" إن مشروع القانون الحكومي جاء تجاوباً مع حالة الانهيار التي ضربت القطاع الخاص بسبب الأعباء الكبيرة التي تتحملها الشركات خلال الأزمة.
وأضاف الشريعان أن القانون الحالي يقيد صاحب العمل ويجعله مجبراً على الاستمرار في دفع رواتب عمالة بلا عمل أو إيرادات شهرية، فضلاً عن الالتزامات الأخرى التي يحصل عليها الموظفون، مثل بدل السكن والنقل والإجازات.
من ناحيته، دعا رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية مهند الصانع الحكومة إلى اتخاذ خطوات جريئة لدعم القطاع الخاص ودفع عجلة الاقتصاد في ظل حالة الركود بسبب انتشار فيروس كورونا وتعطل الأعمال.
وطالب الصانع الحكومة بالإسراع في إصدار قرار لتنظيم العلاقة بين رب العمل والعامل وتبني معالجة تشريعية عادلة لمشكلة الإيجارات وتجنب فوضى لها تأثير على قطاعات عديدة ومنها البنوك والمحاكم مستقبلاً، وإيجاد آلية ضمان راتب الموظف الكويتي في القطاع الخاص بما يحقّق العدالة مع نظيره في القطاع الحكومي.