روسيا تختبر الصيرفة الإسلامية لجذب أموال الخليج

08 يناير 2017
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتدى لمصرف سبيربنك (Getty)
+ الخط -
تتخذ روسيا خطوات متلاحقة نحو تطبيق الصيرفة الإسلامية في قطاعها المالي والمصرفي، في خطوة لتنويع الاقتصاد وجذب رؤوس أموال الخليج العربي، فضلا عن تقليل الاعتماد على الغرب، إلا أن ثمة عقبات ما تزال تحول دون انتشار هذه النوعية من المعاملات المالية.
ويستعد "سبيربنك" وهو أكبر المصارف الروسية، لإجراء أول صفقة للصيرفة الإسلامية في جمهورية تتارستان ذات الأغلبية المسلمة، في الوقت الذي تتولى فيه مجموعة عمل بالمصرف وضع تصور لتقديم خدمات مصرفية إسلامية لعملائه.

وبحسب الموقع المصرفي "بانكي.رو"، ينظر "سبيربنك" للصيرفة الإسلامية كنموذج بديل للخدمات البنكية بعد أن أظهر صموداً أكبر في مواجهة تذبذبات الأسواق ونقص السيولة بأسواق المال الدولية.
ويهدف الاختبار في تتارستان إلى طرح خدمة تتطابق مع أحكام التمويل الإسلامي، دون أن تتعارض مع القانون الروسي في آن واحد.

وفي حال نجاح الاختبار، يعتزم "سبيربنك" مزاولة هذا النشاط في أقاليم أخرى في روسيا والتعاون مع البنك الإسلامي للتنمية وجذب استثمارات من دول الخليج العربي.
وليس "سبيربنك" أول مؤسسة مالية في روسيا يحاول ممارسة الصيرفة الإسلامية، إذ افتتح في مدينة قازان عاصمة جمهورية تتارستان في مارس/آذار الماضي، أول مركز إسلامي للخدمات المصرفية، أُطلق عليه اسم "مركز صيرفة الشراكة"، ليقدم خدمات وفقا لتقاليد بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين بصرف النظر عن ديانتهم.

ويوضح المركز في نبذة نشرها على موقعه الإلكتروني، أن "صيرفة الشراكة تقدم نوعا بديلاً من الخدمات المالية وفقا لمبادئ التمويل المستخدمة على نطاق واسع في بلدان جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن أهم خصائص صيرفة الشراكة هي "التخلي عن فائدة الربا وعن إجراء عمليات عالية المخاطر وصفقات غامضة".
كما يقدم بنك موسكو الصناعي، الذي يملك مستثمرون شيشانيون حصة هامة في أسهمه، خدمة إصدار نوعين من البطاقات المصرفية الإسلامية، أحدهما للاستخدام اليومي والآخر للحجاج، مع العلم أن نحو 16 ألفا من مسلمي روسيا أدوا فريضة الحج في العام الماضي 2016، وذلك مقابل 12 ألفا في عام 2015.

وقالت مصدر مسؤول في مصرف موسكو الصناعي لـ "العربي الجديد"، إن البطاقات الإسلامية تصدر للحسابات الجارية، وهي بذلك خالية تماما من الربا، كما يتعهد المصرف بعدم توظيف الودائع في معاملات عالية المخاطر، بل يخصص نسبة من قيمة مشتريات العملاء لأعمال خيرية.
وأكد المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه "لا يتم استثمار وديعة العميل بهدف حصول على فوائد أو تمويل أنشطة تتعارض مع الشريعة الإسلامية".

ويقدر عدد المسلمين في روسيا بنحو 20 مليون نسمة، وأظهر استطلاع للرأي أجرته الوكالة الوطنية للبحوث المالية، أن 12% من مسلمي روسيا مستعدون للجوء إلى خدمات الصيرفة الإسلامية، بينما يقول 69% إنهم ليسوا على اطلاع على هذه الخدمات ما يجعلهم لا يقبلون عليها.
وعلاوة على ذلك، لا يزال غياب قوانين تنظم نشاط الصيرفة الإسلامية، عائقا أمام تقديم خدماتها على نطاق واسع في روسيا، وذلك على عكس جمهوريات سوفييتية سابقة أخرى مثل كازاخستان وطاجيكستان وقرغيزيا وأذربيجان، حيث جرى أو يجري تبني قوانين خاصة بتنظيم الصيرفة الإسلامية.

ولعل هذا ما دفع المصرف المركزي الروسي في العام الماضي إلى اعتماد خريطة الطريق لـ"تطوير صيرفة الشراكة والخدمات المالية المتعلقة بها" لعامي 2016 و2017.
وتقتضي هذه الخطة الارتقاء بالتعاون مع الدول والمؤسسات الأجنبية في تحقيق مشاريع وبرامج تجريبية في هذا المجال، والنظر في ضرورة تعديل بعض القوانين.
وكانت نقاشات حول تأسيس نظام للصيرفة الإسلامية، بدأت تجري في روسيا منذ فرض الدول الغربية عقوبات على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية في أعقاب انفصال شبه جزيرة القرم وانضمامها إلى روسيا عام 2014، ما دفع السلطات الروسية للبحث عن مصادر بديلة للحصول على تمويل.

وبحسب وسائل إعلام روسية، فإن أموال المصارف الإسلامية، قد تصبح بديلاً عن سوق رؤوس الأموال الأوروبية، في الوقت الذي يتعرض فيه قسم من سوق المال الروسية للعقوبات الغربية.


المساهمون