تمارس الحكومة الصينية واحدة من أبشع جرائم العنصرية والتطهير العرقي والاضطهاد الديني في القرن الواحد والعشرين، فقد وجهت دول عدة، منها الولايات المتحدة، تهماً إلى الصين باحتجاز مليون مسلم من أصل تركستاني في معسكرات الاعتقال في إقليم شينجيانغ واضطهاد أبناء قومية الإيغور في الإقليم.
وهناك تقارير غربية موثقة من داخل معسكرات الاحتجاز تفيد بوقوع حالات وفاة واعتقال وتعذيب وتشريد واغتصاب لأبناء الأقلية المسلمة.
وحسب شهادات دولية فإنه في داخل المعسكرات، تجبر الحكومة الصينية المحتجزين على التخلي عن هوياتهم العرقية وثقافتهم ودينهم، بل وشرب الخمور وتناول لحوم الخنزير والإفطار في شهر رمضان خلافاً لمعتقداتهم الدينية، وشملت الإجراءات كذلك منع إطلاق اللحى وارتداء النقاب في الأماكن العامة ومعاقبة رافضي مشاهدة التلفزيون الرسمي.
وفي أغسطس/ آب 2018 أكدت لجنة "القضاء على التمييز العنصري" لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تلقيها تقارير كثيرة موثوقاً بها عن احتجاز نحو مليون فرد من أقلية الإيغور في الصين داخل موطنهم بإقليم شينجيانغ فيما يشبه "معسكر احتجاز ضخماً محاطاً بالسرية".
ومع استمرار الصين في جرائمها العنصرية بحق الأقلية المسلمة تصاعدت أصوات داخل البلدان العربية والإسلامية تطالب بمقاطعة المنتجات والسلع الصينية، في محاولة للضغط على الحكومة الصينية لوقف سياستها العنصرية.
لكن البعض يقلل من هذه الخطوة في ظل اعتبارات عدة منها ضخامة حجم التجارة الخارجية الصينية والبالغة نحو 4.5 تريليونات دولار في العام 2018 رغم التضييق الأميركي الذي تواجهه، منها صادرات تجاوزت قيمتها 2.42 مليار دولار.
وعززت الصين وجودها الاقتصادي في المنطقة العربية بشكل كبير، إذ تمكّنت من رفع حجم استثماراتها من 36.7 مليار دولار في العام 2004 إلى 224.3 مليار دولار في العام الماضي 2018، وهو مبلغ ضخم مقارنة باستثمارات الدول الأجنبية الأخرى.
وبخلاف أنشطة التجارة والصادرات والاستثمارات المباشرة، قدمت الصين في عام 2018 أموالاً ضخمة للحكومات العربية تقدر بنحو 23 مليار دولار، منها 20 ملياراً في صورة قروض مباشرة كما حدث مع مصر.
فقد منحت الصين الحكومة المصرية عدة مليارات من الدولارات توزعت ما بين قروض مباشرة كما حدث مع البنك المركزي المصري " نحو 2.7 مليار دولار"، أو لتمويل مشروعات في العاصمة الإدارية الجديدة مثل القطار المكهرب والأبراج السكنية والحي الحكومي.
كما شهدت السنوات الماضية تغولاً اقتصادياً صينياً داخل دول المنطقة العربية وأفريقيا عبر إغراق أسواقها بالسلع والمنتجات والقروض الميسرة والمنح والمساعدات الإنسانية والإنشائية كما حدث في سورية واليمن والأردن ولبنان.
ورغم هذه الاعتبارات وغيرها، ومنها رفض الحكومات العربية المشاركة في دعوات مقاطعة السلع الصينية أو حتى مجرد توجيه اللوم للحكومة الصينية على ممارساتها العنصرية بحق مسلمي إقليم شينجيانغ، إلا أن الشعوب تستطيع إرسال رسالة مؤلمة للصين عبر مقاطعة سلعها ومنتجاتها التي تغرق الأسواق والمحال التجارية.
فالمقاطعة تبدأ من الفرد، خاصة مع وجود بدائل للسلع الصينية التي تواجه انتقادات حادة داخل أسواق المنطقة من حيث الجودة وعدم مطابقتها للمواصفات وتلويثها البيئة وإضرارها بالصحة العامة. كما أن البضائع الصينية التي تغرق الأسواق العربية والتي تزيد قيمتها عن مائة مليار دولار سنوياً تستهدف جيب المواطن وليس الحكومات، وبالتالي فإن للفرد دوراً في المقاطعة.
ماذا لو حرمنا الصين من هذا المبلغ الضخم عقابًا لها على جرائمها بحق مسلمي تركمانستان الشرقية من قتل واغتصاب وسجن واعتقال وتشريد؟
نستطيع كعرب ومسلمين أن نوجع الصين على جرائمها بحق مسلمي الإيغور، خاصة وأنها تواجه حالياً حربا تجارية شرسة من قبل الولايات المتحدة أثرت سلباً على تدفق صادراتها لأسواق العالم من حيث الحجم والقيمة، كما أدت إلى تراجع معدل النمو الاقتصادي بها وتراجع أرباح شركاتها الصناعية وزيادة حالات التعثر المالي.