العمولات والقروض تزيد أرباح بنوك تونس رغم الأزمة الاقتصادية

26 يناير 2019
البنوك حققت نتائج إيجابية (فرانس برس)
+ الخط -


كشفت القوائم المالية للبنوك المدرجة بالبورصة التونسية، عن أرباح مهمة حققها 12 بنكا تونسيا العام الماضي، بالرغم من معاناتها من شح السيولة وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

وأظهرت القوائم المالية المنشورة عن تحقيق البنوك 12 بنكا مدرجا في البورصة (من بين 24 مصرفا مقيما في تونس) نتائج إيجابية، وزيادة في الأرباح تراوحت ما بين 4 و25 بالمئة سنة 2018، مقارنة بسنة 2017، مستفيدة من الإقراض الداخلي وارتفاع العمولات الموظفة على الخدمات البنكية.

واحتل مصرف تونس العربي الدولي، المرتبة الأولى في قائمة البنوك الرابحة بناتج بنكي صاف قدر بـ828 مليون دينار جزائري (الدولار = 2.96 دينار)، فيما بلغ أقل ناتج بنكي صاف 24 مليون دينار، وحققه بنك الوفاق الإسلامي.

ورغم الركود الاقتصادي وتراجع الاستثمارات الممولة من الجهاز المصرفي، تجد البنوك التونسية في القروض سواء المسندة للدولة أو الاستهلاكية المسندة لعملائها، متنفسا مهما لتحقيق الأرباح، والحيلولة دون انزلاق المصارف في دائرة المؤسسات التي تعاني من صعوبات مالية.

ويفسر الخبير الاقتصادي والمستثمر في المحافظ المالية طلال عياد، النتائج الإيجابية التي كشفت عنها القائمات المالية للبنوك، بالإقبال المهم على أسهم المصارف المدرجة بالبورصة على مدار العام الماضي.

وقال عياد في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أسهم المصارف تمثل نحو 49.5 بالمئة من رسملة المؤشر العام لبورصة تونس، معتبرا أن ارتفاع الأرباح ساهم في زيادة الطلب على الأسهم المدرجة في البورصة، وزاد من قيمتها.

وأضاف، أن البنوك تجد في اقتناء أذون الخزينة التي تطرحها الدولة التونسية، في إطار الاقتراض الداخلي، متنفسا مهما، مشيرا إلى أن فوائد هذا الصنف مرتفع مقارنة بأصناف القروض الأخرى ويرتفع إلى 8 بالمئة.

وأكد عياد أن تطورا في فروع القروض الاستهلاكية وزيادة نسبة الفائدة، والعمولات على القروض السكنية وقروض الاستهلاك، ساعدا أيضا المصارف على مراكمة الأرباح، معتبرا أن هذه النتائج تدخل حراكا مهما في البورصة والاقتصاد المحلي.

في المقابل، أكد طلال عياد ضعف الناتج الصافي للبنوك الإسلامية، لافتا إلى أنها لم تتمكن العام الماضي من تحقيق أرباح مهمة نتيجة ضعف الإقبال على خدمات الصيرفة الإسلامية، التي تتسم بالكلفة العالية، حسب قوله.

وأفاد أن المصارف الإسلامية تحتاج إلى مزيد من التعريف بمنتجاتها، وخفض كلفة الخدمات والقروض الممنوحة لعملائها في إطار عقود المرابحة، حتى تتمكن من منافسة المصارف التجارية الأخرى.

واعتبر أن زيادة سعر الفائدة المديرية من البنك المركزي العام الماضي، ساهمت بنسبة مهمة في زيادة أرباح البنوك التي قامت بتوظيف الزيادة على قروض العملاء، مؤكدا أن البنوك وجدت بدائل عن تمويل الاقتصاد في القروض الخاصة وإقراض الدولة.

واعتبر عياد أن كل أرباح تحققها البنوك ونتائجها الإيجابية، تساهم في دينامية البورصة التونسية التي تسعى إلى تطوير نشاطها ومساهمة أكبر في تمويل الاقتصاد.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، قادت البنوك بورصة تونس نحو أرباح قياسية، إذ سجل مؤشرها الرئيسي "توننداكس" ارتفاعا بالقيمة نسبته 22%، وهو الأبرز بين المقاييس الرئيسية عالمياً، وفق محللين اقتصاديين.

ورغم الأرباح المهمة التي راكمتها مصارف تونس، يؤكد الخبير الاقتصادي معز الجودي لـ"العربي الجديد" أنه لا يمكن الإقرار بربحية مطلقة للقطاع المصرفي، مشيرا إلى أن 12 بنكا فقط من جملة 24 مصرفا مقيما في تونس كشفت القائمات المالية عن الأرباح التي حققتها.

وأضاف الجودي أن بنوكا أخرى تعاني من ضعف الأرباح، مشيرا إلى أنها مدعوة إلى تحسين خدماتها ومواكبة التطورات، ولا سيما البنوك العمومية التي تدار بطرق "كلاسيكية"، ولم تتمكن من تطوير منتجاتها والخدمات المقدمة للعملاء، وفق تأكيده.

واعتبر الجودي أن مراكمة البنوك للأرباح، عبر الفوائد المحصلة من سندات الخزينة التي تصدرها الدولة، إجراء لا يخدم الاقتصاد التونسي، مشيرا إلى أن الدولة التي تقترض من البنوك باتت منافسا للقطاع الخاص الذي يعاني من صعوبة النفاذ إلى القروض البنكية.

وأكد توجّه البنوك إلى تمويل الدولة التي تحتاج إلى السيولة الشهرية لسداد رواتب الموظفين، على حساب قروض الاستثمار والتنمية التي كان يفترض أن تسندها البنوك للقطاع الخاص، من أجل بعث مشاريع جديدة.

ويشكو عملاء البنوك عموما من ارتفاع غير مسبوق في كلفة الخدمات البنكية، أسعار الفائدة الموظفة على القروض، فيما أشارت منظمة الدفاع عن المستهلكين إلى أن الجهاز المصرفي يراكم أرباحا مهمة عبر عمولة الخدمات الموظفة على الحسابات والإيداعات مقابل ضعف في فوائض الادخار.

ووفق بيانات صادرة عن معهد الإحصاء (حكومي)، في شهر أغسطس/ آب الماضي، بلغت القروض المصرفية 20.8 مليار دينار (6.9 مليارات دولار)، 80% منها لتمويل اقتناء مساكن وعقارات. ووفقا للمعهد فإن 800 ألف أسرة تونسية مدينة، أي ما يعادل 30% من الأسر.

وحسب بيانات صادرة حديثا عن مرصد الاندماج المالي التابع للبنك المركزي، فإن الرسوم البنكية ازدادت بمعدل سنوي 7% في الفترة من عام 2010 إلى 2017، مشيرة إلى أن قيمة رسوم الخدمات تطورت من معدل سنوي يقدر بنحو 106 دنانير عن الحساب الواحد إلى 165.8 دينارا العام الماضي.

وتراجع نسق إسناد القروض لفائدة الأسر التونسية بنسبة 48 بالمئة، حتى سبتمبر/ أيلول 2018، وذلك تحت تأثير زيادة نسبة الفائدة من طرف البنك المركزي التونسي، وفق قراءة تحليلية للمعهد الوطني للاستهلاك، للأرقام المتعلقة بالقروض الموجهة للأفراد، من طرف القطاع البنكي وحجم التداين الأسري للاستهلاك.

وقام البنك المركزي التونسي برفع نسبة الفائدة الرئيسية في مناسبتين، الأولى يوم 5 مارس/ آذار 2018 لتصل إلى 5.75 بالمئة، والثانية يوم 5 يونيو/ حزيران 2018 إلى 6.75 بالمئة.

وعرفت قائمة القروض الموجهة لشراء سيارة، خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2018، تراجعا بنسبة 4 بالمئة، مقابل زيادة في القروض الاستهلاكية القصيرة المدى بنسبة 6.9 بالمئة، وبـ 4.5 بالمئة في القروض الموجهة لشراء مسكن، وبـ2 بالمئة في تلك الموجهة لتحسين مسكن، رغم أن هذا النوع الأخير من القروض، وعبر الممارسة يتم تحويل وجهته، إلى الاستهلاك الأسري العادي نظرا لسهولة الحصول عليه.

المساهمون