إهمال حكومي وراء تكرار حوادث القطارات: الموت للفقراء

30 أكتوبر 2019
المصريون يدفعون ثمن الفساد (Getty)
+ الخط -

 

لم يفق الملايين من المصريين على فاجعة إجبار أحد المحصلين لشابين على القفز من القطار خلال تحركه بسرعة، لأنهما لا يمتلكان نقوداً لشراء تذكرتين؛ إلا واستيقظوا أمس على مصرع خمسة مصريين، وإصابة أربعة آخرين، في حادث تصادم سيارة نقل بجرار قطار بمزلقان بدران بمنطقة الكرنك، شمالي مدينة الأقصر، ونقل جثامين الضحايا والمصابين إلى المشرحة والمستشفى لتلقي العلاج، بعد إخطار النيابة العامة لمعاينة الحادث.

وحسب بيان لهيئة السكك الحديدية، فإن السيارة المحملة بالركاب عبرت شريط القطار من مكان "غير مخصص لعبور السيارات"، أثناء مسير الجرار رقم 2420 على الخط النازل ما بين محطتي الأقصر والكرنك، مشيرة إلى أن هناك مزلقاناً من الجهة القبلية على بعد 2 كم من مكان الحادث، وأنها سبق وأغلقت هذا المعبر "غير القانوني" أكثر من مرة بمحاضر رسمية، إلا أن الأهالي يعاودن فتحه بالمخالفة لتعليمات الهيئة.

وبينما يدفع المصريون حصيلة ضريبية تبلغ 856 ملياراً و616 مليون جنيه (الدولار = نحو 16 جنيها)، وفق الأرقام المستهدفة في الموازنة الجارية (2019-2020)، تتجاهل الحكومة عملية تطوير وسائل النقل، أو العمل على تحسين خدماتها المقدمة إلى المواطنين؛ بل على العكس تشرع في فرض المزيد من الزيادات على أسعارها، من دون اكتراث بمعاناتهم المستمرة منذ قرار تحرير سعر الصرف، وما تبعه من زيادات غير مسبوقة في أسعار كافة السلع والخدمات.

وتشير إحصاءات غير حكومية إلى مقتل نحو ستة آلاف مصري، وإصابة أكثر من 21 ألفاً آخرين، غالبيتهم بالطبع من الفقراء والمهمشين، على خلفية حوادث القطارات خلال السنوات العشر الأخيرة؛ إذ تحتل مصر مركزاً متقدماً بين أسوأ عشر دول على مستوى العالم في ارتفاع معدلات حوادث القطارات التي تؤدي إلى الوفاة، وهو ما أدرجها على "الخريطة السوداء" لحوادث القطارات.

وفي أغسطس/آب 2017، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منفعلاً، خلال افتتاحه عدداً من المشروعات: "بدل ما أصرف 10 مليارات جنيه عشان أعمل ميكنة للإشارات، وأطور السكة الحديد... أروح أحطهم في البنك بفائدة تصل إلى 20 في المائة سنوياً، وأزودهم بقيمة ملياري جنيه!". ويروج المسؤولون في هيئة السكك الحديدية أن خسائرها تتجاوز 10 مليارات جنيه في العام، بما يُنذر بزيادة أسعار القطارات خلال الفترة المقبلة.

في غضون ذلك، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، يحتد فيه وزير النقل كامل الوزير على مواطنة طالبته بخفض سعر تذكرة المترو، على هامش افتتاح محطة "هليوبوليس" بالخط الثالث لمترو القاهرة؛ حيث قالت المواطنة: "أنا مرافقة لابني المريض بالتوحد الذي يتلقى جلسات منتظمة للتخاطب"، مضيفة "ابني يقطع تذكرة مخفضة بنصف جنيه، وأنا أقطع تذكرة بخمسة جنيهات، وكل ما أطلبه هو المساواة معه".

وعلى أنغام أغنية "تسلم الأيادي" التي صُنعت خصيصاً للانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز 2013، قال وزير النقل في لهجة غاضبة: "لو القانون قال إنك تركبي ببلاش (دون مقابل) مافيش مشكلة، لكن ابنك رايح يتعالج، والقانون مالوش دعوة بيكي... تدفعي زيك زي غيرك، وأي حد هايركب مع الشخص المريض هايقطع تذكرة أياً كانت قيمتها... أنتي مابتدفعيش أكثر من زميلك اللي راكب جنبك، والقانون قال لازم تدفعي طالما هاتركبي".

تجدر الإشارة إلى موافقة مجلس النواب المصري في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، على تعديل حكومي على قانون إنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، يمهد إلى بيع أصول وأراضي الهيئة، من خلال السماح لها بالتصرف في أصولها وأراضيها، بما يتضمنه من بيع وإيجار واستثمار، عدا ما تشغله القوات المسلحة من أراضٍ ومنشآت لاستخداماتها، وذلك بدعوى تنمية وزيادة موارد الهيئة.

واستهدف التعديل إنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر شركات مساهمة لطرح أراضي وأصول الهيئة للبيع والإيجار والاستثمار، بعد التنسيق مع جهات الأمن القومي، على أن يُدرج العائد الناتج من هذا الاستغلال ضمن إيرادات الهيئة، مع أحقيتها في التصرف بهذه الأراضي والأصول بجميع أوجه التصرف، في ضوء موافقة مجلس الوزراء، وبناءً على عرض وزير النقل والمواصلات.

المساهمون