دولار لبنان تحت السيطرة... و"المركزي" يطلب زيادة رسملة المصارف 20%

04 نوفمبر 2019
المتظاهرون فعّلوا حركتهم بالشارع من جديد (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -
بعدما استوعب القطاع المصرفي اللبناني، يومَي الجمعة والسبت الماضيين، ضغوطاً قوية ناتجة عن إعادة فتح أبواب البنوك أمام مئات آلاف الزبائن، بعد عطلة قسرية دامت نحو أسبوعين، أبدت السوق المحلية في أول أيام أسبوع العمل الجديد، اليوم الاثنين، صلابة نسبية لليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوقين المالية والتجارية، لكن مع ذلك طلب "مصرف لبنان" المركزي من المصارف زيادة رسملتها 20% بمواجهة المخاطر.
في سوق الصرّافين، أكّد أكثر من تاجر لـ"العربي الجديد"، أن الدولار كان متوافراً للشراء نقداً في الصباح بسعر 1660 ليرة، لكنه ارتفع بعد الظهر إلى هامش بين 1690 ليرة و1700 ليرة، متوقّعين اتجاهاً صعودياً في حال استمرار ظاهرة قطع الطرق وتصاعُد الاحتجاجات أكثر، أو إذا اتخذت منحىً عنيفاً على شكل مصادمات مع قوى الأمن والجيش اللبناني، أو مواجهات بين المتظاهرين والمواطنين الذين يحاولون الانتقال من منطقة إلى أُخرى.

إلا أنه رغم حركة الدولار الصعودية بين قبل ظهر اليوم وبعده، فقد بقي سعر صرف العملة الخضراء تحت السيطرة إلى حد كبير، إذا ما قيس السعر المتداول اليوم الاثنين، بما كان عليه منتصف الأسبوع الماضي، إذ يتبين أن الدولار النقدي، الذي يُضطر المواطنون والتجار إلى الحصول عليه من سوق الصرافة لتخليص معاملاتهم التجارية وإتمام صفقاتهم ومدفوعاتهم، قد انخفض من نحو 1900 ليرة إلى 1700 ليرة حداً أقصى، أي أن قيمة الليرة تحسّنت بأكثر من 10 في المئة.
كذلك تحسّن سعر صرف الليرة عند احتساب الدولار من بائعي الجملة في الأسواق التجارية إلى محالّ التجزئة من 2000 ليرة للدولار، منتصف الأسبوع الماضي، إلى هامش بين 1600 ليرة و1650 ليرة، أي أن سعر الدولار عملياً، في هذه السوق، انخفض على الأقل بنسبة 17.5 في المئة.

وقال أحد الصرّافين لـ"العربي الجديد"، إن سعر الدولار هبط، السبت الفائت، إلى 1570 ليرة مع إقدام من قبضوا رواتبهم بالدولار، آخر أكتوبر/ تشرين الأول، على ضخه في الأسواق عن طريق التحويل إلى الليرة، وهو ما زاد معروض العملة الأميركية.

في غضون ذلك، أفادت مصادر في "جمعية مصارف لبنان" في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن اليوم الاثنين كان يوم عمل عادياً وطبيعياً في معظم فروع المصارف اللبنانية في بيروت ومختلف المناطق، باستثناء بعض النقاط الساخنة التي تعذّر وصول الموظفين إلى فروع البنوك فيها، أو بعض الفروع التي وصل إليها الموظفون، ثم ألزمهم المتظاهرون بالقوة، إعادة إغلاق أبوابها، كما حصل في بعض أنحاء الشمال.
وأكد مدير فرع تابع لأحد البنوك اللبنانية التجارية الكُبرى، لـ"العربي الجديد"، أن وتيرة الإقبال على ردهات المصارف انحسرت بعدما عملت البنوك، يومَي الجمعة والسبت الماضيين، لوقت متأخر استمرّ حتى الساعة الخامسة مساءً، بإيعاز من جمعية المصارف، الأمر الذي خفف الضغط على الفروع مع بداية الأسبوع.

تعميم "مصرف لبنان"

واليوم أصدر حاكم "مصرف لبنان"، رياض سلامة، تعميماً جديداً طلب فيه من "المصارف رفع رساميلها، من خلال السماح للمساهمين بضخ المزيد من السيولة بنسبة تصل إلى 20% من رأسمالها الحالي، بدءاً من نهاية 2019 وحتى نهاية 2020".

وقال في التعميم إن هذا "ما يعزز رسملة المصارف بقيمة تقارب 4 مليارات دولار، لتضاف إلى رسملة تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار، الأمر الذي يعزز قدرتها المالية لمواجهة الأوضاع الراهنة وأي تطورات مستقبلية، خصوصاً على صعيد أي تخفيض محتمل للتصنيف الائتماني والبقاء عند مستويات كافية لرأسمال فوق 8% أعلى من المتطلبات الدولية".

التصنيف السيادي في خطر

في جانب آخر، خفضت وكالة التصنيف الأميركية "ستاندرد أند بورز​" تقييم تحويل المال والعملة Transfer & Convertibility Assessment من +B إلى -B، في خطوة تحذيرية قد تمهد لخفض و​شيك​ للتصنيف السيادي​، مشيرة إلى أنه رغم تزايد المخاطر، استطاعت الدولة دوماً التزام جميع مستحقاتها، مهما اشتدت الصعاب.

الوكالة حذرت من أن "ثقة المودعين قد تتأثر سلباً بالضبابية السائدة حاليّاً، ما قد ينعكس بدوره على الاحتياطات بالعملة الأجنبيّة لدى مصرف لبنان".

ورجحت "أن تبقى هذه الاحتياطات كافية لتلبية الحاجات التمويليّة للدولة اللبنانيّة على المدى المنظور، بما فيها استحقاقات بالعملات الأجنبية، خلال الشهر الحالي، تتضمن استحقاق سندات "يورو بوند" بقيمة 1.5 مليار دولار، وقسائم عوائد مستحقة على محفظة السندات بقيمة مليار دولار، فيما يتوقع أن يصل عجز الحساب الجاري إلى 13 مليار دولار في نهاية العام الحالي".

وأعلنت الوكالة أنها "قد تخفض التصنيف السيادي في حال فشلت الحكومة في التخفيف من تنامي الضغوطات الاقتصاديّة والاجتماعيّة بشكلٍ يعيد ثقة المودعين، خصوصاً إذا ما اقترن ذلك بضعف في ربط الليرة بالدولار، الأمر الذي قد يهدّد قدرة الدولة على تلبية استحقاقاتها وحاجاتها التمويلية الخارجية".

ملابسات حول مساعدة إماراتية

إلى ذلك، نفى المصرف المركزي ​الإماراتي​ ما نُقل عن محافظه مبارك راشد المنصوري تحت عنوان "ندرس تقديم مساعدات للبنان​"، مؤكداً أن "المعلومات المنشورة غير صحيحة ولا تعكس سياق السؤال خلال جلسة الحوار مع محافظ المصرف المركزي... حيث أكد خلال الجلسة أنه قد جرت مناقشات بين الإمارات ولبنان حول المشاريع المقترحة خلال مؤتمر الاستثمار الإماراتي – اللبناني في أكتوبر/ تشرين الأول".
وأوضح أنه "لم يرد أي ذكر لمساعدات مالية في ضوء الأحداث الأخيرة"، لافتاً إلى أن "هذه المسألة ليست ضمن اختصاص المصرف المركزي، ويجب التوجه بالاستفسار حول هذه المسائل إلى السلطات المختصة في الدولة".
المساهمون