أربكت تحذيرات أميركية شركات الطيران الخليجية والعالمية التي تحلق فوق الخليج العربي، لتضاف إلى قائمة القطاعات التي تحبس أنفاسها في ظل التوتر بين واشنطن وإيران، والذي ينذر بنشوب حرب، يتوقع أن تطاول خسائرها جميع دول المنطقة.
وأصدرت إدارة الطيران الاتحادية الأميركية، تحذيراً للخطوط الجوية التجارية في الولايات المتحدة تنصح فيه بتوخي الحذر أثناء تحليق الطائرات فوق مياه الخليج وخليج عمان.
وقالت الإدارة في التحذير الذي نشرته في وقت متأخر من، مساء الجمعة، إن الخطوة تأتي وسط "تزايد في الأنشطة العسكرية والتوترات السياسية في المنطقة مما يشكل خطراً عرضياً متزايداً على عمليات الطيران المدني الأميركية بسبب احتمالات مثل إساءة التقدير أو اللبس في تمييز هوية الطائرات".
وحذّرت كذلك من أن الطائرات التي تحلّق في المنطقة قد تواجه "تشويشا غير متعمد في نظام تحديد المواقع والاتصالات، وهو أمر قد يحصل من دون تحذير".
وأصبح الخليج العربي بوابة رئيسية للسفر بين الشرق والغرب في صناعة الطيران، حيث تعد مطاراته من أكثر مطارات العالم ازدحاما، كما أن عددا من شركات الطيران الكبرى عالميا تعمل من المنطقة.
بدا التحذير تذكيراً بما حدث قبل 30 عاماً بعد معركة بحرية استمرت يوماً كاملا في الخليج العربي بين القوات الأميركية وإيران خلال حرب البلاد الطويلة مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي.
وفي 3 يوليو/ تموز، 1988، طاردت المدمرة الأميركية (يو إس إس فينسينز) زوارق سريعة إيرانية زُعم أنها فتحت النار على مروحية في المياه الإقليمية الإيرانية، ثم أخطأت طائرة إيرانية كانت متجهة إلى دبي، وأطلقت المدمرة صاروخين على الطائرة، ما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها.
وأرسلت واشنطن مجموعةً بحرية ضاربة مؤلفة من حاملة طائرات وقطع أخرى إضافة إلى قاذفات "بي- 52" لمواجهة ما اعتبرت أنه تهديد وشيك من إيران. وأمرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الموظفين بسحب الدبلوماسيين الأميركيين غير الأساسيين من العراق، مشيرة إلى وجود تهديدات من جماعات عراقية مسلحة مدعومة من إيران.
لكن البيت الأبيض أرسل إشارات متضاربة خلال الأيام الأخيرة وسط عدة تقارير إعلامية أميركية تحدثت عن خلافات في صفوف إدارة ترامب بشأن درجة الضغط على طهران.
وأكد مسؤول كبير في الإدارة العامة للطيران الكويتية لـ"العربي الجديد" أن إدارة الطيران المدني في الكويت، وضعت خطط طوارئ بديلة في حالة نشوب حرب، وأبلغت بها شركات الطيران المحلية وأخرى عالمية تستخدم مطار الكويت.
وأوضح المسؤول أن "هذه الخطط تتضمن استخدام مسارات جوية آمنة وفق الاتفاقيات الدولية في حال نشوب حروب، ويجرى الآن عمل تغطية لهذه المسارات للتأكد من سلامتها".
وأضاف: "هناك 3 مسارات بديلة آمنة، وتم الاتفاق عليها مع هيئات الطيران في المنطقة، وذلك بغرض التنسيق التام حتى لا تنقطع خطوط الطيران بشكل مفاجئ".
وتابع: "هذه الخطط ستجنب شركات الطيران أي مخاطر حيث ستأخذ مسارات بعيدة عن مياه الخليج إلا أنها ستكون مكلفة وتحتاج إلى نوع معين من الطائرات التجارية، التي تكون جاهزة لأي مناورات جوية ولديها أيضا إمكانية تخزين وقود كاف للطيران لساعات".
وحول تسلم إدارة الطيران المدني في الكويت تحذيرات أميركية بشأن الطيران التجاري في الخليج، قال المسؤول: "وصلتنا التحذيرات في الساعات الماضية، وكان مضمونها التأكيد على ضرورة أن تكون جميع الطائرات الموجودة في أجواء المنطقة على دراية بشأن تكثيف الأنشطة العسكرية وتصعيد التوتر، وتم إعلام جميع الشركات بخطط الطوارئ البديلة لاستخدامها فور إبلاغها حتى لا يتم تعرض المدنيين لأي مخاطر أو خسائر.
وحول الخسائر المتوقعة في حال اللجوء إلى خطوط بديلة للطيران بدلاً من مياه الخليج، قال المسؤول الكويتي: "في الوقت الحالي لا يمكن تحديد قيمة الخسائر لكن الكلف التي ستتحملها الشركات ستزيد".
وقال عبدالله العليان، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الطيارين الكويتية لـ"العربي الجديد" إن التحذيرات الأميركية تعد أمراً مهما في مثل هذه الحالات من التوترات، خاصة أن الولايات المتحدة، حليف قوي لدول الخليج، ولا تريد أن تتسبب في حوادث للطائرات المدنية العاملة في المنطقة.
وأشار العليان إلى أن مسارات الطيران البديلة للرحلات الكويتية لدول الخليج، لن تتأثر بشكل كبير، ولكن الرحلات المتجهة إلى جنوب وشرق آسيا ستتأثر كثيراً، حيث ستطول المسارات إليها، وستحتاج الشركات إلى تدريب طياريها على الخطوط والمسارات الجديدة بأسرع وقت ممكن لتجنب تعطيل جداول رحلاتها.
ولم تصدر، تعليقات من إدارات الطيران المدني في باقي دول الخليج حتى الآن، بشأن التعامل مع التحذيرات الأميركية.
ويأتي قطاع الطيران المدني في الخليج، ليضاف إلى قائمة القطاعات الاقتصادية التي تشهد ارتباكا بفعل التصعيد بين واشنطن وطهران.
ويوم الجمعة الماضي، قال مسؤولون لرويترز إن شركات التأمين البحري في لندن وسعت قائمة المياه التي تعتبرها عالية المخاطر لتشمل سلطنة عمان والإمارات والخليج، وذلك بعد هجمات تعرضت لها سفن قبالة الفجيرة في الإمارات الأسبوع الماضي.
وأصدرت "لجنة الحرب المشتركة" لسوق لندن للتأمين بيانا قالت فيه إن الإضافات تتضمن مناطق تعتبر ذات مخاطر أعلى لشركات التأمين البحري وتعكس تزايد المخاطر في المنطقة. وتحظى توجيهات اللجنة بمتابعة وثيقة وتؤثر على العوامل التي تأخذها شركات التأمين في الاعتبار في ما يتعلق بأقساط التأمين.
وتجتمع لجنة الحرب المشتركة في العادة كل ثلاثة أشهر لمراجعة المناطق التي تعتبرها عالية المخاطر على السفن التجارية وعرضة للحرب أو الإرهاب والأخطار المرتبطة بهما.