محاولة انقلاب تركيا كاد يهدد إمدادات الطاقة العالمية

16 يوليو 2016
الليرة التركية خسرت 5.0% من المغامرة الفاشلة (Getty)
+ الخط -

كادت مغامرة الانقلاب الفاشلة التي حدثت مساء الجمعة في تركيا أن تنزل كارثة بإمدادات الطاقة العالمية، وتحدث بالتالي كارثة للاقتصاد العالمي الذي يمر بأسوأ مرحلة من مراحل النمو، حيث تعد تركيا من المناطق الاستراتيجية التي تربط بين إمدادات النفط من مناطق الإنتاج في المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى والأسواق الغربية.

وتنقل السفن النفطية يومياً عبر المضايق التركية، وعلى رأسها خليج البسفور، نحو 2.9 برميل نفط يومياً، وهو ما يعادل نحو 3.0% تقريباً من الإمدادات العالمية من النفط.
كما يمر بتركيا كذلك خطان رئيسيان لنقل النفط للأسواق العالمية، وأحدهما خط ينقل النفط من حقول أذريبجان في آسيا الوسطى وآخر من كردستان العراق. وذلك حسب معلومات إدارة الطاقة الأميركية.

وتبلغ طاقة هذين الخطين نحو 2.7 برميل يومياً، ولكنهما ينقلان حالياً كميات من النفط أقل من هذه الكميات تقدر بنحو 720 ألف برميل يومياً من أذربيجان و600 ألف برميل يومياً من كردستان، وذلك حسب المعلومات الأخيرة المتوفرة من وكالة الطاقة الدولية. ويلاحظ أن الوضع الاقتصادي العالمي الهش الذي يعاني من عدة تصدعات خلال الأعوام الأخيرة ربما لا يحتمل هزة جديدة في إمدادات الطاقة أو حتى أي اضطراب يحدثه مثل هذا الانقلاب في أسواق المال العالمية.
وقفزت أسعار النفط مباشرة بعد أنباء الانقلاب الفاشل إلى أكثر من 1.0% في التعاملات اللاحقة على التسوية مساء الجمعة بعد أن قالت الفئة المتآمرة على الديمقراطية إنها تولت السلطة في البلاد.
وحسب رويترز، ارتفعت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 71 سنتاً أو 1.50% إلى 48.08 دولاراً للبرميل بعد أن كانت سجلت 47.61 دولاراً عند التسوية. وصعدت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط 60 سنتاً أو 1.31% إلى 46.28 دولاراً للبرميل من 45.95 دولاراً عند التسوية.

وعلى الصعيد الاقتصادي والسياسي، تعد تركيا أحد أعمدة الاستقرار الرئيسية في محيط مضطرب بمنطقة تعج بالحروب، وبالتالي فإن أي اضطراب في النظام السياسي الديمقراطي في تركيا ربما تكون له تداعيات كارثية على المنطقة العربية الغارقة في النزاعات وتمد العالم بأكثر من 30% من احتياجاته النفطية. وبالتالي ربما كان لمثل هذه المغامرة أن تؤثر تأثيرا كبيرا على سوق الطاقة العالمي وأسواق المال العالمية، وربما كانت سترفع أسعار النفط إلى مستويات تزيد من تباطؤ النمو العالمي.

والاقتصاد التركي من الاقتصادات المهمة عالمياً. وتشير بيانات موقع "تريدنغ إيكونومكس" التي تتابع مؤشرات الاقتصادات العالمية، إلى أن حجم الاقتصاد التركي بلغ نحو 718.22 مليار دولار في العام الماضي 2015، وهو ما يعادل نسبة 1.16% من إجمالي حجم الاقتصاد العالمي.

وكان حجم الاقتصاد التركي قد بلغ أعلى مستوياته لدى 823.24 مليار دولار في عام 2013، بسبب حجم التدفقات الاستثمارية الهائلة على بورصة المال في إسطنبول وتدفقات أثرياء السعودية ودول الخليج على العقارات التركية. ولكن خلال العام الماضي تأثر الاقتصاد بهبوط الدخل السياحي وسط مجموعة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت البلاد، خاصة العاصمة التجارية إسطنبول.

ويرى خبراء غربيون أن هذه المغامرة الفاشلة ستؤثر سلباً على الاقتصاد التركي على المدى القصير، خاصة أنها حدثت في ذروة الموسم السياحي المهم للاقتصاد التركي كما ستقلل كذلك من التدفقات الاستثمارية على تركيا خلال العام الجاري.

ويقدر الدخل السياحي السنوي في تركيا بنحو 34 مليار دولار. كما أن الاقتصاد التركي تمكن رغم المعوقات الإرهابية من النمو خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة 48%. وهي نسبة فاقت كثيراً التوقعات وأذهلت اقتصاديي العالم.

ولا يعتقد المحلل الاستراتيجي للاستثمار بشركة "تشارلز شواب آند كو" الأميركية أن هذه المحاولة ستقود إلى تغيير كبير في تقييم المخاطر في الأسواق العالمية، مثلما حدث في أعقاب تصويت الاستفتاء البريطاني. ولكن خبراء يعتقدون أنها ستؤثر على المدى القصير على التصنيف الائتماني لتركيا، حيث إنها سترفع من درجة المخاطر.
ومن المتوقع كذلك أن تؤثر على أداء بورصة إسطنبول التي تعد من أهم البورصات في الأسواق الناشئة.
وحسب مؤشر البورصات الناشئة تعد سوق المال التركية ثاني أقوى البورصات الناشئة، حيث نمت القيمة الدفترية للأسهم بنسبة 15%.

وعلى صعيد أسواق الصرف، هبطت الليرة التركية إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع أمام الدولار الأميركي في أواخر التعاملات في سوق نيويورك أمس الجمعة، بعد أن قال رئيس الوزراء التركي إن مجموعة من داخل الجيش حاولت الإطاحة بالحكومة.
وجرى تداول الدولار، عند 3.0415 ليرات، مرتفعاً 5.63%.

وهرع المستثمرون وشركات الوساطة في تعاملات الساعات الأخيرة من بورصة نيويورك لبيع الليرة التركية بكثافة وشراء الذهب الذي ارتد عن خسائره وصعد في أواخر التعاملات في سوق نيويورك، وكسب في المعاملات الفورية 0.22% إلى 1337.45 دولاراً للأوقية (الأونصة) بعد أن كان هبط في وقت سابق إلى 1322.15 دولارا.
وقال تاي وونغ مدير المعادن النفيسة في شركة "بي.إم.او كابيتال ماركت في نيويورك" لرويترز "إن الذهب قفز 10 دولارات على مدى الساعة التي تلت الإعلان عن الانقلاب".


المساهمون