تركيا تكسر حصار روسيا عبر أفريقيا وآسيا

08 مارس 2016
تركيا تسعى لتصريف منتجاتها في أسواق جديدة (Getty)
+ الخط -
واصلت تركيا فتح أسواق جديدة لصادرتها عبر رحلات مكوكية لمسؤوليها في عدة دول أفريقية وإيران وأميركا الجنوبية، في سياق مساع لتخفيف آثار حصار موسكو على منتجاتها، كما تحاول أنقرة أيضاً، علاج تراجع تجارتها مع سورية والعراق بسبب الاضطرابات.
وفور عودة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، من جولته الاقتصادية الأفريقية في ساحل العاج وغينيا ونيجيريا الأسبوع الماضي، غادر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، أنقرة إلى العاصمة الإيرانية طهران بداية الأسبوع الجاري، ليتم الاتفاق على زيادة التعاون الاقتصادي المرحلة المقبلة في اللقاء المشترك الذي عقد بين رجال أعمال البلدين، كما قام أردوغان بزيارة إلى دول أميركا الجنوبية الشهر الماضي.
وحسب محللين، أفلتت تركيا بهذه التحركات من العقوبات الروسية على صادراتها، التي فرضتها نتيجة توتر العلاقات إثر إسقاط أنقرة طائرة روسية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلا أنهم أكدوا على عدة تحديات تصطدم بمساعي أنقرة لاقتحام الأسواق الجديدة.
وفي هذا الإطار يقول المحلل المختص بالشأن التركي عبد القادر عبد اللي، لـ"العربي الجديد"، إنه من الممكن أن تفتح دول أفريقيا وأميركا، آفاقاً جديدة أمام اقتصاد بلاده، ولكن تلك الفرص محدودة، نتيجة بعد المسافة والشركاء الذين يتمتعون بعلاقات قوية من الصعب على تركيا منافستهم.
وأضاف عبد اللي، أن القفزة الاقتصادية التي حققتها تركيا، منذ وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة، كانت بفضل المحيط الآسيوي والأوروبي القريب، لكن الأزمات المالية والاضطرابات التي تعيشها المنطقة أثرت سلباً على التجارة الخارجية لتركيا، حيث تواجه بعض دول أوروبية، مشاكل اقتصادية مثل اليونان وبلغاريا، فضلاً عن الأحداث السياسية في سورية والعراق، بالإضافة إلى الأزمة بين موسكو وأنقرة بسبب إسقاط طائرة حربية.
وكان الخبير الاقتصادي المرافق لأردوغان في زيارته الأفريقية، عبد الله كاراكوش، قال إن الزيارة حملت أفق التعاون الاقتصادي مع القارة السمراء، بعد تأثر الصادرات التركية، نتيجة لما تمر به منطقة الشرق الأوسط التي تشكل سوقًا استهلاكيًا مهمًا لها، من أزمات سياسية حادة.
وأضاف كاراكوش، لموقع لصحيفة "ميلييت" الإلكترونية، أن الدول الأفريقية تتشابه إلى حد كبير في الفرص الاستثمارية التي تعرضها، مؤكدًا أن هناك الكثير من المشاريع التي تقدمها هذه الدول، ولكنها تحتاج إلى من يتعاون معها، ويمدها بالخبرة والمعدات اللازمة، لتحقق نهضتها الداخلية وتعود على الشركات الأجنبية المستثمرة بمردود جيد.
وزار أردوغان، برفقة 150 رجل أعمال، الأسبوع الماضي، ساحل العاج، غانا، ونيجيريا وغينيا، فيما رآه خبراء، متابعة للانفتاح على القارة السمراء، الذي بدأته أنقرة عام 2009، حيث شهدت العلاقات الاقتصادية تطورات متلاحقة وإيجابية بين تركيا أفريقيا السنوات الأخيرة.
وأوضحت وزارة الخارجية التركية خلال تقريرها الخاص بالعلاقات مع الجانب الأفريقي، أن التبادل التجاري بين الطرفين استمر على نفس الوتيرة المتباطئة في بداية القرن الحالي، ولكن بعد تولي أوغلو وزارة الخارجية عام 2009، زاد حجم التبادل التجاري بين الطرفين، حيث بلغ قرابة 24.4 مليار دولار. وتسعى تركيا نحو رفع حجم التبادل التجاري بينها وبين أفريقيا إلى 50 مليار دولار.
ورغم هذا التحسن في العلاقات الاقتصادية مع القارة السمراء وآسيا، يرى الخبير الاقتصادي، خليل أوزون، أن تركيا تأخرت في الانفتاح على دول وسط آسيا التي تعد الموطن الأصلي للأتراك، كما تأخرت بانفتاحها على أفريقيا، لأن دولاً أخرى سبقتها، وخاصة فرنسا والصين "لكن هذا لا يعني عدم وجود حصص وفرص استثمارية لتركيا".

وأشار أوزون في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى صعوبات عديدة في التعاون التجاري مع أفريقيا منها افتقار معظم دولها إلى خدمات الاستثمار الخارجي، وفي مقدمتها الشركات المالية، من مصارف وشركات تأمين، فضلاً عن عائق اللغة إلا أن تلك المعوقات سهلة التجاوز في واقع حاجة تركيا لأسواق جديدة وما تحمله تلك الدول من ثروات ومعادن وفرص استثمارية باقتصاداتها البكر.
ويقول رجل الأعمال التركي، أوجان أونيصال، لـ"العربي الجديد" لا يمكن إنكار الآثار السلبية لتوتر الأوضاع بدول الجوار، والتي أدت إلى تراجع حجم الصادرات بنسبة 8.7% العام الماضي، حيث بلغت 144 مليار دولار للعام 2015 مقارنة بالعام الماضي الذي وصل فيه حجم الصادرات إلى 157.6 مليار دولار.
ولفت الاقتصادي التركي، إلى ضرورة استعادة السوق الإيرانية الآن، بعد إلغاء العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على طهران، واستغلال الفراغ الإنتاجي والاستثماري مع دولة جارة، سيتم استهدافها عالمياً بالتجارة والاستثمار.
وكان أوغلو خلال زيارته طهران، مؤخراً، اصطحب وفدا اقتصاديا ضم وزراء الاقتصاد والجمارك والتجارة والطاقة والشحن والمواصلات والتنمية والملاحة البحرية ورجال أعمال. وأكد أوغلو، استهداف بلاده رفع حجم التبادل مع إيران من 10 إلى 30 مليار دولار.
بدوره، أشار رئيس مجلس المصدرين الأتراك محمد بويوك أكشي، خلال تعليقه على تعزيز العلاقات التجارية، أنه سيتم افتتاح مركز تجاري تركي في طهران من أجل الحصول على مكانة أكثر قوة ونفوذًا في السوق الإيراني لا سيما بعد رفع العقوبات المفروضة عليها.
وحول أسباب نجاح تركيا في زيادة صادراتها الشهر الماضي رغم عقوبات روسيا، يقول أونيصال، إن المنتجات الزراعية لا تشكل نسبة كبيرة ضمن بنية التجارة الخارجية، لأن المنتجات الصناعية التركية تشكل نحو 80% من مجمل الصادرات التركية، وهو ما ساهم في صمود صادرات بلاده أمام العقوبات الروسية.
وأضاف أونيصال أن علاقات تركيا الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي تتنامى، وتأتي ألمانيا على رأس قائمة الدول المستوردة من تركيا تليها بريطانيا وإيطاليا، فضلاً عن الأسواق الجديدة التي فتحتها تركيا في منطقة الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية، بعد زيارة الوفد الاقتصادي برئاسة أردوغان الشهر الماضي، لافتاً إلى أن تراجع الصادرات التركية الزراعية إلى روسيا، لم تؤثر على بنية الصادرات التركية، بدليل محافظة المنتجات الزراعية بالسوق التركية على أسعارها، بل وارتفعت عما كانت عليه.
وأكدت إحصائيات حديثة لوزارة الجمارك والتجارة التركية، أن الصادرات حققت خلال شهر فبراير/شباط الماضي ارتفاعاً بنسبة 3.25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وكشفت الإحصائيات أن قيمة المواد المصدرة خلال بلغت 12 مليار و414 مليون دولار، في حين تراجعت المستوردات من الخارج بنسبة 7.66%، مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، لتصل قيمة المواد المستوردة إلى 15 مليارا و580 مليون دولار، ليتراجع عجز الميزان التجاري الخارجي التركي بنسبة 34.71%، خلال الشهر الماضي.
ونوه رئيس مجلس المصدرين الاتراك، في تصريحات سابقة، إلى الانخفاض الشديد الذي طرأ على أسعار النفط، ودوره في تراجع تكاليف الإنتاج للسلع التركية، الأمر الذي ساهم في تعزيز صادرات بلاده.


اقرأ أيضا: التوتر يهدد شراكة تركيا وروسيا الاقتصادية
المساهمون