الاستثمار في الإنسانية

23 مايو 2016
جانب من القمة العالمية الأولى للعمل الإنساني (العربي الجديد)
+ الخط -

أرقام صادمة، كشفت عنها القمة العالمية الأولى، التي استضافتها مدينة إسطنبول التركية، أمس، منها مثلا أن العراق الدولة النفطية الكبرى فيها أكثر من 8.2 ملايين شخص فقير ومحتاج ينتظرون المساعدات المالية والإنسانية العاجلة، وأن هناك نحو 60 مليون إنسان متضرر من الحروب والنزاعات حول العالم.

وهذا العدد الهائل لو اجتمع في بلد ما لبات دولة ضخمة تحتل المرتبة 24 عالمياً من حيث عدد السكان، وأنه في السودان وحدها يوجد نحو 1.5 مليون شخص نزحوا عن ديارهم ويحتاجون مساعدات، وفي أوكرانيا يوجد 5 ملايين شخص في حاجة ماسة إلى معونات عاجلة.

كما كشفت أرقام القمة أيضاً عن حجم النفاق الذي يمارسه العالم تجاه دعم اللاجئين السوريين على سبيل المثال، فرغم إعلان العديد من الدول العربية وغيرها عن تقديم مليارات الدولارات لهؤلاء اللاجئين، إلا أنه لم يصل منها حتى الملايين.

وأكبر دليل ما كشفته تركيا خلال القمة من أن حجم الدعم الدولي المقدم لها من أجل المشاركة في تحمل تكاليف اللاجئين السوريين يقل عن نصف مليار دولار وتحديداً 455 مليون دولار فقط، وأن المساعدات الأوروبية البالغة 7 مليارات دولار لم يصل منها شيء حتى الآن، وأن موازنة تركيا تحملت وحدها أكثر من 10 مليارات دولار.

وإضافة للأرقام، فإن هناك عناوين عدة رفعتها قمة الأمم المتحدة، أبرزها على الإطلاق دعوة المنظمة الدولية الحكومات والقطاع الخاص إلى الاستثمار في الإنسانية وضخ أموال إضافية في العمل الإنساني، الذي يحفظ كرامة الإنسان اللاجئ والمشرد والمتضرر من الحروب والقلاقل السياسية والأمنية.

كما أن هناك مطالبة بأن تستجيب الدول لصوت الضمير العالمي، الذي بات يشكو من سوء معاملة اللاجئين على أراضيها، ويتعاملون معهم على أنهم عبء مالي واقتصادي يؤثر سلباً على الخزانة العامة والموازنات وفرص العمل والدعم الحكومي والبنية التحتية، رغم أن اللاجئين يمكن أن يتحولوا لثروة يستفيد منها اقتصاديات الدول المستضيفة، ليس عن طريق الحصول على مساعدات خارجية أو التسول باسم اللاجئين، ولكن عن طريق الاستفادة من خبراتهم في دعم الاقتصاد وزيادة الإنتاج والاستثمارات والتحويلات الخارجية ودعم الأنشطة المدرة للنقد الأجنبي مثل السياحة وتحويلات المغتربين.

أمس، كان صوت المشاركين في قمة الأمم المتحدة، هو أنقذوا العالم من أكبر مأساة إنسانية، لكن هل ستكون قمة إسطنبول بداية لحل أزمات اللاجئين في العراق وسورية والسودان وغيرها، أم أنها مجرد مؤتمر يُضاف لعشرات المؤتمرات التي ظلت نتائجها حبراً على ورق وتحولت فترة انعقادها إلى مباراة للإعلان عن تقديم مساعدات ضخمة وبالمليارات، مثل إعلانات سابقة ضلت طريقها للتنفيذ.

المساهمون