دومنيك ستروس كان ... "فرعون الاقتصاد" الذي أعاده كورونا للواجهة في فرنسا

05 مايو 2020
دومنيك ستروس كان (فرانس برس)
+ الخط -


لم يكن دومنيك ستروس كان، الاقتصادي والسياسي الفرنسي، ووزير الاقتصاد والمالية والصناعة السابق، الوحيد الذي أعادته الأزمة الصحية المترتبة على فيروس كورونا إلى الواجهة في فرنسا.

فالعديد من القادة الماكرونيين، يتحدثون عن "عودة الفراعنة أو "توت عنخ آمون السياسة"، في إشارة إلى المسؤولين الكبار في الحزب الاشتراكي الفرنسي، الذين اختفوا عن الأنظار وعادوا إلى الواجهة في ظل الأزمة الحالية.

وعندما يطل ستروس كان، على الناس أن يستمعوا إليه جميعا، فآراؤه تستحق الانتباه، رغم انسحابه من الساحة السياسية، بعد قضية فندق سوفيتيل في نيويورك، حين اتهمته عاملة تنظيف باغتصابها، عندما كان مديرا عام لصندوق النقد الدولي.

وتحدثت وسائل إعلام فرنسية عن مباحثات أجراها ستروس كان المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي مع ريشار فيران، رئيس الجمعية الوطنية، وستانيلاس كيريني، المندوب العام لحركة "الجمهورية إلى الأمام" التي شكلها حول الرئيس إيمانويل ماكرون، وبرونو لومير، وزير الاقتصاد، ومسؤولين آخرين من الأغلبية الحكومية.

وأشارت إلى مهاتفة العديد من مسؤولي حركة ماكرون، لستروس كان، الذي يوجد في فترة الحجر بالمغرب، حيث لفت الانتباه إليه بمقال طويل في مجلة "السياسة الدولية"، إذ صرح رئيس الجمعية الوطنية بأنه لم يسبق له أن قرأ شيئا بذلك العمق حول الأزمة.

رأيه مطلوب، خاصة رغم كون نجم الاشتراكيين الفرنسيين الذي رشحته نوايا الفرنسيين لتولي رئاسة الجمهورية في 2012، عصف حادث فندق سوفيتيل بمستقبله السياسي.


غير أنه معرفته بكواليس القرار الاقتصادي العالمي وتجربته في صندوق النقد الدولي في ظل أزمة 2008، تعطي لكلامه اليوم مشروعية كبيرة، خاصة أنه سعى بخبرته الاقتصادية وبعده السياسي، إلى أن يحول المؤسسة المالية إلى طبيب للعولمة.

في مقالته التي أثارت اهتماما كبيرا في الأوساط السياسية والاقتصادية، يلاحظ وزير الاقتصاد السابق أن الجاِئحة غير المسبوقة في التاريخ، لا يغلب الاقتصادي فيه المنشغل بتجاوز الانكماش، بل يحرص على ضرورة تفادي الاستسلام للنزعات الوطنية والسيادية وترسيخ الثقة مع المواطنين.

يعتبر هذا السبعيني، الذي اضطرته الجائحة لقضاء فترة الحجر بمدينة مراكش برفقة زوجته المغربية، حيث يعملان في العمل الخيري، أن الجائحة تكشف عن ضعف الأنظمة الصحية الغربية، إذ أبانت عن عدم قدرة على التوقع وعدم ملاءمة تنظيمها لحجم الأزمة الصحية.

يرى خريج المدرسة العليا للتجارة ومعهد العلوم السياسية، أن الانكماش الاقتصادي الذي نعيشه لا يشبه الأزمات السابقة، على اعتبار أنه يصيب العرض والطلب على حد سواء، ويلاحظ أن الحجر يفضي إلى انخفاض الإنتاج، بينما ستقلص شركات عدد عمالها وتقفل أخرى، ولا تستطيع الدولة إنقاذ جميع الشركات وفرص العمل.

يروعه حجم البطالة وتآكل الناتج الإجمالي المحلي في الاقتصاديات المتقدمة، ويخلص إلى أن الوضعية أخطر من حالة الحرب، حيث يعبر عن خشيته من تبخر الممتلكات وتفتت سلاسل التوريد.

وينبه إلى أن الجائحة ستكون كارثية للبلدان المصدرة للمواد الأولية التي تتهاوى أسعارها، مشيرا إلى أن انخفاض التحويلات من الخارج وتوقف السياحة، ستكون لهما تأثيرات كبيرة على الطبقة المتوسطة الصاعدة، ما سيتسبب في توسيع داِئرة الفقر، بما لذلك من تداعيات على الخدمات الصحية والولوج للماء والغذاء والتربية.

ويرى أن آليات السياسة النقدية ودعم الموازنة لن تكون كافية من أجل محاصرة البطالة، معتبرا أن العالم سيشهد، على المدى المتوسط والطويل، إعادة النظر في التقسيم الدولي للعمل، وستفضي الأزمة إلى استعادة الإنتاج المرحل، حيث سيتم ذلك على حساب بلدان ذات دخل منخفض.

في الكثير من البلدان، دفعت الجائحة العديد من المسؤولين الذي اعتزلوا الشأن العام إلى الواجهة، وينتظر أن يطلب رأي ستروس كان من قبل العديد من المسؤولين في العالم. وهو الذي يسند خطابه الاقتصادي إلى رؤية سياسية، ورغم ذلك لم يتمكن من ترجمتهما عندما رشحته استطلاعات الرأي لرئاسة فرنسا.

المساهمون