تحديات الزراعة السودانية: مكننة وتشريعات داعمة

13 اغسطس 2019
محاولات لتطوير الزراعة في السودان (أشرف الشاذلي/ فرانس برس)
+ الخط -
تواجه الزراعة في السودان تحديات كبيرة، من بينها ضعف الإرشاد واستخدام الأساليب التقليدية وتأخر تأهيل قنوات الري في المساحات المروية. وقدم خبراء زراعة اقتراحات جديدة للخروج من نفق التقليدية، عبر تطبيق المكننة والتقنيات الحديثة والبذور المقاومة للحرارة، وإنتاج الأسمدة وتسوية الأراضي الزراعية.

إلا أن وزير الزراعة والغابات المكلّف بابكر عثمان رأى، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التحديات التي تعيق تطور القطاع الزراعي تتلخص في ضعف الاهتمام بالبحث العلمي، رغم الجهد الكبير الذي يبذله الباحث الزراعي السوداني.

ورغم أن خطة الموسم 2019-2020 استهدفت زراعة 49 مليون فدان بالمحاصيل الحقلية، منها حوالي 4.3 ملايين فدان بالقطاع المروي و44.9 مليون فدان بالقطاع المطري لزراعة أكثر من 11 محصولاً زراعياً، إلا أن نجاحها يرتبط بتوافر عدد من المعينات. وأشار بابكر إلى أن السودان بالرغم من امتلاكه مساحة زراعية في حدود 200 مليون فدان، إلا أنه يفتقر إلى صناعة مدخلات الإنتاج الزراعي وعدم وجود صناعة الأسمدة في البلاد.

وأسف لاستيراد السودان معظم مدخلات الإنتاج الزراعي من الخارج خاصة البذور البستانية، ودعا المستثمرين إلى طرق هذا الباب، مؤكداً أن الاستيراد ليس حلاً.

وقال بابكر: "ما زلنا نقاتل في عمليات توصيل الوقود إلى مناطق الإنتاج الزراعي في الولايات المختلقة، بالرغم من صعوبات الترحيل من ميناء بورتسودان. لكن الوزارة استطاعت توفير الوقود للقطاع الزراعي بالتعاون مع المزارعين، كما أن السلطات في الولايات تفهمت صعوبة الترحيل، لذلك عملت على مساعدتنا".

ورغم توقعات مزارعين بأن الموسم الحالي سوف يشهد إنتاجية عالية لمحاصيل القطن والذرة في القطاعين المطري والمروي، إلا أن آخرين أكدوا أن نسبة تغطية البذور المحسنة لا تزيد عن 30 في المائة من المساحة المزروعة، حيث تتم تغطية العجز من البذور الجيدة من إنتاج المزارعين. كما أن معظم بذور محاصيل الخضر تستورد من الخارج بواسطة القطاع الخاص...

لكن وزير الزراعة المكلف نفى أن يكون الموسم الزراعي قد واجه نقصاً في الأسمدة، وقال إنه في بداية الموسم الصيفي كانت متوافرة في مخازن البنك الزراعي، وكذلك تم الاستيراد من بعض الشركات والأفراد. وشدد على أن "محصول القطن لم يعان من مشكلة أسمدة وتقاوي، لكننا نحتاج السماد للذرة وسنوفره عبر البنك الزراعي والسوق المحلية".

وقال تقرير نشرته وزارة الزراعة إن الاستهلاك السنوي من الأسمدة في حدود 445 ألف طن للقطاعين المروي والمطري للموسمين الصيفي والشتوي، حيث يستهلك القطاع المروي كمية كبيرة من الأسمدة، أما القطاع المطري فمزارعه غير مقتنع بأهمية استخدام الأسمدة لزيادة الإنتاج، وفقاً للتقرير. في حين أن خبراء زراعة طالبوا بتوطين صناعة التقاوي في السودان بالتركيز على الولايات المعروفة بالإنتاج الزراعي.

واعتبر زراعيون سودانيون أن أسباب تدني الإنتاج في البلاد يعود إلى تردي البيئة السياسية واحتقان الوضع الأمني، وعجز الدولة عن مواجهة تبعات انفصال الجنوب، إضافة إلى تبني الحكومة سياسات غير مدروسة لإدارة المشاريع، مع تفشي الفساد، والفشل في استجلاب رأس المال الأجنبي للاستثمار، إضافة إلى وجود مشكلة استخدامات للأراضي.

وأكد هؤلاء على وجود فجوة في التشريعات الخاصة بالزراعة خاصة، وأن هناك عددا من القوانين غير مفعّلة، إضافة إلى الحاجة لإجازة قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وطالب الخبير الزراعي محمد الحسن بإجازة قانون الزراعة الذي ظل عالقاً في وزارة العدل. وقال لـ "العربي الجديد" إن تفعيل هذا القانون تعد خطوة لعلاج مشكلات القطاع، عقب تأكيد الدولة أنها تعطي أولوية للزراعة في كل برامجها المطروحة بهدف تحريك الاقتصاد.

في حين أشار الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم إلى أن المنطق والواقع يقول إن الزراعة تتمتع بالأولوية من ناحية مؤسسية، حيث يوجد البنك الزراعي وبنك الثروة الحيوانية، ولذلك يجب عدم النظر للزراعة بعين الأموال التي تأتي من وزارة المالية، وإنما بعين الدخل القومي الذي تدعمه جهود القطاع الخاص.

وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الزراعة تحتاج لدعم أكثر، لكن الزراعة لا تديرها وزارة وإنما مؤسسات خاصة متمثلة في مشروع الجزيرة وكنانة، كما أن حوالي 70 في المائة من الزراعة مطرية، يمولها المنتجون وليس للوزارة علاقة بها.

ولفت إلى توفر الدعم السياسي للزراعة كونها قاطرة الاقتصاد الوطني وهي باتت قضية أساسية في البلاد. وتابع التوم أن القطاع الخاص الكلي والتقليدي يقوم بجميع مهام الزراعة، والوزارة دورها تنفيذي، مؤكداً أن القطاع الخاص عاد بقوة للاستثمار الزراعي.
المساهمون