روسيا تدخل على خط انهيار الليرة السورية لدعم الأسد

26 نوفمبر 2019
حكومة الأسد تعيش "حالة خوف وتخبط" بسبب تهاوي الليرة(Getty)
+ الخط -
كشف مصدر مسؤول من دمشق، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ حكومة بشار الأسد تعيش "حالة خوف وتخبط" بعد تهاوي سعر صرف الليرة السورية إلى أقل من 750 ليرة للدولار، وهو أدنى سعر سجلته منذ بدء تداولها عام 1919. 

وأضاف المصدر أنّ نظام الأسد "وضع، منذ اليوم الثلاثاء، خطة لضبط سعر الصرف، بالتنسيق مع الحلفاء في موسكو، لضخ القطع الأجنبي بأسواق دمشق وحلب"، وأن هذه الخطة ستستمر عبر دعم روسيا، حتى الوصول إلى "التوازن الاقتصادي بالبلاد".

وقال المصدر: "تم تحميل حكومة رئيس مجلس الوزراء عماد خميس، أسباب تفشي الفساد وتهاوي سعر الليرة. وعلى الأرجح أن يتم تكليف عماد العزب، المقرّب من أسماء الأسد، بتشكيل حكومة جديدة خلال أيام".

ويشغل العزب منصب وزير التربية بحكومة عماد خميس الحالية، ويتحدر من مدينة داريّا بريف دمشق، وسبق أن عمل ضمن مشاريع أسماء الأسد في "هيئة التميز والإبداع"، و"الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية"، وهو رئيس "الهيئة السورية للأولمبياد العلمي السوري" التي تشرف عليها أسماء الأسد شخصياً.
ولفت المصدر إلى أنّ إعلام نظام بشار الأسد "يلمّع صورة الوزير العزب هذه الفترة وعلى الأرجح أن يشكل الحكومة بعد عودته من اجتماعات المؤتمر العام لمنظمة التربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) التي يشارك فيها بفرنسا".

بالتوازي، كشفت مصادر إعلامية أنّ وزارة المالية بحكومة الأسد حجزت احتياطياً على أموال شركة "MTN" وأعضاء مجلس إدارتها، الأحد الماضي، مقابل غرامة مالية بلغت 20 مليون ليرة سورية، جراء مخالفة جمركية اقترفتها شركة الاتصالات الخاصة وهي ثاني مشغل خليوي بسورية، واستوردت تهريباً بضائع بقيمة 4.7 ملايين ليرة.

وشرحت المصادر أنّ الحجز على أموال شركة الاتصالات "جاء بهدف استيلاء بشار الأسد على الشركة، كما فعل قبل شهر مع شركة (سيرتيل) المملوكة لابن خاله رامي مخلوف ووضع رجل الأعمال اللبناني طه ميقاتي بموقف المذنب".

وتعاني شركة "MTN"، بحسب المصادر، من تضييق منذ فترة وتراجعت أرباحها حتى الربع الثالث من العام الجاري، إلى 693 مليون ليرة، بنسبة 88% عن أرباح الفترة نفسها العام الماضي.

وتعد شركة "إم تي إن" ثاني مشغل للخليوي في سورية، برأسمال 1.5 مليار ليرة، وطرحت أسهمها للاكتتاب العام خلال عام 2018، بعدما قدّمت بياناتها المالية عن عامي 2016 و2017، وتمركز الأرباح على مالكيها الخمسة، وذلك إثر ترخيص شركتي الاتصال "إم تي إن" و"سيرتيل" وتغيير عقد "بي أو تي" الذي أسستا وفقه، والذي من المفترض وفقه أن تؤول ملكيتهما للدولة بعد انقضاء فترة العقد.
بدروها، ردّت شركة "MTN"، أمس الإثنين، في بيان، بالقول إنّ الحجز على أموالها "إجراء قانوني روتيني" تقوم به الحكومة "عندما تكون هناك أي قضية أو مطالبة مالية معلقة أو قيد المتابعة لضمان التسديد للجهات العامة، دون أن يتم المساس بكينونة الشركة أو سير عملها والتزامها تجاه عملائها وموظفيها"، بحسب البيان.

ويقتصر الحجز، وفق بيان الشركة الذي اطلع "العربي الجديد" عليه، على الأموال المطالب بها فقط، وليس على كافة أموال الشركة، وذلك لضمان سداد المطالبة المالية عند الاتفاق على التسوية المناسبة للقضية.

وأكدت الشركة أنّها ملتزمة في معالجة هذه القضية، "انطلاقاً من حرصها والتزامها الدائم بالقوانين والأنظمة المرعية في سورية، كما تؤكد إيمانها بالدور الذي تقوم به في تطوير قطاع الاتصالات بما يساهم بخدمة المجتمع السوري".

ورأى الاقتصادي السوري محمود حسين، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ الحجز على أموال شركة "إم تي إن" بذريعة التهريب، "هي حجة واهية، والأمر يتعلق ببسط سيطرة أسماء الأسد على شركات الاتصال الخليوي لأنّ نسبة الشريكين اللبنانيين طه ونجيب ميقاتي ضئيلة".

وأضاف أنّ "السيدة الأسد ستؤسس، كما يتم تداوله، شركة ثالثة باسم (إيماتيل) لتتملّك كاملاً الاتصالات الخليوية، بعدما تم تحجيم رامي مخلوف مالك (سيرتيل) وتعيين ضابط بالقصر الرئاسي مديراً للشركة، الشهر الماضي".

وتابع حسين أنّه "لا يخرج الحجز على أموال رئيس وأعضاء مجلس إدارة (إم تي إن) عما يشاع من حملة مكافحة الفساد التي تقودها أسماء الأسد، لهدفين اثنين؛ الأول تسويق السيدة الأسد والحد من سيطرة رجالات الأمس، أهمهم محمد مخلوف وأولاده وشركاؤه، والهدف الثاني جمع إتاوات من رجال الأعمال مقابل إبعادهم عن المحاسبة، ليتم رفد خزينة الدولة الفارغة بالأموال".

وتعتمد حكومة بشار الأسد سلاح الحجز الاحتياطي لإرغام رجال الأعمال على المساهمة باستيراد السلع والمنتجات الضرورية للأسواق السورية، وبمقدمتها النفط والقمح، أو الدفع الإلزامي بصندوق دعم الليرة الذي أسسه المصرف التجاري، قبل شهرين.

ويبلغ عدد رجال الأعمال الذين حجزت وزارة المالية بحكومة الأسد على أموالهم، 10315، خلال العام الجاري، بحسب تصريح سابق لمعاون وزير المالية بسام عبد النبي.

ويضيف عبد النبي، خلال تصريح سابق، أنّ عدد قرارات الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة لعدد من المسؤولين في الحكومة السورية بلغ نحو 538 قراراً.

وأوضح عبد النبي أنّ قيمة الأموال المقدرة من قرارات الحجز الاحتياطي الصادرة منذ بداية العام الحالي، وصلت إلى 1.8 مليار ليرة، دون تبيان قيمة المبلغ المحجوز في كل قرار.
وكان رئيس مجلس الوزراء بحكومة الأسد عماد خميس، قد أعلن، في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن حجز حكومة النظام على الأموال المنقولة وغير المنقولة بحق 87 مسؤولاً سورياً وزوجاتهم، على رأسهم وزير التربية السابق هزوان الوز وزوجته.
المساهمون