بعد السياحة... الإنتاج التركي في دائرة الاستهداف

03 يونيو 2018
حملات ضد الاقتصاد التركي عبر استهداف بعض قطاعاته(فرانس برس)
+ الخط -
لم يبق من أدوات ضغط على تركيا، والغمز من قناة حزب "العدالة والتنمية" والرئيس رجب طيب أردوغان، قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستجرى في الرابع والعشرين من يونيو/ حزيران المقبل، بعد استهداف الليرة ومحاولة ضرب الموسم السياحي، سوى الإساءة للإنتاج التركي ومحاولة تقليل التدفق السلعي للخارج.

ببساطة، لأن ثلاثية النمو والسياحة والتصدير هي أهم مراكز قوة الاقتصاد التركي، بل وحققت أنقرة خلال الأعوام الأخيرة، قفزات بهذه الثلاثية، وعلى مستوى العالم، بعد أن اقتربت قيمة الصادرات العام الفائت من 160 مليار دولار وزادت عائدات السياحة على 26 مليار دولار، واحتلت تركيا المركز الأول بالعالم، لجهة النمو، بنسبة 7.4%.

وتشير الأرقام، خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى تطور النسب والمؤشرات، عن العام الفائت، إذ زادت إيرادات تركيا من النقد الأجنبي في الربع الأول من العام الجاري، خاصة من قطاعي السياحة والصادرات اللذين تجاوزت إيرادتهما أكثر من 45 مليار دولار.

وحسب الأرقام الرسمية، فقد ارتفعت عائدات السياحة التركية بنسبة 31.3% خلال الربع الأول من 2018، على أساس سنوي، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، في وقت ارتفعت فيه قيمة الصادرات التركية 8.9% خلال الفترة ذاتها. وزادت نسبة النمو خلال الأشهر الثلاثة الأولى عن 7%.

قصارى القول: يكتشف المتابع للشأن التركي، ومذ فاجأ حزب "العدالة والتنمية" وحليفه حزب "الحركة القومية" في 26 إبريل/ نيسان الفائت، المعارضة في الداخل والمتربصين بتركيا في الخارج، بتقديم الانتخابات، من نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 إلى يونيو/ حزيران 2018، أن حملة "الاستهداف" تسارعت، للنيل، وإن بسفور وعلى عجالة، من الاقتصاد التركي، الذي يعوّل عليه الرئيس والحزب الحاكم، كإحدى أدوات برنامجهما الانتخابي.

فكان أن استهدفت بعض وكالات التصنيف الائتماني تركيا، وصنفت ديونها السيادية إلى مرتبة أقل ضمن فئة الديون عالية المخاطر، من ثم جاء الحكم من الولايات المتحدة على مساعد رئيس "خلق بنك" الحكومي، محمد هاكان عطا الله، بالسجن 32 شهراً واتهامه بخرق العقوبات الأميركية على إيران، بل وبدء الترويج لإمكانية فرض عقوبات على القطاع المصرفي ومسؤولين أتراك.

وتزامن الإجراء الأميركي مع تحرك بعض "المحافظ الاستثمارية" للمضاربة بالسوق النقدية، مستغلة فترة التحضير للانتخابات وما يتخللها من قلق المكتنزين والمدخرين، طبعاً إلى جانب أسباب سياسية واقتصادية أخرى. ما راجع من سعر صرف الليرة التركية إلى أدنى مستوى على الإطلاق، لتقترب من 5 ليرات للدولار، لولا تحرك الحكومة التركية، عبر محاور عدة، منها تحريك أسعار الفائدة وتحويل بورصة إسطنبول جميع العملات الأجنبية الزائدة عن احتياجاتها على المدى القصير، إلى الليرة.

ما حسّن من سعر الصرف، وإن لم تزل الليرة التركية عرضة لاهتزازات وتقلبات، حتى ينتهي الاستحقاق الانتخابي في 25 الشهر الجاري.

وما إن استقر سعر الصرف نسبياً، حتى رأينا استمرار "الحملة"، ولكن هذه المرة على السياحة التي تعول تركيا هذا العام على عائد منها يقترب من 40 مليار دولار، إثر استقطاب نحو 30 مليون سائح.

وأخذت حملة محاولة ضرب السياحة شكلاً علانياً أكثر من محاولات استهداف الليرة التي تستر منفذوها بمتاريس عدة، فرأينا دعوات سعودية وإماراتية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى عدم زيارة تركيا هذا العام، بحجة عدم الأمن وانتشار الفوضى والابتزاز وكراهية الأتراك للعرب.




وربما، تتطوّر هذه الحملة، لتصل إلى الدول الأوروبية التي تهمها إعاقة حملة الحزب الحاكم والرئيس أردوغان، اللذين يعولان على السياحة، ليس لجهة العائدات فقط، بل ولتسويق ما أنجزاه خلال ستة عشر عاماً، من تطور على الصعد كافة.

نهاية القول: على الأرجح، أعدت الحكومة التركية ما يلزم لمواجهة استهداف الاقتصاد، بل وما يمكن أن يسيء لبعض قطاعاته بشكل غير مباشر، وخاصة السياحة وجذب الاستثمار، كالزعم بانتشار العنف والتطرف الإسلامي، كما بدأت معارضة الداخل بالعزف على هذا الوتر وسبقتها "جوقة" الخارج قبل أيام.

وعلى الأرجح أيضاً، فإن المتربصين بتركيا، خاصة من هم خارج حدودها، أخطأوا الهدف، فجاءوا إلى أكثر نقاط القوة بتركيا، وحاولوا النيل من أردوغان والتأثير على الناخب، من خلالها، وربما سيكون فيصل تلك الحملات عبر صناديق الانتخابات، التي تشير استطلاعات الرأي حتى الآن إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيحصل على 54%، بينما أصوات العدالة والتنمية ستراوح ما بين 46-47% في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

المساهمون