حكومة اليمن تتحرك لإنقاذ اقتصاد المكلا بعد دحر القاعدة

05 مايو 2016
سكان المكلا ينتظرون تحسن الأوضاع المعيشية (فرانس برس)
+ الخط -
تحركت الحكومة اليمنية في اتجاه استئناف نشاط المؤسسات الاقتصادية المعطلة في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت (جنوب شرق البلاد) فور دحر مسلحي تنظيم القاعدة، وتستهدف الحكومة من هذا التحرك إنقاذ الاقتصاد المتردي بالمدينة بسبب نهب المسلحين للمدينة.
وجاء القطاع المصرفي في مقدمة القطاعات التي أولت الحكومة اهتماماً خاصاً به في المكلا، وحسب مصادر مصرفية لـ "العربي الجديد"، تجري الحكومة ترتيبات لاستئناف النشاط المالي بشكل كامل في المدينة.
ويتم الاستعداد حالياً لإعادة افتتاح فرع المصرف المركزي بالمكلا، بعد حوالي عام كامل من إغلاقه عقب تعرضه لعملية سطو مسلح من قبل مسلحي تنظيم القاعدة.
وسيطر تنظيم القاعدة على المدينة، في شهر أبريل/نيسان من العام الماضي، مستغلاً انشغال التحالف العربي والسلطة الشرعية بحربها ضد مليشيات الحوثيين.
وحسب المصادر، سيتم إعادة فتح مصرفين حكوميين آخرين؛ هما المصرف اليمني للإنشاء والتعمير وبنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك).
وأكد مدير المصرف المركزي اليمني بالمكلا، عبد القادر فليحان، لـ"العربي الجديد"، أنه سيتم افتتاح المصرف قريباً، لكنه لم يحدد موعداً محدداً للافتتاح.
وقال فليحان، إن فرعنا مرتبط بتعليمات ولوائح الإدارة العامة، ومتى ارتأت الوقت المناسب وتجهزت جميع الاحتياجات ستعلن عن مزاولة عمل فرع المصرف في أي لحظة. وأوضح أن فرع المكلا خلال العام الماضي كان يمارس مهامه من فرع مدينة سيئون المجاورة.
واعتبر محللون اقتصاديون، أن استعادة الحكومة الشرعية السيطرة على ميناءي المكلا التجاري والضبة النفطي ومطار الريان الدولي، سيعمل على إنعاش النشاط الاقتصادي والتجاري والمالي في المدينة.
وقررت السلطات المحلية إغلاق المصرف المركزي بالمدينة، نهاية أبريل/نيسان 2015، عقب تعرضه للاقتحام من قبل عناصر القاعدة ونهب مبلغ يقدر بحوالي 17 مليار ريال (100 مليون دولار).
وتعرضت مصارف حكومية وتجارية للنهب في مناطق أخرى من قبل عناصر القاعدة، خلال هجمات منتظمة نفذتها في أعقاب سيطرتها على المدينة.


وأغلقت جميع المصارف الحكومية وأغلب المصارف التجارية فروعها في المدينة، فيما استمرت حوالي 3 مصارف و5 شركات للصرافة في مزاولة عملها بشكل محدود، حيث قامت باستحداث نافذة صغيرة تمكنها من التواصل مع عملائها.
وأوضح مدير عام العلاقات العامة في مصرف اليمن الدولي فهمي الآنسي، أن مصرفه قرر إغلاق فرعه بالمدينة، في شهر أبريل/نيسان من العام الماضي، بعد تعرضه لعملية سطو مسلح ونهب نحو 50 مليون ريال يمني (232 ألف دولار).
وقال الآنسي، لـ"العربي الجديد"، استأنف فرعنا بالمكلا عمله في أعقاب تحرير المدينة ولكن بشكل محدود، حيث يقتصر العمل على بعض العمليات المحدودة، ولا تتوفر سيولة لصرف الشيكات في ظل إغلاق فرع المصرف المركزي والذي يقوم بمهمة توفير السيولة للمصارف.
من جانبه اعتبر المدير الإداري لمصرف الكريمي التجاري، علي الكريمي، أن استئناف النشاط المالي للمؤسسات المصرفية مرهون بإعادة فتح فرع المصرف المركزي.

وقال الكريمي، لـ "العربي الجديد"، إن إغلاق المصرف المركزي له تأثير كبير على العمل المصرفي بأي مدينة، وفتح فرعه بالمكلا سيكون له تأثير إيجابي على القطاع المصرفي والمالي.
وأوضح، أن مصرفه قرر العام الماضي، إغلاق اثنين من فروعه في المكلا بسبب ضعف العمل، لكنه استمر في العمل بالفروع الأخرى.
وقال، كان عملنا في المكلا يتسم بالحذر وعدم الاحتفاظ بمبالغ كبيرة، وتعاملنا فقط فيما يسد الحاجة.
وأدت سيطرة القاعدة على عاصمة حضرموت إلى توقف شبه تام للقطاع التجاري وإغلاق عشرات الشركات في قطاعات مختلفة.
وأكدت مصادر تجارية لـ "العربي الجديد"، أن شركة سبأ فون للهاتف النقال استأنفت عملها عقب تحرير المدينة، وأن بقية شركات الهاتف النقال سوف تستأنف عملها بالمدينة خلال أيام.
وكان تنظيم القاعدة في مارس/آذار قام بعمليات ابتزاز لشركات الهاتف النقال، وأغلقت فروعها بعد رفض الشركات دفع مبالغ كبيرة.
وقال مسؤولون في أكبر ثلاث شركات لخدمات المحمول وهي (إم.تي.إن) و(سبأ فون) و(واي للاتصالات) إن القاعدة طلبت أيضا 4.7 ملايين دولار من الشركات الثلاث التي قالت جميعها إنها رفضت الدفع.
وأغلقت عناصر من تنظيم القاعدة، 3 شركات للأدوية والمستلزمات الطبية، واستولت على محتوياتها في مدينة المكلا، في 11 يناير/كانون الثاني العام الجاري.
وقالت مصادر محلية، إن التنظيم أغلق شركات الجبل والنخيل والمفضل للأدوية والمستلزمات الطبية وقام بمصادرة البضائع من مخازنها، والاستيلاء على السيارات التابعة لتلك الشركات وأموال تعود ملكيتها لتلك الشركات وتوريدها إلى خزينة التنظيم بموجب حكم صادر عن المحكمة الشرعية التابعة لتنظيم القاعدة.


وفي شهر يناير/كانون الثاني الماضي، نشرت وسائل الإعلام المحلية نسخة من طلب أصدره التنظيم حمل شعاره بالحصول على 4.7 مليون دولار من الحساب المصرفي لشركة النفط الوطنية في المكلا، وقال مسؤول محلي ان الشركة دفعت 1.4 مليون دولار ولم تدفع باقي المبلغ.
وكانت عناصر تنظيم القاعدة تقوم بتحصيل أموال الأوقاف بمدينة المكلا، بينها إيجارات عشرات المحلات التجارية التي بناها عدد من التجار وحولوها لوقف خيري، وتقع معظمها في شوارع رئيسية بالمدينة القديمة، وكانت تتحصل إيجاراتها عبر مكتب وزارة الأوقاف.
وعمد مسلحو القاعدة إلى نهب بعض المصارف التجارية ومكاتب البريد اليمني في حضرموت، أثناء مهاجمتهم لها، مبررين هذا الفعل بأن أرصدة هذه المصارف هي "أموال المسلمين، ويجب أن ترد إليهم، ووزعوا بعض هذه الأموال على المواطنين، باعتبارها أموالا تتبع نظام صنعاء، الحليف للولايات المتحدة، وشريكها في الحرب على القاعدة"، وبالتالي يجوز لهم التصرف فيها وإنفاقها على المصارف التي يرون أنها ضرورية.

وكان التنظيم يحصل على عائدات من خلال فرض الغرامات والإتاوات على التجار والسكان. وأعلن التنظيم، مطلع شهر يوليو/ تموز الماضي، عن فرض عقوبات مالية قاسية على تجار نبتة القات، ونشر التنظيم ملصقات في أماكن عدة بالمدينة تتضمن تلك التحذيرات.
ومن جانب ثانٍ، وحسب خبراء اقتصاد لـ "العربي الجديد"، خسر تنظيم القاعدة، مصادر تمويله بعد دحره من مدينة المكلا.
وأوضح الخبير الاقتصادي اليمني ياسين التميمي، لـ"العربي الجديد"، أن تنظيم القاعدة، خسر ملاذا آمنا لنشاطاته التي كانت تستهدف توسيع نطاق سيطرته على محافظات عدة في البلاد نتيجة ضعف سيطرة الدولة، كما خسر أيضا مصادر مهمة ونشطة للموارد المالية التي كانت تأتيه نتيجة العائدات المفروضة على الواردات والصادرات خصوصا عبر ميناء المكلا ثالث أهم ميناء في اليمن.
وأضاف أن هناك عائدات كان يجنيها التنظيم جراء انخراطه في عمليات تهريب للوقود والأسلحة. لكن لا توجد ضمانات لإمكانية توقف أنشطة التهريب على وجه الخصوص، إذا لم تفرض القوات البحرية للتحالف العربي حصارا محكما على السواحل حتى الآن، خصوصا وأن أنشطة التهريب مرتبطة بشبكة معقدة القاعدة جزء منها، وقد جرى بناء هذه الشبكة منذ عهد المخلوع علي عبد الله صالح.
وأشار التميمي إلى أن التنظيم أعاد توزيع عناصر في التضاريس الوعرة لحرمات وشبوة؛ وهذا يعني استمرار أنشطتها التخريبية.
وكان وزير النقل اليمني السابق بدر باسلمة، قال إن عائدات تنظيم القاعدة من الإتجار بالنفط تبلع نحو 150 مليون دولار شهريا، مطالبا الحكومة الشرعية والتحالف العربي باستمرار جهودهم في إطار خطط تحرير جميع المناطق المحيطة.
وأكد أن التنظيم اعتمد على تهريب المشتقات النفطية بشكل كبير لتمويل عملياته في البلاد.

المساهمون