شلّ العدوان الإسرائيلي على غزة، شتى مجالات الحياة اليومية للمواطنين الفلسطينيين في القطاع المحاصر.
وجاء قصف الاحتلال الإسرائيلي، عقب عملية اغتيال القيادي في سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، وما تبعه من رد للمقاومة الفلسطينية بإطلاق عشرات الصواريخ والقذائف تجاه المدن المحتلة عام 1948.
وأوصدت عشرات المحال التجارية في مدينة غزة أبوابها، خوفا من تعرّضها للعدوان، بالإضافة إلى خلو الشوارع من المستهلكين بسبب عمليات القصف المتواصلة والتي أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينيين. أما البنوك والمصارف فقد قررت هي الأخرى تعطيل العمل بشكلٍ رسمي، نتيجة لتدهور الحالة الأمنية في القطاع جراء استمرار التصعيد الإسرائيلي وفشل الجهود المصرية والأممية من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة جديد يوقف العدوان حتى صباح اليوم.
في الوقت ذاته، أعلنت وزارة التربية والتعليم ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تعطيل الدوام المدرسي، حفاظاً على أرواح الطلبة، في ضوء تواصل القصف الإسرائيلي في مختلف محافظات القطاع والخشية من تعرّض أي منهم للضرر. أما الشوارع الرئيسية في مدينة غزة وغيرها من مناطق القطاع فخلت هي الأخرى من حركة المواطنين، باستثناء حركة بسيطة تقتصر على خروج بعض الأشخاص لجلب بعض احتياجاتهم الضرورية لهم ولعائلاتهم في ظل استمرار العدوان.
وأغلقت معظم أسواق السلع والخضروات والفواكه أبوابها، خشية من التنقل والحركة جراء عمليات القصف والاستهداف الإسرائيلي المتواصلة منذ بداية جولة العدوان الحالية، فجر الثلاثاء.
أما العمل الحكومي في الوزارات والمنشآت في غزة، فقد اقتصر هو الآخر على عمل مؤسسات وزارة الصحة بشكلٍ كامل إلى جانب الأجهزة الأمنية، فيما علّقت باقي المؤسسات الدوام نتيجة للوضع الأمني المتدهور في القطاع واستمرار القصف الإسرائيلي. ومع تواصل جولة التصعيد الحالية وفشل جهود الوسطاء، يخشى الغزيون من أن تتسع رقعة هذه الجولة لتتحول إلى عدوان إسرائيلي موسع، على غرار الحروب الثلاث التي شنت أعوام 2009 و2012 و2014 والتي استمرت بعضها عدة أسابيع.
إلى ذلك، أغلق الاحتلال الإسرائيلي بحر غزة أمام عمل الصيادين الفلسطينيين في القطاع بشكلٍ كامل، وأبلغ الارتباط المدني الفلسطيني بحظر نزول الصيادين إلى شاطئ البحر، فضلاً عن استهداف زوارقه مراكب تتبع للصيادين. وتزامناً مع إغلاق شاطئ بحر غزة، قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق معبر كرم أبو سالم المنفذ التجاري الوحيد للغزيين الواقع أقصى جنوبي شرقي القطاع أمام دخول البضائع والشاحنات، فيما سمحت بإدخال الوقود المخصص لصالح محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة.
ويلجأ الاحتلال في أوقات التصعيد التي يقوم بها مع المقاومة الفلسطينية في غزة لفرض سلسلة من الإجراءات العقابية، مثل إغلاق شاطئ بحر غزة أمام عمل الصيادين واستهداف من يحاول النزول للبحر، إلى جانب إغلاق معبري كرم أبو سالم التجاري ومنفذ بيت حانون/ إيرز أمام مرور الأفراد.
وخلال العام الجاري، تلاعب الاحتلال الإسرائيلي مرات عدة بمساحة الصيد، بالرغم من التفاهمات التي جرت بينه وبين فصائل المقاومة الفلسطينية برعاية مصرية وأممية وقطرية، إذ قلص مساحة الصيد وأغلق معبر كرم أبو سالم مراتٍ عديدة.
وتُعتبر هذه المرة الأولى التي تشل فيها حركة الأسواق والمصارف وحتى العملية التعليمية منذ جولة التصعيد الإسرائيلي الأخيرة التي جرت مع المقاومة الفلسطينية في مايو/أيار المنصرم، وقد سبقها ذات الأمر في جولات التصعيد الأخرى.
واغتالت إسرائيل، فجر الثلاثاء، القيادي البارز في سرايا القدس بهاء أبو العطا وزوجته، في قصف طاول منزله بحي الشجاعية في مدينة غزة، فيما استشهد وأصيب العشرات، في ظل تواصل عمليات القصف والاستهداف الإسرائيلي على أهداف ومنشآت مدنية في غزة. ويعاني القطاع من أزمات اقتصادية ومعيشية متفاقمة، في ظل استمرار الحصار وتكرار عدوان الاحتلال. وأعلنت وزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن نحو ثلث سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر المدقع، كما تتزايد معدلات البطالة، بسبب الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين وتسببت في أوضاع اقتصادية صعبة لسكان القطاع المحاصر.
وقال غازي حمد، وكيل الوزارة، إن 33.8 في المائة من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر المدقع، مضيفا أن 70 بالمائة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي خلال 2019. وتقدّر معدلات البطالة في قطاع غزة بنسبة 52 في المائة.
وتفرض إسرائيل، منذ نحو 13 عاماً، حصارا مشددا على غزة، ما أدى إلى زيادة كبيرة في نسب الفقر والبطالة في القطاع المكتظ بالسكان.