الفساد "النونو.. والفساد "الجامبو"

15 نوفمبر 2016
احتجاجات ضد الفساد في معظم الدول العربية
+ الخط -




في دول العالم النامي يسرق بعض الحكام مليارات الدولارات من قوت الغلابة والفقراء والمعدمين، ورغم ذلك يتمتعون بحماية قانونية وحصانة دبلوماسية طوال حياتهم تمنع من ملاحقتهم قضائياً ومحاسبتهم جنائياً حتى ولو غادروا الحكم.

وفي دول الغرب يسجن وزراء ويعزلوا من مناصبهم لسرقتهم بضعة آلاف من الدولارات، أو في حال حصلوهم على خدمة استثنائية غير متاحة للمواطنين العاديين، أما في الدول الأفريقية فيحصل بعض الحكام على صفقات ورشاوى تتجاوز قيمتها مئات الملايين من الدولارات، ورغم ذلك يظل هؤلاء في مناصبهم سنوات طويلة ربما تمتد حتى يلفظوا أنفاسهم الأخيرة.

وفي الغرب يسجن وزير ويفقد منصبه لمجرد أنه توسط لأحد أقاربه أو معارفه أو تحرش بسكرتيرته أو مديرة مكتبه، أما في دول العالم الثالث فيسافر حكام سابقون إلى دول أوروبية ومن مطارات الدولة الرسمية لينعموا بأموالهم التي سرقوها وأودعوها في بنوك سويسرا وبريطانيا، أو ليستمتعوا بعائدات الأحياء العقارية الكاملة التي يمتلكونها في لندن أو أي من العواصم الأوربية الأخرى التي استقبلت أموالهم القذرة طوال سنوات طويلة.

وفي الوقت الذي تحارب فيه كل دول العالم المتقدمة كل صنوف الفساد والسرقة والاعتداء على المال العام وأصول الدولة، نجد أن التقارير الصادرة عن منظمات دولية معنية بالشفافية ومكافحة الفساد تصنف دولاً عربية عدة ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، بل وتضع هذه المنظمات دولاً عربية كبرى في قائمة الأكثر فساداُ جنبا إلى جنب دول يترعرع فيها الفساد منذ سنوات وبشكل صارخ مثل كوريا الشمالية،أفغانستان، جنوب السودان،سورية، أنغولا، اليمن، ليبيا،العراق، فنزويلا، غينيا بيساو، وهايتي.

وفي الوقت الذي نجد أن دول العالم المتقدم تستحدث عددا من قوانين مكافحة الفساد والجريمة المالية وتحاصر عمليات غسل الأموال الناجمة عن أموال غير مشروعة مثل الرشى والفساد وصفقات السلاح وغيرها، نجد في المقابل دولاً تحاصر المؤسسات الرسمية المكافحة للفساد وتضيق الخناق عنها وتعزل كبار المسؤولين بها.


وفي بلد نام يتلقى رئيس الوزراء 700 مليون دولار رشوة من الخارج، وبدلاً من محاسبته يواصل بقاءه في منصبه متحديا الجميع، بل ويخرج علينا المدعي العام ببلاده ليقول لنا إنه تم تحويل المبلغ (الرشوة) من الخارج إلى حساب رئيس الوزراء الشخصي، وبالتالي لا علاقة لخزانة الدولة به، وليس في ذلك أي مخالفة جنائية أو أي فساد في الأمر، وكأن هذا المسؤول يتعامل مع حسابه الموازنة العامة للدولة والمساعدات الخارجية على أنه حساب رئيس الوزراء الشخصي.

لقد بات عالمنا الثالث ينطبق عليه الحديث الشريف "إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ".

اليوم الثلاثاء أعلنت لجنة التحقيق الروسية عن اعتقال وزير التنمية الاقتصادية، أليكسي أوليوكايف بتهمة تلقي رشى.

ساعتها تصورت أن الرجل اختلس مليارات الدولارات من موازنة الدولة في الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد الروسي ظروفا صعبة بسبب تهاوي أسعار النفط والعقوبات الغربية، فإذا بالسلطات الروسية تعلن أن القبض على الوزير جاء للاشتباه بحصوله على رشوة قدرها مليونا دولار مقابل السماح لشركة روس نفط، أكبر شركة نفط في روسيا، بشراء حصة الدولة في شركة باش نفط.

وقبلها بشهور صدر حكم بالسجن بحق العمدة السابق لمدينة ياروسلافل الروسية، يفغيني أورلاشوف، وملاحقة محافظ مقاطعة كيروف، نيكيتا بيليخ، بتهمة تقاضي رشوة قيمتها 400 ألف يورو.

السؤال: هل ما فعلته روسيا بحق وزير التنمية الاقتصادية المسؤول عن ملف بيع القطاع العام، هو بداية لمكافحة الفساد المستشري، وبالتالي اخراج البلاد من دائرة الدول النامية التي يترعرع بها الفساد، أم أنه يأتي لتنظيف وجه حكومة فلاديمير بوتين قبل الانتخابات المقبلة؟

المساهمون