أضرار بالغة لمزارعي سياج غزة... مخاطر أمنية ومحصول ضعيف

09 مايو 2019
محصول ضعيف للموسم الجاري (خالد شعبان/العربي الجديد)
+ الخط -

 

مع ساعات الصباح الأولى، يخرج محمد اهديان (56 عاماً) من بلدة خزاعة شرقي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، مستخدماً الدراجة النارية (التوك توك) ويصطحب أبناءه الثمانية لحصاد ما تبقى لهم من محصول القمح والشعير على أرضهم التي تقدّر مساحتها بأربعة دونمات.
يقضي اهديان ما بين 4 إلى 5 ساعات يومياً برفقة أبنائه والعرق يتصبّب منهم تحت أشعة الشمس، ويشكو من الوضع العام في القطاع المحاصر ومن الناتج الضعيف الذي خرج به هذا العام. ويقول اهديان لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لنا، فإن ناتج موسم جني المحاصيل، خصوصا القمح والشعير والعدس لهذا العام، ضعيف جدا".

ويعزو المزارع اهديان تراجع الموسم إلى قلة الأمطار وعدم تمكنهم من الوصول الدائم إلى أراضيهم، بفعل الخوف نتيجة قربها من السياج الفاصل مع شرقي محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، الملاصقة للأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبينما يجمع حبات القمح، يشير اهديان إلى أنّ أرضه لا تبعد سوى أقل من 300 متر عن السلك الشائك (الحدود)، ويؤكد أنّ ما يقوم بجنيه من محصول لهذا العام سيكون صالحاً لاستخدامه كعلف للحيوانات فقط، وقليلاً منه سيعود بالفائدة عليه ولن يسد ثمن تكاليف زراعته.

ويفكر المزارع الفلسطيني في ترك العمل في الأرض، لافتاً إلى أنهم يتوقعون الأسوأ خلال قادم الأيام، لأنّ هذه المناطق أصبحت معدومة والمزارعين أصيبوا بأضرار كبيرة بفعل أحداث مسيرة العودة الكبرى وقنابل الغاز والقنابل الصوتية التي تسببت في حرق المحصول.
ويقول إنّ هذا الضرر يمتد على طول الشريط الحدودي والمناطق الأخرى، إلى جانب عوامل الطقس، مشيراً إلى أنه إذا سلم المزارع من الآفات الزراعية، فإنه لن يسلم من الاحتلال الإسرائيلي "فنحن لا نستطيع المداومة على رعايتها والحفاظ عليها، فضلا عن نقص الإمكانيات".
وكانت الأراضي الحدودية فيما سبق مزروعة بأجود أنواع البطيخ والشمام واللوزيات والزيتون، لكن الاحتلال الإسرائيلي أتى على كل شيء فيها، ولا يزال يسعى إلى تدميرها وإبقائها مدمرة، مانعاً أي محاولة لاستصلاحها وإعادة الحياة إليها.

أما المزارع خالد قديح (30 عاماً) والذي يعمل في أرضه التي يقع نصفها ضمن المنطقة العازلة والآخر في المنطقة الغربية لخط "جكر" الحدودي، فيؤكد أنّ موسم هذا العام لن يحقق لهم مرادهم، وسيضطر أغلب السكان إلى شراء كميات من القمح، لا سيما وأن بعضهم يعتمدون على القمح في الخبز والدُقة والمفتول وبعض الأكلات الأخرى.
ويشير قديح إلى أنّ مزارعي المناطق الحدودية يبحثون عن طرق دعم تساندهم وتعمل على إبقائهم في أراضيهم المهددة، وكل ما يأملونه اليوم هو توفير آبار مياه ومد شبكات ري، لضمان استمرار صمودهم على أرضهم.


وتُعد الزراعة من أهم العوامل الأساسية التي يعتمد على ناتجها سكان المناطق وأصحاب الأراضي الحدودية، وهؤلاء يواجهون محاولات إسرائيلية بشكل شبه دائم لإجبارهم على ترك أراضيهم، سواء عبر رش المبيدات القاتلة للأشجار والنباتات أو تجريفها واستهدافها.
ويتعرض المزارعون الفلسطينيون العاملون في المناطق الحدودية، في السنوات الأخيرة، إلى إطلاق النار المباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والتي أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات منهم، إلى جانب منع وصولهم إلى أراضيهم، وفرض ما تسميه إسرائيل المناطق المحرمة. ويواجه المزارعون مشاكل تدمير الاحتلال الإسرائيلي لشبكات الري وآبار المياه، فضلاً عن غياب البنية التحتية التي تسهل عمليات تنقّلهم ووصولهم إلى أراضيهم، إذ أنّ المناطق الزراعية الحدودية شبه خالية من أي بنية تحتية تسهل التنقل.
وتفرض إسرائيل حصاراً خانقاً على قطاع غزة منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، وشددته في أعقاب سيطرة الحركة على القطاع في عام 2007، من خلال إغلاق غالبية معابر القطاع، والإبقاء على معبر كرم أبو سالم كمنفذ وحيد لكافة البضائع والمنتجات.

المساهمون