عاد سيناريو ما يُعرف في الجزائر بـ "أزمة وفرة البطاطا" ليتكرر للعام الثالث على التوالي، ما دفع بالمزارعين لكسر حاجز الصمت، و التعبير عن غضبهم وخوفهم من كساد إنتاجهم إلى درجة غلق الطرق السريعة المؤدية نحو العاصمة الجزائر، بأطنان من البطاطا، احتجاجاً.
في وقت اتخذت فيه الحكومة إجراءات استعجالية لإمتصاص غضب المزارعين، وسط تجدد السجال والجدال حول ضرورة دعم الدولة لعملية تصدير الفائض نحو بعض الدول العربية.
ويعيش نصف سكان محافظة "عين الدفلى" (150 كلم غرب العاصمة الجزائرية) المقدر عددهم بـ 850 ألف نسمة من مداخيل زراعة البطاطا. وعقد المزراعون في المحافظة اجتماعات دورية من أجل إيجاد حل لمخزونهم من البطاطا التي تحولت وفرتها إلى نقمة على المزارعين بفعل انخفاض حاد في الأسعار الذي وصل إلى 7 دنانير جزائرية للكيلوغرام الواحد (5 سنتات أميركية) في أسواق بيع الخضر بالجملة. وهو سعر يصفه المزارعون الذين تحدثت معهم "العربي الجديد" بـ "الكارثي" وسيتسبب لهم بخسائر فادحة بفعل ارتفاع تكلفة الإنتاج، وغلاء أسعار البذور.
ووصف المزارع جمال عبد الباقي لـ"العربي الجديد" حالة منتجي البطاطا، قائلا إن" الحلول التي من شأنها إنقاذ محصولهم هذه السنة محدودة إن لم نقل منعدمة، نتيجة الوفرة الهائلة ودخول محافظات أخرى على خط الإنتاج ذاته".
وفي ظل غياب ضمانات واضحة لعدم تكرار سيناريو الموسم الزراعي الماضي، الذي قدرت فيه وزارة الزراعة والتنمية الريفية والصيد البحري، حجم الإنتاج الوطني من البطاطا بنحو 5 ملايين طن، تتزايد مخاوف المزارعين من عدم الوفاء بسداد الديون المستحقة لصالح موردي البذور والأسمدة والعمّال، كما هو حال المزارع جمال الذي قال إنه مدين بمبالغ كبيرة وينتظر انفراج المشكلة وتحصيل عائدات بيعه البطاطا، للوفاء بالتزاماته.
وعكس باقي المزارعين، تمسك جمال برفض بيع محصوله بالأسعار الحالية، واقترح رفع سعر الكيلوغرام الواحد على الأقل 5 دنانير، لضمان هامش بسيط من الربح وعدم الوقوع في فخ الخسارة.
وأمام هذه الوضعية، قررت الحكومة الجزائرية الجزائرية اتخاذ اجراءات مستعجلة تتمثل في فتح غرف التبريد مجانا أمام المنتجين، واقتراح بيع المحاصيل لشركة "برودا" العمومية، المختصة في تسويق المنتجات الزراعية، مع دراسة امكانية دعم عملية النقل نحو الموانئ تمهيدا لتصدير جزء من البطاطا المنتجة نحو بعض الدول العربية.
وفي السياق كشف أحسن قدماني، رئيس شعبة منتجي البطاطا أن "طاقة استيعاب غرف التبريد العمومية لا تغطي حجم البطاطا المنتجة هذه السنة. أما عن "شركة برودا" فالكثير من المنتجين يرفضون التعامل معها، بسبب ديون السنة الماضية التي لا تزال عالقة". وأضاف أن " التوقعات تشير إلى انتاج 6 ملايين طن مع نهاية شهر أبريل/نيسان المقبل".