أعلنت الحكومة المصرية مؤخراً عن بدء طرح عدد من الشركات والبنوك للبيع عبر البورصة، وإن كان الخبر ليس جديداً وسبق التمهيد له منذ عامين، إلا أن هذه المرة الأولى التي يتم فيها إعلان تفاصيل تتضمن أسماء المؤسسات التي سيتم طرحها، وجدول طرحها للتداول، كذلك يشير تنفيذ هذا التوجه إلى أن الحكومة حسمت موقفها من مسألة إدارة الأصول الاقتصادية عبر بيع بعضها جزئياً، في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي التي بدأت بوتيرة متصارعة منذ عام 2016.
ويمكن القول إن هذا الاتجاه يدل على عدم الاكتراث بالرأي العام، الذي يبدو في أضعف حالاته، في ظل تراجع الحراك السياسي، وضعف القوى الاجتماعية المدافعة عن الأصول الاقتصادية بوصفها مالاً عاماً لا يجوز التصرف فيه بالطريقة ذاتها التي أتبعتها الحكومات قبل ثورة 25 يناير 2011، والتي شملت عمليات الخصخصة والتصفية، وتفكيك القطاعات الصناعية لمصلحة هيمنة القطاع الخاص.
الآن، تحاول الحكومة استكمال مخطط الخصخصة عبر البيع الجزئي للمؤسسات الاقتصادية، واختارت توقيتاً مناسباً ارتبط بحالة الضعف الذي تعاني منه الحركة العمالية والسياسية، وتوظف حالة الحصار المفروض على المجال العام، بما فيه تعطيل وشل القوى العمالية، التي تعرضت لانتهاكات عدة، باستخدام أدوات عقابية كالتحويل للتحقيق، والتهديد بالفصل، بل وتحويل بعض العمال للمحاكم العسكرية على إثر حركتهم الاحتجاجية.
ونظراً لعدم بروز قوى اجتماعية عمالية، طرحت الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة رؤى اقتصادية غلب عليها توجه يؤمن بتخفيض الإنفاق الحكومي تحت مسمى ترشيد الدعم، وتوفير عوائد مالية من خلال زيادة حصيلة الضرائب، وتحسين عوائد الأصول الاقتصادية التي تشمل المنشآت الصناعية والأراضي.
في يناير/ كانون الثاني 2016، أعلنت مؤسسة الرئاسة خلال بيان رسمي عن برنامج لطرح بعض المؤسسات الاقتصادية للتداول في البورصة، وقوبل هذا البيان بتحفظ ورفض من بعض القوى السياسية والاجتماعية، أجلت الحكومة تنفيذ البرنامج، وركزت على تجميع عوائد مالية من خلال المنح والقروض، وبيع الأراضي وتأجيرها.
وفي هذا السياق حصلت الحكومة على قروض من جهات عدة، قامت بتأجير وبيع بعض الأراضي في إطار استثمارات مشتركة، منها تأجير ألف فدان من أراضي سيناء للسعودية، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بموجب ترسيم الحدود مع السعودية، وتحت لافتة تشجيع الاستثمار، خصصت أراضي لمستثمرين خليجيين وحكام، منهم أمير الكويت وعاهل البحرين.
القطاعات الرابحة
تشرف المجموعة الاقتصادية المكونة من وزارات الاستثمار والتعاون الدولي والمالية وقطاع الأعمال والتخطيط على برنامج طرح الشركات للتداول في البورصة، وحسب البيانات الأولية التي تم إعلانها فإن البرنامج يتضمن طرح 23 شركة ومؤسسة اقتصادية بنسب تراوح ما بين (15- 30%)، وستستمر مدة تنفيذ البرنامج 30 شهراً، وتستهدف الحكومة جمع 80 مليار جنيه، بينما سيتم طرح 6 شركات بالبورصة خلال العام الجاري 2018 بحصيلة مالية تقدر بـ15 مليار جنيه.
تتنوع الشركات والمؤسسات المالية التي سيتم طرحها للتداول، كلها بالتأكيد شركات رابحة ومتميزة، فهي على عكس ما كان يروج أثناء تطبيق برنامج الخصخصة بالقول إن الشركات المطروحة للبيع خاسرة، فإن الشركات التي سيتم طرحها في البورصة ليست وحسب شركات رابحة لكنها متميزة كذلك من حيث الربحية ومعدلات الإنتاج، وكذلك الأهمية الاقتصادية.
وتتنوّع الشركات المطروحة للتداول ما بين مؤسسات كالبنوك، وعلى رأسها المصرف العربي والبنك العربي الإفريقي وبنك القاهرة وبنك التعمير والإسكان وبنك الإسكندرية، وشركات النقل البحري كشركات دمياط والإسكندرية وبورسعيد لتداول الحاويات، وهي من أهم ثلاث شركات في هذا المجال من حيث الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية.
يتضمن برنامج الطرح 7 قطاعات، في مقدمتها قطاع الصناعات الكيمياوية، وقطاع النقل والبترول والطاقة، والقطاع المصرفي، وقطاع الإسكان الذي يتضمن طرح شركة مصر الجديدة للإسكان (حصة الحكومة 73%) وشركة مدينة نصر للإسكان (حصة الحكومة 17%)، بالإضافة إلى شركة مصر للتأمين التي تمتلك أيضاً، إلى جانب نشاطها في التأمين، عدداً ضخماً من المساكن ذات المعمار المميز في منطقة القاهرة الخديوية والزمالك وجاردن سيتى، كذلك ستطرح شركات مهمة من قطاع الصناعات الكيمياوية كالشرقية للدخان (حصة الحكومة 55%)، أما في قطاع الصناعات المعدنية فسيتم طرح شركة مصر للألمنيوم (حصة الحكومة 89%)، وفي قطاع البترول سيتم طرح أربع شركات هي انبي وميدور وأسيوط لتكرير البترول، وسيدي كرير للبتروكيماويات.
مستهدفات البرنامج
نقدياً يستهدف البرنامج تحصيل 80 مليار جنيه، ستساهم، حسب رؤية الحكومة، في حل عجز الموازنة، لكن لم تطرح الحكومة بشكل كافٍ أوجه صرف هذه الحصيلة النقدية، إلى جانب ذلك تستهدف الحكومة تنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي في توسيع مساحة القطاع الخاص في سوق الاستثمار، الذي تشير إليه تصريحات حكومية تحت لافتة "توسيع قاعدة الملكية".
اقــرأ أيضاً
وعلى عكس هذا الشعار البراق، فإن عملية طرح الشركات للتداول في البورصة تعني عملياً تضييق قاعدة الملكية من الملكية العامة المملوكة للشعب نظرياً إلى ملكية لعدد محدود من المستثمرين في البورصة، أي توسيع قاعدة الملكية للمستثمرين، ما سيساهم في زيادة أرباحهم، وهذا يتسق مع توجهات الحكومة الاقتصادية الحالية، ويؤشر إلى استمرار النهج الاقتصادي الذي يحفز انسحاب الدولة من بعض المجالات الاستثمارية، وجذب رؤوس الأموال، وزيادة الاستثمار المالي.
أرباح وخسائر
أعلنت الحكومة في منتصف 2016، على لسان وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشد، أنها تستهدف جمع 10 مليارات دولار من عملية طرح الشركات للتداول في البورصة، وكان هذا التصريح قبل تعويم الجنيه، أي أن المبلغ كان يساوي ما يقارب 80 مليار جنيه تقريباً، وهو ذاته المبلغ الذي تستهدف الحكومة جمعه الآن من عملية التداول، بحسب ما أعلنت مؤخراً على لسان وزير المالية، على الرغم من تعويم الجنيه في نهاية 2016، وتجاوز سعر صرف الدولار 17.60 جنيهاً، ما يعني أن تلك الشركات ستباع بنصف ثمنها تقريباً إذا حسبنا الفارق في سعر الصرف.
سيمكن البرنامج الكتل الرأسمالية من الاستحواذ على شركات متميزة من حيث الربح والأهمية، وسيتمكن المستثمرون من شراء أسهم شركات رابحة شيدتها الدولة واستثمرت فيها، وسيزيد البرنامج حال تنفيذه نشاط التداول في البورصة، ويرفع من أرباح المتعاملين فيها، سواء كانوا مصريين أم أجانب، وتعد أسعار شراء أسهم تلك الشركات والمؤسسات التي ستطرح للتداول في البورصة بالنسبة للمستثمرين جاذبة جداً، خاصة بعد تعويم الجنيه.
ويمكن القول إن هذا الاتجاه يدل على عدم الاكتراث بالرأي العام، الذي يبدو في أضعف حالاته، في ظل تراجع الحراك السياسي، وضعف القوى الاجتماعية المدافعة عن الأصول الاقتصادية بوصفها مالاً عاماً لا يجوز التصرف فيه بالطريقة ذاتها التي أتبعتها الحكومات قبل ثورة 25 يناير 2011، والتي شملت عمليات الخصخصة والتصفية، وتفكيك القطاعات الصناعية لمصلحة هيمنة القطاع الخاص.
الآن، تحاول الحكومة استكمال مخطط الخصخصة عبر البيع الجزئي للمؤسسات الاقتصادية، واختارت توقيتاً مناسباً ارتبط بحالة الضعف الذي تعاني منه الحركة العمالية والسياسية، وتوظف حالة الحصار المفروض على المجال العام، بما فيه تعطيل وشل القوى العمالية، التي تعرضت لانتهاكات عدة، باستخدام أدوات عقابية كالتحويل للتحقيق، والتهديد بالفصل، بل وتحويل بعض العمال للمحاكم العسكرية على إثر حركتهم الاحتجاجية.
ونظراً لعدم بروز قوى اجتماعية عمالية، طرحت الحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة رؤى اقتصادية غلب عليها توجه يؤمن بتخفيض الإنفاق الحكومي تحت مسمى ترشيد الدعم، وتوفير عوائد مالية من خلال زيادة حصيلة الضرائب، وتحسين عوائد الأصول الاقتصادية التي تشمل المنشآت الصناعية والأراضي.
في يناير/ كانون الثاني 2016، أعلنت مؤسسة الرئاسة خلال بيان رسمي عن برنامج لطرح بعض المؤسسات الاقتصادية للتداول في البورصة، وقوبل هذا البيان بتحفظ ورفض من بعض القوى السياسية والاجتماعية، أجلت الحكومة تنفيذ البرنامج، وركزت على تجميع عوائد مالية من خلال المنح والقروض، وبيع الأراضي وتأجيرها.
وفي هذا السياق حصلت الحكومة على قروض من جهات عدة، قامت بتأجير وبيع بعض الأراضي في إطار استثمارات مشتركة، منها تأجير ألف فدان من أراضي سيناء للسعودية، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بموجب ترسيم الحدود مع السعودية، وتحت لافتة تشجيع الاستثمار، خصصت أراضي لمستثمرين خليجيين وحكام، منهم أمير الكويت وعاهل البحرين.
القطاعات الرابحة
تشرف المجموعة الاقتصادية المكونة من وزارات الاستثمار والتعاون الدولي والمالية وقطاع الأعمال والتخطيط على برنامج طرح الشركات للتداول في البورصة، وحسب البيانات الأولية التي تم إعلانها فإن البرنامج يتضمن طرح 23 شركة ومؤسسة اقتصادية بنسب تراوح ما بين (15- 30%)، وستستمر مدة تنفيذ البرنامج 30 شهراً، وتستهدف الحكومة جمع 80 مليار جنيه، بينما سيتم طرح 6 شركات بالبورصة خلال العام الجاري 2018 بحصيلة مالية تقدر بـ15 مليار جنيه.
تتنوع الشركات والمؤسسات المالية التي سيتم طرحها للتداول، كلها بالتأكيد شركات رابحة ومتميزة، فهي على عكس ما كان يروج أثناء تطبيق برنامج الخصخصة بالقول إن الشركات المطروحة للبيع خاسرة، فإن الشركات التي سيتم طرحها في البورصة ليست وحسب شركات رابحة لكنها متميزة كذلك من حيث الربحية ومعدلات الإنتاج، وكذلك الأهمية الاقتصادية.
وتتنوّع الشركات المطروحة للتداول ما بين مؤسسات كالبنوك، وعلى رأسها المصرف العربي والبنك العربي الإفريقي وبنك القاهرة وبنك التعمير والإسكان وبنك الإسكندرية، وشركات النقل البحري كشركات دمياط والإسكندرية وبورسعيد لتداول الحاويات، وهي من أهم ثلاث شركات في هذا المجال من حيث الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية.
يتضمن برنامج الطرح 7 قطاعات، في مقدمتها قطاع الصناعات الكيمياوية، وقطاع النقل والبترول والطاقة، والقطاع المصرفي، وقطاع الإسكان الذي يتضمن طرح شركة مصر الجديدة للإسكان (حصة الحكومة 73%) وشركة مدينة نصر للإسكان (حصة الحكومة 17%)، بالإضافة إلى شركة مصر للتأمين التي تمتلك أيضاً، إلى جانب نشاطها في التأمين، عدداً ضخماً من المساكن ذات المعمار المميز في منطقة القاهرة الخديوية والزمالك وجاردن سيتى، كذلك ستطرح شركات مهمة من قطاع الصناعات الكيمياوية كالشرقية للدخان (حصة الحكومة 55%)، أما في قطاع الصناعات المعدنية فسيتم طرح شركة مصر للألمنيوم (حصة الحكومة 89%)، وفي قطاع البترول سيتم طرح أربع شركات هي انبي وميدور وأسيوط لتكرير البترول، وسيدي كرير للبتروكيماويات.
مستهدفات البرنامج
نقدياً يستهدف البرنامج تحصيل 80 مليار جنيه، ستساهم، حسب رؤية الحكومة، في حل عجز الموازنة، لكن لم تطرح الحكومة بشكل كافٍ أوجه صرف هذه الحصيلة النقدية، إلى جانب ذلك تستهدف الحكومة تنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي في توسيع مساحة القطاع الخاص في سوق الاستثمار، الذي تشير إليه تصريحات حكومية تحت لافتة "توسيع قاعدة الملكية".
وعلى عكس هذا الشعار البراق، فإن عملية طرح الشركات للتداول في البورصة تعني عملياً تضييق قاعدة الملكية من الملكية العامة المملوكة للشعب نظرياً إلى ملكية لعدد محدود من المستثمرين في البورصة، أي توسيع قاعدة الملكية للمستثمرين، ما سيساهم في زيادة أرباحهم، وهذا يتسق مع توجهات الحكومة الاقتصادية الحالية، ويؤشر إلى استمرار النهج الاقتصادي الذي يحفز انسحاب الدولة من بعض المجالات الاستثمارية، وجذب رؤوس الأموال، وزيادة الاستثمار المالي.
أرباح وخسائر
أعلنت الحكومة في منتصف 2016، على لسان وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشد، أنها تستهدف جمع 10 مليارات دولار من عملية طرح الشركات للتداول في البورصة، وكان هذا التصريح قبل تعويم الجنيه، أي أن المبلغ كان يساوي ما يقارب 80 مليار جنيه تقريباً، وهو ذاته المبلغ الذي تستهدف الحكومة جمعه الآن من عملية التداول، بحسب ما أعلنت مؤخراً على لسان وزير المالية، على الرغم من تعويم الجنيه في نهاية 2016، وتجاوز سعر صرف الدولار 17.60 جنيهاً، ما يعني أن تلك الشركات ستباع بنصف ثمنها تقريباً إذا حسبنا الفارق في سعر الصرف.
سيمكن البرنامج الكتل الرأسمالية من الاستحواذ على شركات متميزة من حيث الربح والأهمية، وسيتمكن المستثمرون من شراء أسهم شركات رابحة شيدتها الدولة واستثمرت فيها، وسيزيد البرنامج حال تنفيذه نشاط التداول في البورصة، ويرفع من أرباح المتعاملين فيها، سواء كانوا مصريين أم أجانب، وتعد أسعار شراء أسهم تلك الشركات والمؤسسات التي ستطرح للتداول في البورصة بالنسبة للمستثمرين جاذبة جداً، خاصة بعد تعويم الجنيه.