قبل سنوات قليلة، كان اسم "أبراج كابيتال" الإماراتية يداعب خيال المستثمرين الحالمين بالثراء السريع وتوسيع أنشطتهم الاقتصادية في وقت قياسي، فالشركة كان يتم الترويج لها على أنها الأكبر من نوعها في الأسواق الناشئة، وأن لديها القدرة على جذب استثمارات طازجة وسريعة من الأسواق العالمية تقدر بمليارات الدولارات.
بل وإقناع الشركة الإماراتية مستثمرين كبار، مثل الملياردير بيل جيتس، باستثمار أموال مؤسسته الخيرية "بيل وميليندا جيتس" لدى أبراج كابيتال، كما أقنعت كذلك مؤسسات عالمية بحجم مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، وسي دي سي البريطانية، وبروباركو الفرنسية، بضخ مئات الملايين من الدولارات في صندوق الرعاية الصحية الذي كانت تديره بقيمة مليار دولار.
وكانت وسائل الإعلام العربية والعالمية تصنف مجموعة أبراج كابيتال، التي كانت تتخذ من دبي مقراً لها، على أنها أكبر شركة استثمار مباشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأضخم صندوق استحواذات في المنطقة، حيث بلغت الأصول التي تديرها نحو 14 مليار دولار.
ولمدة 16 عاما أسست أبراج 30 صندوق استثمار، ومدت أنشطتها إلى أسواق الخليج وأفريقيا وآسيا وأميركا وأميركا اللاتينية.
لكن في العام 2018 انهار عملاق الاستثمار الإماراتي، أبراج كابيتال، عقب الكشف عن عمليات فساد واحتيال ضخمة، خاصة في إدارة صندوق للرعاية الصحية.
وبعدها توالت التطورات المثيرة التي دفعت الشركة الإماراتية المنهارة إلى التقدم بطلب تصفية لأنشطتها والبحث عن مشترين لأصولها، وقد تلقت بالفعل عروضا فكاهية، مثلا عرضت مجموعة "أكتيس" البريطانية المعروفة شراء مجموعة أبراج مقابل سداد دولار واحد فقط، على أن تتحمل أكتيس المديونيات والالتزامات المستحقة عليها.
وعرضت مجموعة أبوظبي المالية في نهاية يونيو الماضي شراء أنشطة مجموعة أبراج كابيتال في مجال إدارة الاستثمارات، مقابل 50 مليون دولار فقط، لكن مجموعة أبو ظبي أكدت على أنها لن تتحمل أي التزامات أو ديون مستحقة على أبراج.
وبموازاة هذه التطورات فتحت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية نار جهنم على الشركة الإماراتية التي خدعتها وقدمت بيانات مزيفة للجهات الرقابية في الولايات المتحدة.
وفي شهر إبريل اعتقلت السلطات الأميركية الرئيس التنفيذي والمدير الشريك لشركة الاستثمار المباشر، حيث وجهت إليهما تهماً جنائية بالاحتيال على مستثمرين دوليين، من بينهم مؤسسة بيل وميليندا جيتس، والمشاركة في مخطط عالمي ضخم للنصب بدأ منذ عام 2014 وحتى انهيار الشركة، والمبالغة في تقييم أداء صناديق الاستثمار وتضخيم أرباحها وأصولها.
ووجّه مكتب المدعي العام الأميركي لجنوب نيويورك تهماً لثلاثة مسؤولين تنفيذيين في أبراج، منها الاستيلاء على 250 مليون دولار من صندوق الرعاية الصحية الذي كانت مؤسسة بيل جيتس أحد أبرز المستثمرين به
الجديد في قضية مجموعة أبراج كابيتال هو تلك الاعترافات المثيرة لرئيسها التنفيذي، مصطفى عبد الودود، الذي أقر أمام محكمة أميركية بالاحتيال والكذب على المستثمرين، بل وابتزازهم، واعترف كذلك بممارسة النصب والاحتيال، بشأن المركز المالي للشركة.
عبد الودود تنتظره عقوبة تصل إلى السجن لمدة 125 عاماً في حال إدانته في التهم الجنائية الموجهة إليه وكذا عارف نقفي رئيس المجموعة، لكن ماذا عن المستثمرين العرب والأجانب الذين خسروا مليارات الدولارات في هذا الكيان المالي الهش الذي بنى سمعته على الغش والخداع والاحتيال والتدليس.