كشفت وثيقة حكومية، عن تحرك الصندوق السيادي الكويتي للتحوط من تداعيات فيروس كورونا الجديد على استثماراته المختلفة في مناطق متفرقة من العالم، حيث وضع "خطة طوارئ" سريعة، وأبلغ بها مكاتبه في مختلف بلدان العالم، خوفاً من تفاقم الآثار السلبية للعديد من القطاعات المالية.
وتأتي تحركات الصندوق السيادي الكويتي، بينما تكبدت أسواق المال العالمية أكثر من 6 تريليونات دولار خلال الشهرين الماضيين، بسبب الفيروس واسع الانتشار.
ووفق الوثيقة التي اطلعت عليها "العربي الجديد"، تستهدف الخطة الكويتية الخروج من عدد كبير من الاستثمارات في الأسهم، وتوجيه جزء من السيولة إلى الاستثمار في الأصول الثابتة والأقل مخاطر.
وأشارت إلى أنه جرت مطالبة مكاتب الهيئة العامة للاستثمار في الخارج، وعلى رأسها مكتبا لندن وشنغهاي، بتحويل دفة الاستثمارات من أسواق الأسهم إلى السندات والصكوك السيادية لبعض من الدول المستقرة، بالإضافة إلى دخول الأسواق العقارية المستقرة بعض الشيء في الوقت الحالي.
وبحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار، فإن الاستثمارات الخارجية تتوزع على نحو 130 دولة حول العالم، ويديرها 150 وكيلاً ومدير استثمار. ويعد الصندوق السيادي الكويتي رابع أكبر صندوق سيادي في العالم بإجمالي أصول تبلغ نحو 592 مليار دولار، حيث يحقق الصندوق سنوياً عوائد تصل إلى 9 في المائة، تضاف إلى أصول الصندوق ليعاد استثمارها خارج الكويت، ولا يستثمر أو يضاف منها أي مبالغ إلى الميزانية العام للبلاد، وذلك بحسب بيانات وزارة المالية.
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت، في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 2019، عن خطة الكويت لإدارة استثماراتها الخارجية خلال الخمسة أعوام المقبلة، حيث تستهدف البلاد إعادة هيكلة عدد من الاستثمارات، بالإضافة إلى إعادة التوزيع الجغرافي للاستثمارات الخارجية التي يديرها صندوق الثروة السيادي.
وكانت وزارة المالية قد دعت جميع الجهات الحكومية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى توخي الحذر من الدخول في أي استثمارات تزيد نسبة المخاطر فيها على 30 في المائة من إجمالي حجم الاستثمار، حيث كانت قبل هذا القرار الحكومي الجديد تزيد على 45 في المائة، وذلك خوفاً من الاضطرابات السياسية والتجارية التي كانت تهدد الاقتصادات العالمية والخليجية في هذا الوقت.
وقال مروان سلامة، المدير العام لمركز الدراسات الاستراتيجية الاقتصادية الخليجية لـ"العربي الجديد"، إن الهيئة العامة للاستثمار الكويتية أصبحت مطالبة بتوجيه دفة استثماراتها الخارجية، إلى استثمارات آمنة أو أقل مخاطر من غيرها، في ظل هذه الأزمة العاصفة التي تضرب الأسواق والاقتصاديات العالمية بسبب كورونا.
وأضاف سلامة أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة على الدولار في وقت سابق من مارس/آذار الجاري بمقدار 0.5 في المائة، ما يشير إلى وجود أزمة اقتصادية حقيقية تدق أبواب الاقتصادات العالمية، حيث قد يؤدي الهلع والخوف من كورونا إلى تدهور أسواق الأسهم أكثر خلال الفترة المقبلة.
وتابع قائلاً إن "الصندوق السيادي الكويتي يستثمر أموال الأجيال القادمة في البلاد، لذلك من غير المسموح المخاطرة بهذه الأموال، خاصة أن تقلبات النفط تستهلك الاحتياطي العام للبلاد، الذي يتوقع أن ينفد خلال 3 سنوات مقبلة، لذلك إن أموال الصندوق ستكون هي السند الوحيد للأجيال القادمة، في ظل عدم التقدم كثيراً نحو تنويع الاقتصاد، واستمرار الاعتماد على النفط".
وفي السياق، قال أحمد الهارون الخبير الاقتصادي لـ"العربي الجديد" إنه "ينظر إلى الأصول الخارجية على أنها مصدر أمان في مواجهة أي أزمات مالية أو اقتصادية محتملة، لذلك يجب الحفاظ عليها وتنميتها وتعزيز عوائدها وتنويع القطاعات التي تستثمر الدولة فيها".
وأضاف الهارون أن من المهم التحول نحو الاستثمارات الآمنة، التي في مقدمتها سندات الخزانة والسندات السيادية للدول التي تتمتع باقتصادات قوية، حتى تضمن البلاد أرباحاً جيدة تدعمها مالياً في المستقبل.
ويزيد فيروس كورونا من الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها الكويت، ولا سيما مع تهاوي أسعار النفط في الفترة الأخيرة، في ظل حرب الأسعار وإغراق الأسواق العالمية بالخام من قبل السعودية وروسيا بشكل خاص، بعد فشل منظمة أوبك والمنتجين المستقلين في التوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج في وقت سابق من الشهر الجاري.
وحذّرت وثيقة صادرة عن إدارة الاقتصاد الكلي، التابعة لمجلس الوزراء الكويتي، من تعرّض اقتصاد الدولة للانكماش خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 0.6%، و0.3% بنهاية العام، مقارنة مع توقعات سابقة بنمو 2.2%.
وتوقعت الوثيقة، وفق تقرير نشرته "العربي الجديد" الأسبوع الماضي، أن يقفز عجز الميزانية الحالية التي تنقضي بنهاية مارس/آذار الجاري، إلى 26 مليار دولار، مقارنةً بـ21 ملياراً مقدراً في الميزانية، وأن يصل في الميزانية المقبلة 2020-2021 إلى نحو 37 مليار دولار.