أثار توجه الحكومة المصرية نحو خصخصة قطاع السكك الحديدية، قلقاً متزايداً إزاء رفع أسعار تذاكر القطارات بنحو كبير خلال الأشهر المقبلة، فيما اتهم خبراء الحكومة بالفشل في إدارة أصول القطاع التي كان بمقدورها توفير عائدات كبيرة للدولة.
ووافق مجلس النواب المصري (البرلمان)، أمس الأحد، بصفة نهائية، على تعديل قانوني يسمح بخصخصة قطاع السكك الحديدية، فيما تعتزم الحكومة تطبيق زيادة في أسعار التذاكر بنسبة تصل إلى 200% اعتبارا من مطلع يوليو/تموز المقبل.
وتأتي موافقة البرلمان على تعديل القانون الخاص بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر، بعد ثلاثة أيام من تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي قال فيها إن "إعادة تأهيل شبكة السكك الحديدية تحتاج الكثير من الأموال، ومش معانا فلوس للتطوير.. أنا مش هادفع حاجة من جيبي، واللي جاي يقعد (المواطن) من سيدفع ثمنها".
وتسرع الحكومة للتخلص من تركة السكك الحديدية التي لم يطاولها التطوير منذ أكثر من عام، حسبما ذكر وزير النقل، هشام عرفات، أمام البرلمان، لكن خبراء في النقل والاقتصاد اتهموا الحكومة بالفشل في إدارة أصول السكك الحديدية، التي كان بمقدورها توفير عوائد كبيرة للدولة، وليس تكبد خسائر يتم تحميل المواطنين تبعاتها.
وبمقتضى التعديل الذي وافق عليه البرلمان، سيتم إشراك القطاع الخاص في إدارة وتشغيل وصيانة مشروعات البنية الأساسية، وشبكات هيئة السكك الحديدية على مستوى الدولة، إيذاناً بتحرير أسعار تذاكر القطارات.
ورفض رئيس البرلمان، علي عبد العال، طلب بعض النواب بإعادة مناقشة التعديل المقدم من الحكومة، قائلاً إنه "لا سبيل لإصلاح هيئة السكك الحديدية سوى بإشراك القطاع الخاص في إدارتها".
وتعهد وزير النقل بأن يشهد القطاع انفراجة حقيقية في منتصف 2019، من خلال إنشاء خطوط جديدة، واستخدام الإشارات الإلكترونية، وشراء جرارات (قاطرات) جديدة، وتطوير ورش الصيانة، كاشفاً عن وجود مخطط لتحويل كل القطارات إلى (VIP) بدرجات مختلفة، وإلغاء الدرجات العادية والمميزة.
وكان مجلس الوزراء قد أقر في وقت سابق من العام الجاري، زيادات كبيرة في أسعار تذاكر القطارات، بغرض تطبيقها اعتباراً من أول يوليو/ تموز المقبل، بنسب بلغت 200% للقطارات العادية (يرتادها ملايين الموظفين ومتوسطو الدخل والفقراء يومياً)، و40% لقطارات الدرجة الأولى (مكيفة)، و60% للدرجة الثانية، و20% لقطارات (VIP).
وقال الوزير إن المشكلات الرئيسية للقطاع تتضمن عدم إنشاء خطوط جديدة تستوعب زيادة عدد الركاب منذ عام 1950، والاعتماد على "جرارات" قديمة تعود إلى عام 1980، وعدم تطوير ورش السكك الحديدية منذ 1965، ما أدى إلى انهيار في مستوى الخدمة.
لكن حسام فودة، خبير قطاع النقل، قال لـ"العربي الجديد"، إن إعلان الدولة دخول القطاع الخاص في تسيير القطارات وتشغيل الخطوط ، بمثابة اعتراف بفشلها في إصلاح هذا المرفق الحيوي، رغم قدراته الكبيرة وأصوله الممتدة التي لم تستغل بعد.
وأضاف فودة: "كان يمكن توفير موارد ضخمة من استغلال الأراضي على جانبي الطريق الواقعة في حرم السكك الحديدية مما يمثل مورداً يغطي التكاليف ويسمح باستمرار دور الدولة لدعم هذا المرفق الحيوي". وسجلت خسائر هيئة السكك الحديدية 8.1 مليارات جنيه (458 مليون دولار) العام الماضي، بحسب المركز المالي لها.
وأعرب وائل النحاس الخبير الاقتصادي عن انفلات أسعار تذاكر القطارات في ظل السياسة الحالية، مشيرا إلى أن ذلك سيتسبب في ارتفاع معدلات التضخم وتفاقم أعباء المواطنين المعيشية.