طواف فرنسا بين التأجيل والإلغاء: خسائر اقتصادية ضخمة

21 ابريل 2020
إلغاء طواف فرنسا سيكون كارثياً على الجميع (Getty)
+ الخط -

لا يُعتبر طواف فرنسا معلماً فرنسياً مهما في روزنامة الأحداث السنوية فحسب، بل هو شريان اقتصادي لرياضة الدراجات الهوائية الاحترافية، ما يدفع معنيين بعالم هذه الرياضة لإبداء خشيتهم من الآثار السلبية لاحتمال إلغائه بسبب فيروس كورونا الذي ينتشر في جميع دول العالم تقريباً.

وفي هذا الإطار هناك معلومات تُشير إلى أن اللجنة المنظمة لطواف فرنسا ستتخذ قريباً قراراً مصيرياً بشأن إقامة السباق من عدمه، وهو الذي ينطلق عادةً من مدينة نيس الجنوبية في 27 يونيو/حزيران، وينتهي على جادة الشانزيليزيه الشهيرة في العاصمة الفرنسية باريس في 19 يوليو/تموز.

وأصبح المنظمون مجبرين الآن على إرجاء السباق أو حتى اتخاذ القرار الأصعب بالإلغاء، بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حظر جميع التجمعات العامة حتى منتصف شهر يوليو، مع تمديد الإغلاق والحجر حتى 11 من شهر مايو/أيار.

وأكد الرئيس الفرنسي مساء الإثنين للمجموعة الإعلامية المحلية "إيبرا" أن طواف فرنسا لن يقام في شهر يوليو، نتيجته قراره بحظر التجمعات العامة. ولن يكون ملايين المشاهدين الذين يتسمرون أمام الشاشة لمتابعة مراحل الطواف والمعارك المثيرة بين الدراجين لا سيما في المراحل الجبلية التي تقام وسط مناظر خلابة، الجهة المتضررة الوحيدة بحال إلغائه، بل سيطاول ذلك الفرق المشاركة التي يبلغ عددها 22 فريقا لنسخة عام 2020.

خسائر اقتصادية

يُشير الباحث في مركز الأبحاث العلمية في فرنسا جان-فرانسوا مينيو، مؤلف كتاب عن عالم الدراجات بعنوان "تاريخ طواف فرنسا"، إن "الإلغاء سيفتح الباب أمام انهيار اقتصادي في قطاع رياضة الدراجات". في وقت يرى رئيس فريق "غروباما-أف دي جي" مارك ماديو أنه "بكل بساطة، إذا لم يقم طواف فرنسا، يمكن لبعض الفرق أن تختفي، في حين سيجد الدراجون والعاملون في هذا القطاع أنفسهم من دون عمل". وتقدر ميزانية الفريق الذي يرأسه ماديو بعشرين مليون يورو سنوياً.

في المقابل لا تقتصر المخاطر على الجوائز المالية التي تدفعها الشركة المنظمة لطواف فرنسا ("آ أس أو") والتي وصلت قيمتها في نسخة العام الماضي إلى 2.3 مليون يورو، بل تتخطاها الى الشركات الراعية. ويقول مينيو في هذا الإطار "بالنسبة الى الكثير من شركات الرعاية للفرق، فالسبب الوحيد للتواجد في رياضة الدراجات وليس في مكان آخر، هو طواف فرنسا".

ويتابع مينيو حديثه: "إذا كانت الشركات تنفق الأموال، فذلك لأن المتفرجين يرون علاماتها التجارية على قمصان الدراجين خلاله، لأن الطواف هو سباق الدراجات الذي يتابعه عشاق هذه الرياضة بأعداد ضخمة". في وقت يُشير برونو بيانزينا المدير العام لوكالة "سبورت ماركت" التسويقية "قلة من الرياضات تعتمد بشكل كبير على حدث واحد، لا سيما وأن السباق تابع لشركة من القطاع الخاص وغير مرتبط باتحاد معين".

وبفضل موارد حقوق النقل التلفزيوني وشركات الرعاية، أصبح طواف فرنسا منتجاً يدر ذهباً لشركة "آ أس أو" منذ منتصف الثمانينات، حيث ارتفعت أرباحها من خمسة ملايين إلى 50 مليون يورو على مدى العقدين الأخيرين، بحسب التقديرات في كتاب جان-فرانسوا مينيو.

وتملك الشركة الفرنسية حقوق سباقات عدة في عالم الدراجات الهوائية، أبرزها "لا فويلتا" الإسباني وباريس-نيس ودوفينيه الفرنسيين، بالاضافة الى سباقات تقليدية مثل باريس-روبيه.

وتحجم "آ أس أو" عن إعلان أرباحها المادية، لكن شركة "سبورسورا" قدرت رقم أعمال نسخة 2019 من طواف فرنسا بنحو 130 مليون يورو، بينها ما بين 40 الى 50 في المئة من شركات الرعاية، و50 الى 55 في المئة من حقوق البث التلفزيوني، إضافة الى نسبة تراوح بين 5 و10 بالمئة من الايرادات التي تجنيها من القرى أو البلدات التي تستقبل الانطلاق أو نهاية السباق.

وبالنسبة للمراقبين، سيشكل غياب طواف فرنسا 2020 ضربة قوية لشركة "آ أس أو" التي تنظم أيضاً رالي دكار الصحراوي الشهير. ولم تعلق الشركة على أسئلة وكالة "فرانس برس" بشأن هذا الأمر. وعلق برونو بيانزينا قائلا إن "طواف فرنسا هو البقرة الحلوب" للشركة المنظمة.

وأخيراً لن تقتصر الخسائر على الشركة، بل ستطاول أيضاً رعاة الطواف لأنه فرصة فريدة من نوعها للوصول الى أكبر عدد من الجماهير عبر الشاشات، لكن أيضاً من خلال القافلة التي تمضي خلف الدراجين خلال السباق للقيام بعملية الترويج (31 علامة تجارية ومؤسسة في 2019).

وبحسب "سبورسورا"، يدفع أصغر شريك إعلاني لطواف فرنسا مبلغاً يتراوح بين 250 و300 ألف يورو، بينما تشير التقديرات إلى أن مصرف "أل سي أل"، الراعي الرسمي للقميص الأصفر الذي يرتديه متصدر الطواف خلال المنافسات، يساهم بحوالى 10 ملايين يورو منذ 1987.

ويخشى أن يكون لإلغاء الطواف انعكاس ليس فقط على الوضع الرياضي والمالي للفرق، بل أيضاً على الوضع السياحي لمناطق فرنسية، خصوصاً مع تنوين بيانزينا بأن الطواف هو أفضل ترويج للسياحة في فرنسا. فكيف ستسير الأمور بالنسبة لطواف فرنسا في الأشهر القادمة وهل سيُتخذ قرار التأجيل أو الإلغاء مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية ضخمة؟


(فرانس برس)

المساهمون