خروج ليفربول، حامل لقب دوري أبطال أوروبا، كان بمثابة الحدث في ثمن نهائي المسابقة على يد أتلتيكو مدريد، الذي كبد الليفر أول خسارة له على ميدانه منذ سبتمبر 2018، بعدما فاز عليه ذهاباً وإياباً بشكل مثير ومستحق، لكن هذا لا يقلل من قيمة ليفربول الذي لم يكن سيئاً في الأنفيلد، ودفع ثمن أخطاء حارسه الاحتياطي أدريان في غياب العملاق أليسون.
البعض تحدث عن عبقرية سيميوني التي تفوقت على كلوب، في وقت صنع الحارس يان أوبلاك الفارق بوقوفه سداً منيعاً أمام كلّ محاولات رفقاء صلاح، الذين كانوا متقدمين بهدفين لصفر بعدما سددوا أكثر من ثلاثين كرة تجاه المرمى، ولعبوا المباراة في منطقة الخصم قبل يدفعوا ثمن أخطاء حارسهم في سيناريو قاسٍ جداً لم يكن يتوقعه أحد لأحسن فريق في العالم حالياً.
المحللون تحدثوا عن خسارة ليفربول أكثر من الحديث عن فوز أتلتيكو قاهر الكبار الذي عودنا على إطاحة من هو أفضل وأكبر منه، رغم أن نسخة الفريق الإسباني لهذا الموسم ليست الأقوى في العشر سنوات الماضية، لكن صدمة خروج ليفربول جعلت الكلّ يركز على تفسير وتبرير الإقصاء بأخطاء الحارس أدريان ونسيان تألق يان أوبلاك في الجهة المقابلة، كما ركزوا على السيطرة والاستحواذ والفرص العديدة التي صنعها ليفربول، من دون أن يركزوا على صلابة المنظومة الدفاعية للأتلتيكو وفعالية هجومه الذي سجل ثلاثة أهداف من أربعة فرص سانحة على مدى ساعتين من اللعب.
المحللون تحدثوا عن خيبة كلوب أكثر من حديثهم عن حنكة دييغو سيميوني، الذي لعب على قدراته وإمكانياته في التكتل في الخلف، والاعتماد على الهجمات المعاكسة في سيناريو يعرفه العام والخاص، لكن كلّ التحليلات أجمعت على أن كلوب دفع ثمن أخطاء حارسه، وثمن لعب كلّ مباريات الموسم بنفس التشكيلة في غياب البدائل لثلاثي الهجوم، الذي أرهقته المباريات وضغوطاتها لدرجة لم ينجح فيها فيرمينيو من التسجيل في الأنفيلد منذ قرابة العام في الدوري الإنكليزي، ولم ينجح صلاح وساديو ماني في صناعة الفارق في مواجهة أتلتيكو.
المحللون تحدثوا أيضاً عن خيبة إقصاء ليفربول بدوري الأبطال، وأغفلوا الحديث عن لعنة خروج الفريق من مسابقتي الكأسين المحليتين للرابطة والاتحاد الإنكليزي أمام تشلسي، وخسارته القاسية أمام واتفورد في الدوري، في سيناريو لم يكن متوقعاً أيضاً لكنه مثير للتساؤلات، يوحي بأن الفريق لا يقدر على التركيز سوى على مسابقة واحدة في الموسم، ولا يملك البدائل الفنية التي تسمح له بالمنافسة على كلّ البطولات بانتهاج سياسة التدوير مثل غوارديولا، الذي يملك دكة بدلاء توازي وتفوق أحياناً مستوى اللاعبين الأساسيين خاصة، وتسمح له بالمنافسة على كل الجبهات.
تعليقات وتحاليل أخرى كثيرة في إنكلترا وأوروبا ركّزت على أسباب إقصاء ليفربول، من دون أن تقلل من قيمة الإنجاز الذي حققه أتلتيكو مدريد الذي استحق التأهل بعد فوزه على منافسه ذهاباً وأياباً، لكن كلّ المتتبعين راحوا يتطلعون لردود فعل كلوب واللاعبين بعد المباراة التي تميزت بتضامن كبير بينهم وبين الجماهير، وخاصة مع حارسهم أدريان، لأنهم يؤمنون بثقافة الفوز والخسارة سوياً.
كلوب لم يخرج عن المألوف وراح يعد بالعودة عندما قال: "سنعود ثانية.. هذا وعد"، وهو نفس الوعد الذي قطعه على نفسه في كييف بعد خسارة نهائي دوري الأبطال سنة 2018 أمام الريال بسبب الحارس الألماني لوريس كاريوس آنذاك، ليعود ويتوج في السنة التالية أمام توتنهام، ومثلما وعد نهاية الموسم الماضي عندما خسر لقب الدوري أمام السيتي ليعود هذا الموسم ويتوج بجدارة قبل الأوان.
يبدو أن ليفربول لم يتخلص من لعنة حراس المرمى التي تلاحقه عندما يغيب حارسه الأساسي في المواعيد الكبرى، وربما هذه المرة هي لعنة سيميوني وأتلتيكو التي تبقى هاجساً أمام الكبار، لكن يبقى الريدز يحظى بكلّ الاحترام على وصوله مرتين متتاليتين إلى نهائي دوري الأبطال، وتتويجه بلقب الموسم الماضي ولقب دوري هذا الموسم قبل الأوان بفارق كبير عن السيتي.