بين ميلان ونابولي.. صانع لعب واحد لا يكفي!

20 أكتوبر 2015
+ الخط -



فاز برشلونة بالخمسة على رايو فايكانو في مباراة الأسبوع بالليغا الإسبانية، ولكن فريق المدرب باكو خيميز ترك ذكرى رائعة، لأنه سحب أهم مزايا برشلونة وضمها لمصلحته، بعد أن سيطر تماماً على أجواء اللعب، وضغط بشكل كلي على وسط برشلونة، لتزيد أهمية ميسي داخل صفوف الكتلان، نظراً لأنه الوحيد القادر على الهروب من هذه الكماشة، خصوصاً مع غياب إنييستا. وتقودنا المشاكل الأخيرة للبارسا إلى ضرورة الحديث عن أهمية لاعبي الوسط، بالتحديد النوعية التي تجيد التحكم في الكرة، وأخذها إلى أماكن بعيدة عن الضغط.

السيطرة
ليس الغرض من فكرة التمرير أن تنتقل الكرة من لاعب إلى آخر، بل يدور السبب الرئيسي حول فتح الفراغ المطلوب، من خلال إجبار الخصم على ترك أماكنه طمعاً في الحصول على الساحرة المستديرة، وبالتالي من الممكن تحريكه بعيداً عن مناطقه، أي محاولة البحث عن إطار عام يجمع بين التحرك والتمركز في لعبة واحدة.

كذلك يعتبر مسمى "الاستحواذ" في كرة القدم بمثابة العبارة غير مكتملة الأركان، لأن الهدف داخل الملعب هو "السيطرة" على مجريات اللعب، والتحكم في نسق المواجهة، على طريقة متى يهاجم الفريق، أين يمرر، كيف يضرب منافسه، وفي أي منطقة يجب أن يدافع وهكذا، إنه التحكم الذي يُعرف عالمياً بالـ Match Control.

لذلك زاد خيار الضغط في السنوات الأخيرة، لأن كل فريق يريد حرمان الآخر من رفاهية التحكم، بالانقضاض عليه سريعاً، ومحاولة منعه من التصرف في الكرة في الأماكن الحاسمة، وبالتالي زادت أهمية اللاعبين الذين يجيدون قراءة المباريات، ونقل الهجمة من أي مركز إلى قلب الهجوم في جزء من الثانية، وأصبحت الحاجة إلى أكثر من صانع لعب أمر أقرب إلى السؤال الإجباري منه إلى الاختياري في مختلف الفرق الكبيرة.

معضلة ميلان
انتشر في الأوساط الميلانية خبر مفاده أن بيرلسكوني، مالك ميلان، التقى مع المدير الفني سينسا ميهايلوفيتش، وتحدثا سوياً عن أحوال الفريق، قبل أن يطلب منه الرئيس اللعب مثل برشلونة وبايرن ميونخ. ورغم أن المدرب الصربي قد نفى القصة تمامأً، إلا أن سيلفيو يُصر على رؤية نسخة عظيمة الجودة من ميلان خلال الفترة المقبلة.

لكن مع التشكيلة الحالية والأسماء المتاحة للمدير الفني، فإن الأمر يبدو وكأنه أشبه بالمستحيل، نظراً لعدم تواجد القماشة التي تساعد الميلان على استعادة الكرة الجميلة المعروفة عنه، ولنا مثال في مباراة تورينو الأخيرة، صحيح أن الميلان تقدم في النتيجة، لكنه فشل في الحفاظ على التقدم أكثر من 10 دقائق، نتيجة فشله في التحكم والسيطرة خلال دقائق الحسم.

يقدم بونافينتورا أداء استثنائياً أخيراً، لكنه يلعب وحيداً وسط مجموعة من الجيدين، لا أكثر ولا أقل. فالسؤال ليس أبداً أن يلعب الفريق بخطة 4-4-2 أم 4-3-3، بثنائي هجومي أم بمهاجم واحد، ولكن يكمن الفارق في صناعة اللعب من الوسط، حينما يتضاعف الضغط على لاعبي الهجوم في الثلث الأخير.

لذلك يلعب ميلان بالثنائي باكا وأدريانو، لكن من دون وجود صانع لعب حقيقي في الخلف، وفي حالة اللعب بمهاجم واحد فقط مع ثنائي على الأطراف، فإن بونافينتورا هو الوحيد القادر على إيصال الكرات تحت الضغط، وبالتالي يفتقد الروسونيري إلى اللاعب الذي يلجأ له زملاؤه عندما تسوء الأمور في الأمام، إلى صانع لعب آخر في الخلف.

نجاح نابولي
اتجهت كل الأنظار إلى الجوزيبي مياتزا لمتابعة ديربي إيطاليا بين إنتر ويوفنتوس، لكن القمة الحقيقية لهذا الأسبوع كانت في السان باولو، حيث مواجهة نابولي ساري ضد فيورنتينا سوزا، خصوصاً أن المباراة كانت بين مدرب يعشق الفكر الهجومي، وآخر يجيد التحفظ الدفاعي، لذلك جاءت مختلفة في معظم تفاصيلها، حتى صافرة الحكم.

لعب نابولي بخطة أقرب إلى 4-3-3، بينما اختار سوزا خيار الثلاثي الخلفي مع 3-4-2-1 من أجل إغلاق كافة المساحات أسفل الأطراف، المنطقة التي يعرف ساري من أين تؤكل الكتف خلالها، لذلك لعب الفيولا بالثنائي كوبا وتيموفيتش على اليمين، وبكل من ألونسو وأستوري على اليسار، فقلت الفراغات أمام المهاري إنسيني، والإسباني السريع كاييخون، مع إغلاق كافة المنافذ أمام انطلاقات الأظهرة، خصوصاً النجم العربي فوزي غولام.

ومع تشديد الخناق على صناع اللعب في الثلث الهجومي الأخير، زادت قيمة لاعب الوسط القادر على صناعة الفرص من الخلف، فظهر البرازيلي آلان ماريز لوريور في دور البطل، من خلال قيامه بنقل الهجمة من الدفاع إلى الهجوم عبر الوسط، بالإضافة إلى تحكمه الشديد بالكرة، وتميّزه في أنصاف المسافات، أي المناطق التي يتركها فيورنتينا بين الظهير وقلب الدفاع، بين ألونسو وأستوري، وجد آلان ضالته في الطريق نحو الفوز.

وجود كل من إنسيني، وهامسيك، وهيغواين، ثم ميرتينز، في مناطق قريبة جداً من مرمى الفيولا، لكن آلان كان الفارق الرئيسي، لأنه ساهم بتحركاته وقدراته في تخفيف الضغط على أسماء الهجوم، وسحب دفاعات سوزا بعيداً عن مناطق الخطر، في دليل واضح على أهمية تعدد صناع اللعب داخل الفرق التي تبحث عن البطولات.

المساهمون