كرة اليد العربية..أزمات متواصلة وغياب التطور..وهذه هي الأسباب

24 ديسمبر 2018
قطر تشهد تطوراً كبيراً على مستوى اللعبة (Getty)
+ الخط -
إذا كان هناك رياضة تفتقر إلى هوية واضحة فحتماً هي كرة اليد، فقد تنازعتها أصول متعددة، كرتها تُشبه كثيراً الكرة الطائرة، لكنها أقلّ حجماً وأثقل وزناً، وكان العرب من بين الشاهدين والموقِّعين على "صكّها".

بعد التألق الكبير لتونس في أولمبياد ميونخ عام 1972، أصبح العرب حاضرين باستمرار في محافلها، بل إنهم لم يقووا على مقارعة الكبار جماعياً إلا في هذه الرياضة، فمصر باتت من الدول الست الأوائل وأحرزت كأس العالم للشباب، والجزائر سطَّرت اسمها في لائحة المشاركين 13 مرة متتالية ببطولة العالم، كأكثر المنتخبات العربية والأفريقية مشاركة، تليها مصر 12 مشاركة وتونس 11 والكويت 8 والمغرب والسعودية 6 وقطر 4 والبحرين مشاركة واحدة.

لم يقتصر الأمر على هذه النتائج فحسب، إذ كانت أفضل إنجازات العرب في بطولة العالم بفرنسا عام 2001 باحتلال منتخب مصر المركز الرابع، وفي بطولة العالم التي احتضنتها تونس عام 2005، جاء "نسور قرطاج" في المركز الرابع كذلك، فيما أحدثت قطر نقلة نوعية على المستويين الآسيوي والعالمي مع وصولها إلى نهائي بطولة العالم التي نظمتها في عام 2015، ونالت حينها الفضية.

نبذة عن رياضة كرة اليد
تشكّلت لعبة كرة اليد في صورتها الحالية بنهاية القرن التاسع عشر في أوروبا الشمالية، وتحديداً في الدنمارك وألمانيا والنرويج والسويد، إذ يعود الفضل للدنماركي "هولغر نيلسن" في رسم قواعد لعبة كرة اليد بشكلها الحالي في عام 1898، وقام بنشرها عام 1906، وقام المجلس التشريعي في الاتحاد الدولي للرياضيين الهواة بتكليف لجنة متخصصة لرسم القواعد الدولية، التي نظمت مباريات كرة يد في عام 1926، وبعدها بعامين تشكل الاتحاد الدولي لهواة كرة اليد، فيما تشكل الاتحاد الدولي لكرة اليد في عام 1946.

ونظّم الاتحاد الدولي لكرة اليد، بطولة العالم للرجال بكرة اليد عام 1938، التي كانت تُعقد كل 4 سنوات حتى بطولة العالم التي عقدت في آيسلندا عام 1995، وبعد ذلك أصبحت المسابقة تُعقد كل عامين، ويبلغ عدد الأعضاء بالاتحاد الدولي لكرة اليد 159 عضواً، إذ يتألف الاتحاد الدولي من خمسة اتحادات قارية، تتبلور مهمتها في تنظيم بطولات القارات التي تعقد بصفة دورية كل عامين، بالإضافة إلى تنظيم مباريات دولية بين الأندية، ويقوم الاتحاد الدولي بتنظيم بطولتين (بطولة العالم لكرة اليد للرجال والنساء – وبطولة العالم للأندية "سوبر غلوب").



وتقوم القارة الآسيوية بتنظيم البطولة الآسيوية للرجال والنساء، وبطولة الأندية الآسيوية لأبطال الدوري وتضم 35 عضواً، وبالانتقال إلى القارة الأفريقية، فإنها تنظم بطولة الأمم الأفريقية لكرة اليد، ودوري الأبطال "كأس الكؤوس الأفريقية" وكأس أفريقيا، وتضم 46 عضواً.
قطر والبحرين تقودان "ثورة" كرة اليد بقارة آسيا.

لا يُمكن إغفال تطور قطر في السنوات الأخيرة، ونجاحها تحديداً في عام 2018، إذ حققت قطر لقب بطولة آسيا وكذلك الألعاب الآسيوية، وهذا الأمر يؤكد أنها قادرة على الذهاب بعيداً في البطولات العالمية في السنوات المقبلة.

من جانبٍ آخر تُعد البحرين من الدول المتطورة جداً في الوقت الحالي على مستوى كرة اليد، ذلك أنها حققت إنجازاً غير مسبوق باختيار اتحادها كأفضل اتحاد آسيوي في القارة، فالسجل الناصع لكرة اليد البحرينية على المستوى الخارجي لم يتأخر طويلاً في الانطلاق، الأندية البحرينية تركت بصمتها على الساحة الخليجية بصورة لافتة وتمكنت من فرض سيطرتها المطلقة على اللعبة من خلال تحقيق النادي الأهلي ثماني بطولاتٍ من الذهب، وهو ما يمثل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز ببطولات الأندية الخليجية لكرة اليد.

مرحلة التطور التي تشهدها كرة اليد البحرينية، أكدها الإنجاز الأخير لمنتخب الناشئين الذي توّج ببطولة كأس آسيا تحت 16 عاماً والتي اقيمت في العاصمة الأردنية (عمّان) بعد تغلبه على اليابان في المشهد الختامي، ليخطف بطاقة العبور إلى مونديال الناشئين.

أفريقيا .. صراع ثلاثي
يُعتبر المنتخب الجزائري من أفضل المنتخبات الأفريقية في "القارة السمراء"، إذ توّج ببطولة كأس الأمم الأفريقية 7 مرات وأحرز لقب كأس العالم للقارات مرة واحدة، ودورة الألعاب الأفريقية 4 مرات، وعلى مستوى الأندية، تحتل فرق الجزائر المركز الثاني بعدد مرات التتويج بلقب دوري أبطال أفريقيا (13 مرة)، فيما تعتبر أندية مصر الأكثر تتويجاً برصيد 16 لقباً.

الصراعات على الألقاب بين الأندية في القارة الأفريقية، دائما ما تكون محصورة بين الأندية المصرية والتونسية والجزائرية، إذ إن مؤشر التفوق على مستوى بطولة كأس أفريقيا للاندية يمنح الجزائر أفضلية مطلقة برصيد 12 لقباً، مقابل 9 لتونس و7 لمصر، وفي كأس السوبر الأفريقي لا يختلف الترتيب كثيراً، فأندية الجزائر توّجت بالكأس 9 مرات مقابل 5 لمصر و 4 لتونس.

بطولة الأمير فيصل بن فهد العربية للأندية تقام في صفاقس حاليا إلى 29 كانون الأول / ديسمبر الحالي، حظيت بمشاركة 10 أندية فقط، منها 6 أندية أفريقية و4 آسيوية، وهي صورة بل برهان حقيقي على حجم التراجع الذي بدأ يضرب كرة اليد العربية بشكل عام رغم توفّر الإمكانات، لكن إهمال الفئات العمرية وتهميش اللعبة في الأندية لصالح كرة القدم، وعدم اختيار الكفاءات التدريبية أدى لاضعاف عملية الإعداد والتخطيط والتنظيم، الأمر الذي ساهم بتقليل فرصة الاحتكاك الدولي للمنتخبات العربية، إذ إن رصيد عرب آسيا في المحافل العالمية لا يزال متواضعاً.
المساهمون