فيديو..الرسام..قليل من زيدان كثير من لاودرب ومزيد من إنيستا

أحمد مختار

avata
أحمد مختار
08 يونيو 2015
C5634AE4-CAAE-4F0C-B23C-4A9FE8C9DE43
+ الخط -


"سألعب النهائي في برلين، حتى وإن كنت غير جاهز بنسبة 100%، هذه المسألة محسومة بالنسبة لي، ولا تغيير أبداً في موقفي مهما حدث"، هكذا تحدى أندريس إنيستا الجميع قبل ساعات قليلة من نهائي برلين، لينفذ وعده ويصل إلى المباراة في أفضل حالاته الفنية، ويقدم مباراة عظيمة نال على إثرها جائزة رجل اللقاء، رغم وجود نجوم كبار داخل الملعب، كميسي، ونيمار، وسواريز، وبوجبا، وماركيزيو، والبقية.

ليست المرة الأولى التي يحصل فيها أندريس على لقب رجل المباراة، فقد فعلها من قبل في نهائي كأس العالم 2010، ونهائي بطولة أوروبا 2012، ليجمع المجد من جميع أطرافه، ويقدم نفسه كرجل النهائيات الأول، سواء لبرشلونة أو منتخب إسبانيا. إنه اللاعب الأوروبي الأول في التاريخ الذي يحقق سبع بطولات قارية كبيرة، كأس العالم مرة، بطولة أوروبا مرتين، ودوري الأبطال أربع مرات، في سابقة تؤكد أن هذا اللاعب من طينة مختلفة، من طينة العظماء!

خارج السرب
هل من الممكن تصنيف إنيستا فنياً وتكتيكياً!؟ للإجابة على هذا السؤال يجب تحديد مركز الرقم 8 داخل الملعب، هل هو لاعب وسط صريح؟ أم وسط هجومي متقدم؟ أم ارتكاز مساند؟ أم جناح على الخط؟ أم صانع لعب كلاسيكي؟ أم ماذا؟ وإنيستا هو الشامل الذي يجمع كل هذه الصفات في مركز واحد داخل المستطيل الأخضر، لأنه يسير بالكرة ضد قوانين التخصص، ويحاول التحليق بعيداً عن السرب الخاص بالتعقيد والمسميات غير الضرورية.

هناك صناع لعب على الطريقة الكلاسيكية، كزيدان ورفاقه في حقبة التسعينيات، ثم تغيرت قواعد اللعبة قليلاً، وصارت أقرب للمتطلبات البدنية المضاعفة، لذلك أصبح صانع اللعب محاطا بثنائي من الأجنحة وثنائي من محاور الارتكاز، فيما يعرف فنياً بصانع اللعب في المركز 10 خلال طريقة لعب 4-2-3-1، أوزيل، ماتا، سيلفا، وغيرهم ملوك هذه الفكرة، وتوجد نوعية ثالثة غير تقليدية كمودريتش، وبيرلو، وتشافي، في حضرة صناع اللعب من الخلف.

وحده إنيستا يستحضر فنون اللعبة من منظور مختلف، ويقرر التحرك في كل مكان بالملعب، يعود ليساند زميله على الدائرة، ثم يصعد للأمام ويصبح مهاجما متأخرا، قبل أن يعود ويتحول إلى مركز الجناح على الخط، ومن الممكن العودة إلى الخلف واستلام الكرة من أجل المراوغة كما فعل أمام باريس بالأبطال.

من نفس الكوكب
يقول بوفون عن ليونيل ميسي، "إنه لاعب غير آدمي، قادم من كوكب آخر، يلعب فقط مع سكان الأرض خلال المباريات". يحاول الحارس الإيطالي القدير إلقاء مزيد من الضوء حول الأرجنتيني رقم 10، وإذا كان ميسي حقاً من مجرة أخرى، فإن إنيستا وأمثاله يحاولون تقديم صورة مشرفة لأنصار هذا الكوكب، صحيح أنها أقل بريقاً ومتعة من سحر ليو، لكنها مختلفة أيضاً ولها عدد لا بأس به من المعجبين.

الرسام من نوعية اللاعبين الذين يضحون من أجل فريقهم، لا يحاول تسجيل أهداف عديدة أو فرض نفسه على الآخرين، لكنه مفيد جداً على صعيد بناء اللعب وتجهيز الهجمة، وتحديد الإطار الرئيسي الذي يتحرك فيه الفريق خلال المباريات الكبيرة. ويمتاز إنيستا بأنه لاعب وسط يصلح لأي نظام تدريبي، فغوارديولا استخدمه لضبط عملية التمركز والانطلاق إلى التاريخ من بوابة الوسط.

وحينما جاء لويس إنريكي وقرر الاعتماد أكثر على ثلاثي الهجوم ولاعبي الأظهرة، لم يغضب إنيستا أو يحاول الفرار، بل وظّف نفسه بذكاء وفق النظام الجديد، ورضى بدور العامل المساعد الذي يقوم بالتغطية في الخلف أثناء تقدم ألبا، ويصنع ثلاثية الهجوم رفقة نيمار والظهير المتقدم.

يفتح أندريس المساحات، ويخلق الفراغات لزملائه، يكسر سرعة دفاع المنافس، بمعنى أن ميسي يستلم الكرة، يمكن التمرير لنيمار وبالتالي ستكون اللعبة متوقعة، لكن وجود انيستا في الوسط بين ميسي ونيمار، يجعل هناك خيارات أكبر أمام حامل الكرة، ويساهم أيضاً في خلق مساحة أكبر لتحرك البرازيلي على الرواق الأيسر.

العبقرية الفنية
"مثل معظم الفنانين الكبار، أعمال مايكل لاودرب لم تحصل على قيمتها الحقيقية إلا بعد رحيله"، مقولة شهيرة يرددها الكاتب الانجليزي بوب براون عن الدنماركي الذي لم يتكرر، لأن جميع المتابعين عرفوا جيداً قيمة وعبقرية لاودرب بعد اعتزاله اللعبة، خصوصاً أن الطريقة التي زاول بها الكرة كانت غريبة بعض الشيء، وغير متكررة سواء مع من سبقوه أو خلفوه في مراكز صناعة اللعب على مر التاريخ.

عقل بيكنباور، ديناميكية كرويف، القدرات التقنية لجورج بيست، متعة زيكو، رؤية سقراط، كل هذا قد تم تجميعه ووضعه داخل عقل وقلب وبين أقدام الفنان الدنماركي. صانع اللعب السابق لعصره، الذي لعب خلال حقبة الثمانينايت والتسعينيات، لكنه كان قادرا بقوة على التألق خلال الأيام الحالية، لأنه قرأ المستقبل سريعاً وعرف أن القادم سيكون للعالمية، وعدم التقيد بمركز واحد أو مكان ثابت داخل الملعب.

أسماء قليلة جداً حينما تتحدث عنها فإنك تضع لغة الأرقام والإحصائيات جانباً، منهم مايكل الفنان، وأنيستا الرسام. لأنهم يقومون بعمل حقيقي في التجهيز للهدف والتحضير للتمريرة الحاسمة، بتحركهم المستمر في وبين الخطوط، وكسرهم لتجهيزات الخصوم بتمريرة بينية أو تمركز مفاجئ.

المباريات الكبيرة
اختلفت أم اتفقت على عبقرية الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان، فأنت في النهاية أمام لاعب يعرف من أين تؤكل الكتف في كافة المباريات الكبيرة، إنه الرجل الذي دمر البرازيل في 98، وأعاد السيطرة مرة أخرى في مونديال 2006، وكان دائماً حاضرا بقوة في مختلف النهائيات المهمة، لامتلاكه شخصية فولاذية تساعده على التألق المستمر في أهم المواجهات، وحمل فريقه ومنتخب بلاده على عاتقه في الأوقات الحاسمة.

غاب زيزو عن بعض مباريات كأس العالم في 1998، لكنه وضع بصمته الخاصة في النهائي الكبير، وبعد مرور سنوات عديدة، اعتقد الجميع أن زمنه قد ولى وانتهى، لكنه قدم مونديالا عبقريا في ألمانيا ووصل بالديوك إلى آخر مباراة في البطولة، مع هدفه التاريخي أمام باير ليفركوزن في نهائي دوري أبطال أوروبا 2002، لذلك يعتبر زيدان من نوعية النجوم أصحاب البصمة الواضحة خلال اللحظات المصيرية.

وكما يتفق إنيستا مع مايكل في اللمسة الفنية رفيعة المقام، فإنه أيضاً يشبه زيدان كثيراً في كونه رجل المباريات الكبيرة، لدرجة تفوقه على الفرنسي على الصعيد الأوروبي، بتألقه في أربعة نهائيات لذات الأذنين، بالإضافة إلى بطولتي يورو.

في النهاية إنيستا ليس لاودرب أو زيدان، لأن كل نجم من الثلاثي له مزاياه الخاصة وشخصيته المتفردة، لكن الرسام الإسباني نجح بامتياز في صناعة لوحة فنية فائقة الجمال، تعكس قدراته الكروية غير العادية التي وضعته في مصاف العظماء على مر تاريخ هذه اللعبة.

اقرأ أيضا..

بالفيديو.. نيمار يطلب "ماكدونالدز" من الجماهير في احتفالية البرسا



 
 

ذات صلة

الصورة
جولي من أساطير برشلونة (العربي الجديد/Getty)

رياضة

يُعتبر النجم الفرنسي لودوفيك جيولي من أبرز اللاعبين في تاريخ نادي برشلونة الإسباني لكرة القدم، وقد حل اللاعب السابق لمنتخب الديوك ضيفا على "العربي الجديد".

الصورة

رياضة

ساءت علاقة النجم الأرجنتيني، ليونيل ميسي بناديه باريس سان جيرمان على ضوء تصرفاته في الفترة الأخيرة، إضافة للخروج من دوري أبطال أوروبا وسلسلة نتائج سلبية بالدوري المحلي.

الصورة
Iturralde Gonzalez

رياضة

كشف الحكم الإسباني السابق إدواردو إيتورالدي غونزاليس، في حديثه مع "العربي الجديد"، عن مواضيع عديدة، بينها أحداث دارت في الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة، وكذلك أصعب مواجهة قادها.

الصورة

سياسة

أعلنت رئيسة بلدية برشلونة، أدا كولاو، قطع العلاقات الرسمية للمدينة مع الاحتلال الإسرائيلي، متهمة إياها بارتكاب "جريمة الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني".
المساهمون