كارل مجاني... نهاية مشوار محارب بعيداً عن أرض المعركة

14 فبراير 2020
مجاني قدّم الكثير لمنتخب الجزائر (Getty)
+ الخط -
يبدو أن الخروج من الباب الضيق أصبح السمة الغالبة على نهاية مشوار معظم لاعبي المنتخب الوطني الجزائري، البداية كانت مع الأسطورة لخضر بلومي، الذي أنهى مشواره بالحرمان من لعب كأس أفريقيا 1990، ليجد نفسه يشاهد أول تتويج للجزائر بالتاج الأفريقي على شاشة التلفزيون. الأمر نفسه تكرر مع كريم زياني، اللاعب الذي لم يفاضل ولم يفكر ليختار الجزائر، وكان الرقم الصعب في معادلة التأهل لكأس العالم 2010، ليجد في الأخير نفسه مبعداً عن حسابات المدربين المتعاقبين على العارضة الفنية للخضر، وأسماء أخرى كثيرة، لم تنه مشوارها بالطريقة التي كان بها عطاؤها بقميص الجزائر.

آخر المحاربين الذين شربوا من كأس الخذلان، كان القائد السابق كارل مجاني، الذي أعلن اعتزاله اللعب الدولي، في تغريدة على حساباته الحديثة عبر مختلف شبكات التواصل الاجتماعي، لينهي بذلك مشواره الدولي، بعطاء كبير، وأرقام مميزة، توّجها بحمل شارة القيادة، لكن بنهاية لم يكن يتمناها.
مجاني اللاعب الذي سبق له حمل قميص نادي ليفربول العريق، الذي كان يتوقع الجميع تألقه الكبير، شاء القدر دائماً خيارات أخرى له، فانقلبت به الأحوال، وعاد أدراجه الى الدوري الفرنسي، وفُرض عليه تغيير مركز لعبه، والتحول من الوسط الدفاعي إلى محور الدفاع، ليبدأ مشواره من الصفر لأجل العودة إلى سدة المجد.

ولأن الحياة دائماً ما تحمل المفاجآت بين جنبات الأيام، سنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم قانون تغيير الجنسيات المعروف تحت اسم "قانون البهاماس"، ليجد نفسه بين عشية وضحاها ضمن قائمة المنتخب الجزائري لكأس العالم 2010، ورغم بداياته المتوسطة والمحتشمة، إلا أن عجلة الزمن عادت به إلى مرحلة نادي ليفربول، ليقرر المدير الفني البوسني، وحيد حليلوزيتش، أن يحفر في تاريخ اللاعب، ويعيده إلى أصله لاعباً في الوسط، ويتحول من اللاعب العالة، الذي سرق مكان آخرين في مونديال جنوب أفريقيا، إلى اللاعب الذي لا يستغني المدرب عنه، نظراً للمستوى الذي كان يقدمه فوق المستطيل الأخضر، والصلابة التي كان يمنحها لدفاع الخضر باستماتته في وسط الميدان.

اليوم يجد مجاني نفسه وحيداً يودّع حاضره، ينهي مستقبله، ويبكي ماضيه مع المنتخب الذي جمعه به القدر، وقدّم له كلّ ما يمكن تقديمه، لينهيه وحيداً بمنشور على صفحات التواصل الاجتماعي، وبغصة وهو يرى الطريقة التي ودّع بها زميله السابق رفيق حليش، بالتتويج القاري، تلاه اعتزال بمباراة في أكبر الملاعب الجزائرية، حمل فيها على الأعناق.


لربما كان مجيء مجاني ثقيلاً على القلوب، فكانت نهايته ثقيلة على قلبه، لكن من تسبب في ذلك المجيء، كان أول من عاقبه بالإبعاد، يوم تجرأ ونطق الحقيقة بعد الهزيمة أمام نيجيريا ضمن تصفيات كأس العالم 2018، وقال إن المنتخب الجزائري ليس قوياً ما دام غير قادرٍ على هزم الكبار، لكن اليوم مجاني ينهي مشواره، ونحن جميعاً متيقنون أنك قدمت كلّ ما لديك، ونقدّر كل ما فعلته كلاعب أو كقائد، حتى وإن كان باب خروجك ضيقا، فلن تخرج من قلوب المشجعين أبداً.
المساهمون